بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الرئيس الأمريكى يقلب الطاولة فى نيويورك

بوابة الوفد الإلكترونية

أثار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عاصفة من الجدل فى أروقة الأمم المتحدة بعدما فاجأ الوفود بتصريحاته الأكثر دعمًا لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب، مؤكدا أن كييف لا تملك فقط القدرة على الصمود أمام روسيا وإنما أيضا استعادة كل الأراضى التى خسرتها. جاء هذا الموقف عبر منشور على منصة تروث سوشيال نشره ترامب عقب لقائه الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى وكان لافتا لأنه يناقض تصريحاته السابقة التى جزم فيها بأن أوكرانيا لن تتمكن من هزيمة موسكو، كما أنه تباين مع رؤيته السابقة التى ربطت إنهاء الحرب بتسوية سياسية تقوم على تنازلات إقليمية من جانب كييف.

أوروبا التى فوجئت بالتحول الجديد وقفت بين الارتياح والريبة، حيث يعلم مسئولوها أن ترامب يغير مواقفه بوتيرة سريعة وأن مكالمة واحدة مع فلاديمير بوتين قد تكفى لعكس الاتجاه وهو ما يصعب عليهم صياغة رد ثابت سواء على الحرب الأوكرانية أو على الاستفزازات الروسية المتصاعدة فى أجواء أوروبا. ورغم ذلك عبر وفد الاتحاد الأوروبى فى نيويورك عن ارتياح حذر، حيث وصف أحد الدبلوماسيين تصريحات ترامب بأنها الأقوى حتى الآن لكنه أضاف ساخرًا أنها لا تبعد إلا مكالمة هاتفية واحدة من الانقلاب عليها.

ترامب حاول توضيح خلفية موقفه الجديد خلال محادثة مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون معترفًا بخيبة أمله فى بوتين وقال إنه اعتقد أن علاقتهما الشخصية ستجعل إيقاف الحرب مسألة سهلة لكن الواقع أثبت العكس. وفى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كرر ترامب هذه الفكرة قائلًا إن عجز بوتين عن كسب الحرب لا يعزز صورة روسيا بل يضعفها ثم زاد من حدة موقفه حين أجاب بالموافقة على سؤال حول ما إذا كان ينبغى لحلف شمال الأطلسى إسقاط الطائرات الروسية التى تخترق مجاله الجوى بشكل متكرر.

ماكرون بدوره رحب علنًا بما وصفه بالتحول المهم فى خطاب ترامب وقال إن هذه التصريحات تعكس اعترافًا بتراجع الاقتصاد الروسى وتؤكد أن الولايات المتحدة باتت تؤمن بقدرة أوكرانيا على حماية حقوقها وفرض احترامها. وبالنسبة للأوروبيين الذين أنفقوا شهورا فى محاولة إقناع ترامب بأن بوتين هو المسئول الأول عن استمرار الحرب فإن هذا التغيير بدا بمثابة تبرير لجهودهم السابقة.

وصفت كبير الدبلوماسيين الأوروبيين كايا كالاس منشور ترامب بأنه الأقوى منذ توليه منصبه ورأت أنه يعكس تقارب الفهم بين أوروبا وواشنطن. كما استفادت أورسولا فون دير لاين من هذا الموقف بعد أن تعرضت فى الأشهر الأخيرة لانتقادات حادة بسبب تقاربها مع ترامب وتوقيعها اتفاقا تجاريا مع واشنطن وُصف بأنه إهانة لبروكسل.

فون دير لاين كانت قد التقت ترامب قبل سويعات من نشر بيانه مؤكدة له أن الاتحاد ماضٍ فى التخلص من الاعتماد على الطاقة الروسية وهو ما وصفته بأنه خطوة حتمية. ووفقًا لمسئول أوروبى فإن فون دير لاين كثفت اتصالاتها مع ترامب، وأصبحت على تواصل دائم معه لإخطاره بهجمات روسيا على بعثة الاتحاد الأوروبى فى أوكرانيا، وبقضية الأطفال الأوكرانيين المختطفين كما ناقشت معه العقوبات الجديدة التى استهدفت أصولا صينية مرتبطة بموسكو والتى أبدى ترامب اهتمامًا خاصًا بها.

لكن خلف موجة الترحيب الأولى ظلت الشكوك قائمة، إذ اعتبر كثير من المسئولين الأوروبيين أن تصريحات ترامب قد لا تكون أكثر من مناورة استفزازية ضد بوتين وأنها لا تعكس بالضرورة تغييرًا فعليًا فى السياسة الأمريكية. وبعد محاولات أوروبية استمرت أشهرًا لإقناع ترامب بفرض رسوم وعقوبات أشد على روسيا تضاءل الأمل فى أى انخراط أمريكى حقيقى فيما يزداد الشعور بأن الثقة فى أقوال ترامب تظل ضعيفة للغاية.

أحد المقربين من ماكرون لخص الوضع بمرارة قائلًا إن ما يعلنه ترامب يوم الاثنين لا يمكن ضمان أن يبقى قائما حتى يوم الثلاثاء، وهو ما يجعل الحلفاء عالقين بين آمال مؤقتة وشكوك دائمة حول مدى جدية الرئيس الأمريكى فى دعم أوكرانيا حتى النهاية.