«العلامات التجارية».. خرابة

العلامات التجارية شريان الاستثمار وروح التجارة تتحول إلى خرابة تخنق المستثمرين وتثير غضبهم.
طرف خيط هذه الكارثة يبدأ مع نقل تبعية إدارة «العلامات التجارية» من وزارة التموين، إلى الجهاز المصرى للملكية الفكرية عقب صدور قانون إنشاء الجهاز رقم 163 لسنة 2023، والذى دخل حيز النفاذ فى 7 أغسطس من العام نفسه.
وكان متوقعا بعد هذه النقلة أن تشهد «العلامات التجارية» طفرة كبيرة، خاصة بعد أن صارت تابعة لمجلس الوزراء ذاته، وليس لوزارة من الوزارات، ولكن ما حدث كان هو العكس تماما.. تدهورت أحوالها بشكل كبير، وتحولت إلى مركز لتعذيب المترددين عليها من المستثمرين ووكلائهم، ودخلت فى دوامة من الفوضى، لم تشهدها على مدى تاريخها الممتد لأكثر من 85 عاما!
وصلت أزمة «العلامات التجارية» إلى حد غريب: المكاتب بلا أوراق ولا أحبار لطباعة شهادات التسجيل.، وبسبب ذلك يستغرق استخراج شهادة واحدة شهرا كاملا، وهذا التأخير لا يرجع فقط لنقص المستلزمات، بل أيضًا إلى بطء انتقال الملفات بين مقر الإدارة فى مدينة نصر والمقر الرئيسى للجهاز بشارع قصر العينى.
النتيجة كانت كارثية: انهيار حاد فى معدلات العمل، فبعد أن كانت «العلامات التجارية» تستقبل أكثر من 200 طلب يوميًا، لا تتعامل الآن إلا مع نحو 70 طلبًا فقط، أما بقية الطلبات فيُرفض استلامها، ولا يسمع مقدمو الطلبات من المستثمرين ووكلائهم سوى العبارة المعتادة: «فوت علينا بكرة»، وهى عبارة تحولت إلى شعار دائم، يشعل غضب المتعاملين، خصوصًا القادمين من الدلتا والصعيد.
كما تراجعت إيرادات «العلامات التجارية» بشكل غير مسبوق، وهو ما انعكس سلبا على إيرادات جهاز حماية الملكية الفكرية، حتى بلغ عجز موازنته الجارية 5 ملايين جنيه!
مصادر داخل «العلامات التجارية» تؤكد أن السبب الأكبر للأزمة هو طريقة الإدارة، فقيادات الجهاز يحاولون تسيير «العلامات التجارية» بنفس الأسلوب المطبق على «براءات الاختراع»، رغم أن الفارق بين الاثنين هائل، فبراءات الاختراع لم تستقبل سوى 1860 طلبا فى عام 2024، بينما تلقت العلامات التجارية 42 ألفًا و538 طلبًا فى نفس العام.
وهو ما يعكس اختلافا كبيرا بين عمل الجهتين، ولكن قيادات جهاز حماية الملكية الفكرية يصرون على إدارة «العلامات التجارية» بنفس طريقة «براءة الاختراع»!
«صحيح أن مكتب براءات الاختراع حصل الأسبوع الماضى على شهادة الأيزو فى إدارة الجودة، لكن ما ينجح فى البراءات ليس شرطًا أن ينجح فى العلامات، فالبراءة تحمى ابتكارا أو عملية تقنية، أما العلامة التجارية فتحمى اسما أو شعارا يميز منتجا أو خدمة، وبالتالى فإن فلسفة العمل مختلفة تماما، وهو ما يستوجب أن تكون طريقة الإدارة مختلفة فى كل منهما.
ويبقى إنقاذ «العلامات التجارية» مهمة وطنية عاجلة فى رقبة الدكتور هشام عزمى رئيس الجهاز المصرى للملكية الفكرية، وأيضا فى رقبة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء التابع له مباشرة هذا الجهاز شديد الأهمية للاستثمار وللاقتصاد الوطنى.
صرخة أخيرة: أنقذوا «العلامات التجارية» من الغرق.. أنقذوها لتنقذ ميزانية الجهاز المصرى للملكية الفكرية، والتى حققت خسائر بلغت 5 ملايين حنيه فى موازنتها الأخيرة!