أين إيفتوشنكو؟!

<< الشاعر الروسى يفغينى ايفتوشنكو (١٩٣٢-٢٠١٧) اشتهر بأنه صديق مصر، زارنا فى الستينيات من القرن الماضى، وأعدت له مجلة الهلال عددًا تذكاريًا وقت أن كان يرأس تحريرها أحمد بهاء الدين وأشرف على اعداد الملف التاريخى الرائع رجاء النقاش.
<< أهمية ايفتوشنكو أنه كان يلخص شخصية الاتحاد السوفياتى، فقد كانت قصائده تعبر عن الاشتراكية والوحدة وتحس على العمل والمستقبل.. كان يؤمن بقضية إعمال العقل وله كتاب مهم فى ذلك بعنوان (كشاف المستقبل)، ولد ايفتوشنكو فى ١٨ يوليو عام ١٩٣٢ فى قرية زيما قريبة من سيبيريا.. ولكن أصوله من أوكرانيا بدأ نشاطه الأدبى بكتابة الشعر فى عام ١٩٤٩ وأصدر أول كتاب له بعنوان كشاف المستقبل وأصبح أصغر عضو فى اتحاد الكتاب فى الاتحاد السوفياتى.
<< اشتهر ايفتوشنكو بالجرأة ومواجهة السلبيات السياسية والاجتماعية وخاصة فى سنوات الانفتاح العقلى التى تلت عصر ستالين.
<< لم يقتصر عطاؤه على الشعر، فقد كتب اثنى عشر رواية وعشرين كتابًا للمقالات والدراسات الأدبية والاجتماعية السياسية وانتشرت كتبه لأنه وصف بأنه صوت الشباب، وكان دائم التمرد لا يقنع برؤية ثابتة؛ عاش سنوات طويلة فى موسكو ثم تركها إلى ضواحى سيبيريا. فى عام ١٩٩١ انتقل إلى العيش فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عاش سنوات فى نيويورك وكتب هناك ثلاثة دواوين شعرية هى (قيود أوكرانية) و(قصائد) و(من بقايا الذاكرة) ومن قصائده السياسية الجريئة (ورثة ستالين) التى هزت الأوساط السياسية والأدبية وقال عنها الشاعر الداغستانى رسول حمزاووف: هى ليست قصيدة؛ بل إعلان حرب؛ ووصفها اديبنا يوسف إدريس بأنها قنبلة انفجرت وسط بحيرة راكدة ووصف ايفتوشنكو بأنه جبرتى الستينيات. 
<< من كتبه الجادة والنقدية كتاب (العمق الرمادى) كشف فيه بكل جرأة خفايا العهد الستالينى وكثير من الجوانب السلبية فى الحياة الادبية والثقافية؛ وكان الرئيس خروشوف يحبه ويقتنع بفكره.
<< حينما زار ايفتوشنكو مصر شاهد السد العالى ومصنع الحديد والصلب بحلوان واثار النوبة التى أنقذها المثقف الكبير ثروت عكاشة من الغرق وقال عنها معجزة بكل المقاييس، وتأثر كثيرًا بزيارة مصر وحينما عاد إلى بلاده كتب فى صحيفة برافدا أنه زار الحضارة بمعناها الأشمل.
<< ومات ايفتوشنكو عن عمر ٨٣ عامًا فى أول أبريل عام ٢٠١٧ فى الولايات المتحدة الأمريكية. تأثر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بخبر وفاته خاصة أنه مات مغتربًا عن وطنه وقام بعزاء اسرته، وشارك بنفسه فى افتتاح مؤتمر اتحاد الكتاب الروس الذى استمر عشرة أيام فى تأبين ايفتوشنكو، ووصفه بالشاعر الشجاع.
[email protected]