بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

في اجتماع غامض مع القادة العرب

«ماكرون» لرجل البيت الأبيض: أوقف حرب غزة لتنال نوبل للسلام

بوابة الوفد الإلكترونية

اجتمع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع قادة ومسئولين من دول عربية وإسلامية فى مدينة نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث الوضع فى غزة والحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس. وقد ضم الاجتماع شخصيات بارزة من المنطقة والعالم الإسلامى. استمر اللقاء قرابة خمسين دقيقة، ولم يسمح خلاله بطرح أى أسئلة من الصحفيين سواء قبل بدايته أو بعد انتهائه. وقبل الدخول إلى قاعة المحادثات اكتفى ترامب بالقول أمام وسائل الإعلام إن الاجتماع سيكون «بالغ الأهمية»، وفى ختام الجلسة رفع هو وعدد من القادة من بينهم رئيس إندونيسيا أيديهم فى إشارة إلى أن اللقاء كان إيجابيًا. أردوغان وصف المحادثات بأنها مثمرة للغاية وأعلن عن أنه سيتم إصدار بيان مشترك عقبها، لكن البيان لم يصدر حتى وقت متأخر. وفى الوقت نفسه ذكرت هيئة الإذاعة والتليفزيون الإماراتية أن المناقشات ركزت بشكل رئيسى على وقف الحرب فى غزة وضمان إطلاق سراح الرهائن.

فى وقت سابق من نفس اليوم ألقى ترامب خطابًا مطولًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هاجم فيه الدول التى اعترفت بالدولة الفلسطينية، معتبرا أنها منحت حماس «مكافأة باهظة». وأكد ترامب أنه سعى مرارا لإنهاء الحرب فى غزة لكنه ألقى باللوم على حماس مدعيا أنها رفضت عدة مقترحات معقولة لوقف إطلاق النار.

وبينما حرص ترامب على تقديم نفسه كصوت حاسم لإنهاء الحرب، صعد القادة العرب والإسلاميون من نبرتهم فى خطاباتهم أمام الأمم المتحدة. فقد اتهم الشيخ تميم بن حمد آل ثانى إسرائيل بانتهاك سيادة قطر والقانون الدولى من خلال هجومها فى الدوحة على قيادة حماس، ووصف الهجوم بأنه «إرهاب دولة»، مؤكدا أن الغارة أعاقت الجهود الرامية لإطلاق سراح الرهائن. وأضاف أن ما ترتكبه إسرائيل فى غزة يمثل إبادة جماعية حقيقية وأن العالم بأسره صُدم بمستوى العنف الذى شاهده. وأوضح أن قطر لا يمكنها التعاون مع سياسات تتجاهل القانون الدولى أو تتعارض مع مبادئ العدالة.

أما الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فاعتبر أن غزة تتعرض لإبادة جماعية منذ أكثر من سبعمائة يوم، واستعرض صورا مروعة لنساء يقفن فى طوابير للحصول على مساعدات غذائية ولرضيع يعانى من سوء التغذية، فى محاولة لإظهار البعد الإنسانى المأساوى للحرب.

مسئول فلسطينى رفيع تحدث لصحيفة هآرتس الإسرائيلية معتبرا أن خطاب ترامب كان بمثابة ضوء أخضر لنتنياهو لمواصلة العمليات العسكرية فى غزة والسعى لضم أجزاء من الضفة الغربية. وقال إن لغة ترامب تعكس تبنيًا كاملًا للرواية الإسرائيلية، ودعا الدول العربية والمجتمع الدولى إلى التأكيد أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس مجرد إجراء رمزى وإنما خطوة سياسية عملية.

لكن ترامب لم يكتفِ بمواقفه بشأن غزة، إذ استغل خطابه ليشن هجومًا غير مسبوق على الأمم المتحدة نفسها. فقد حذر من أن الدول ستذهب إلى «الجحيم» إذا استمرت فى تبنى سياسات الطاقة الخضراء وفشلت فى وقف الهجرة غير النظامية. واعتبر أن الوقت قد حان لإنهاء ما وصفه بـ«تجربة الحدود المفتوحة الفاشلة». وأكد أن الأمم المتحدة لم تعد هيئة ذات صلة وأنها فشلت فى أداء مهمتها الأساسية المتمثلة فى ضمان الأمن والاستقرار الدوليين. وقال ساخرًا إن المنظمة تكتفى بكتابة رسائل شديدة اللهجة لكنها لا تتابع شيئًا، مشددًا على أن «الكلمات الجوفاء لا تحل الحروب».

خطاب ترامب لم يخلُ من لحظات استعراض وسخرية. فقد تحدث عن عطل فى جهاز التلقين داخل القاعة وعن سلم كهربائى متوقف وصفه بأنه الشيء الوحيد الذى تلقاه من الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن السيدة الأولى كانت ستسقط لولا لياقتها البدنية. وأثار بعض الضحك بين الحضور رغم أن معظم وجوههم بدت جامدة. ووجه هجومًا خاصًا لألمانيا بسبب سياساتها فى الطاقة والهجرة، وانتقد الصين والهند باعتبارهما الممولين الرئيسيين لحرب روسيا فى أوكرانيا، كما اتهم فنزويلا بأنها تدير الإرهاب وتهريب المخدرات.

بريطانيا لم تفلت من انتقاداته أيضا، إذ قال ترامب إن لندن تريد تطبيق الشريعة الإسلامية، فى إشارة إلى سياسات رئيس الوزراء كير ستارمر الذى تعرض لانتقادات من حزبه بسبب استقباله الفاتر لترامب الأسبوع الماضى. ولم تسلم فرنسا من تعليقاته، إذ تطرق إلى قضية الرسوم الجمركية على النبيذ الأوروبى ساخرًا من الخلاف التجارى القائم.

ترامب لم ينسَ أن يذكر رغبته فى الحصول على جائزة نوبل للسلام، قائلًا إنه يستحقها عن إنجازاته فى إنهاء عدد من الحروب، رغم أن كثيرا من النزاعات التى أشار إليها لم تكن قائمة أصلًا حين ادعى التدخل فيها. وأضاف أن ما يهمه ليس الفوز بالجوائز بل «إنقاذ الأرواح»، قبل أن يتساءل عن سبب تجاهل الأمم المتحدة لمنحه الفضل.

هذا الطرح دفع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى الرد العلنى على ترامب قائلًا إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يمثل مكافأة لحماس بل خطوة ضرورية. وفى مقابلة مع قناة فرنسية قال ماكرون إن جائزة نوبل للسلام لا تمنح إلا بوقف الحرب فى غزة والإفراج عن الرهائن، مضيفًا أن على الولايات المتحدة أن تضغط على إسرائيل إذا كانت جادة فى إنهاء الصراع. وأوضح أنه يرى رئيسًا أمريكيًا فاعلًا يسعى للسلام لكن التقدير لن يأتى إلا عبر أفعال ملموسة لا عبر خطابات طويلة.