الاتحاد الأوروبي يحرم مستخدميه من ميزة الترجمة الفورية في سماعات آبل الجديدة

في خطوة أثارت تساؤلات واسعة بين محبي منتجات آبل في القارة الأوروبية، أعلنت الشركة أن ميزة الترجمة الفورية في سماعات AirPods Pro 3 لن تكون متاحة في دول الاتحاد الأوروبي حتى إشعار آخر.
القرار المفاجئ جاء رغم أن أوروبا تُعد واحدة من أكثر الأسواق أهمية لآبل، حيث تضم 24 لغة رسمية وأكثر من 280 لغة محلية منتشرة بين شعوبها.
بحسب ما أوضحته آبل عبر صفحة توفر ميزات نظام iOS، فإن الخدمة غير متوفرة حالياً لمستخدمي الاتحاد الأوروبي أو أصحاب حسابات آبل المسجلة داخل دوله، ورغم أن الشركة لم تُفصح عن الأسباب، إلا أن المراقبين يرجحون أن يكون للأمر علاقة مباشرة بالقوانين الأوروبية الصارمة الخاصة بالذكاء الاصطناعي والخصوصية.
فالاتحاد الأوروبي أقر قانوناً حديثاً يفرض قيوداً مشددة على ما يسمى بـ "الاستخدامات عالية الخطورة" للذكاء الاصطناعي، مثل تلك التي قد تتضمن التمييز أو جمع بيانات حساسة من المستخدمين.
وفي حالة ميزة الترجمة الفورية، قد يتطلب عملها تخزين أو معالجة بيانات صوتية، وهو ما قد يثير مخاوف الجهات التنظيمية في بروكسل بشأن كيفية حماية الخصوصية وضمان بقاء البيانات داخل حدود الاتحاد.
آبل بين مطرقة القوانين الأوروبية وسندان المنافسة
من المرجح أن آبل تنتظر موافقة رسمية من الاتحاد الأوروبي قبل أن تتيح الميزة في السوق الأوروبي، هذه الخطوة ليست جديدة، إذ تواجه كبرى شركات التكنولوجيا العالمية دائماً تحديات في الامتثال للقوانين الأوروبية، خاصة تلك المتعلقة بحماية البيانات الشخصية مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR).
لكن اللافت في إعلان آبل هو أن الميزة ستظل متاحة لمستخدمي أمريكا الشمالية وربما للزوار القادمين إلى أوروبا، ما يعني أن الحظر يقتصر فقط على الحسابات المسجلة داخل الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضع مستخدمي المنطقة في موقف محبط مقارنة بغيرهم.
كيف تعمل ميزة الترجمة الفورية؟
الميزة الجديدة تُعتبر إحدى أبرز الإضافات التي قدمتها آبل هذا العام، إذ تتيح للمستخدمين التواصل بسهولة مع أشخاص يتحدثون لغات مختلفة، فإذا كان كلا الطرفين يستخدمان سماعات AirPods، تُترجم المحادثة مباشرة وترسل إلى أذنيهما.
أما إذا كان الطرف الآخر لا يمتلك سماعات آبل، فإن الترجمة تظهر على شاشة هاتف المستخدم سواء كنص مكتوب أو صوت مسموع.
ظهرت هذه الميزة لأول مرة في مؤتمر آبل العالمي للمطورين WWDC ضمن نظام iOS 26، قبل أن يتم إبرازها كواحدة من أهم خواص AirPods Pro 3 خلال فعالية "أروع ما قدمته آبل" التي عقدت مؤخراً.
الأجهزة واللغات المدعومة
الميزة ستتوفر على أجهزة iPhone 15 وما بعده، بشرط أن تعمل بنظام Apple Intelligence، إضافة إلى سماعات AirPods Pro 3 وAirPods Pro 2 وAirPods 4. ويُتوقع أن يبدأ تفعيلها رسمياً مع إطلاق iOS 26 في 15 سبتمبر الجاري.
حالياً، يدعم النظام الترجمة الفورية بين خمس لغات رئيسية هي: الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الإسبانية، والبرتغالية البرازيلية.
وقد أكدت آبل أنها ستوسع قائمة اللغات المدعومة لتشمل الإيطالية واليابانية والكورية والصينية المبسطة خلال عام 2025، ما يعزز من جاذبية الميزة في الأسواق العالمية.
رغم الحماس الكبير الذي أثارته الميزة، إلا أن استبعاد أوروبا من المرحلة الأولى قد يضر بانتشارها. فالاتحاد الأوروبي يشكل سوقاً ضخماً ومتنوعاً، ويُتوقع أن تضغط الحكومات والمستهلكون معاً على آبل لتسريع المفاوضات مع الجهات التنظيمية والسماح بطرح الميزة قريباً.
وفي حال نجحت الشركة في تلبية المتطلبات الأوروبية، قد يُشكل ذلك اختباراً مهماً لقدرتها على الموازنة بين الابتكار والامتثال للقوانين المحلية، خاصة في ظل المنافسة الشرسة مع شركات أخرى مثل سامسونج وجوجل التي تطور بدورها أدوات ترجمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
غياب ميزة الترجمة الفورية عن سوق الاتحاد الأوروبي يسلط الضوء على الصراع المستمر بين شركات التكنولوجيا العملاقة والقوانين التنظيمية الصارمة، وبينما يستمتع مستخدمو أمريكا الشمالية بهذه الخاصية، يبقى الملايين من مستخدمي آبل في أوروبا في حالة انتظار، ريثما تجد الشركة حلاً وسطاً مع بروكسل.
في النهاية، قد يحدد هذا الملف مستقبل انتشار تقنيات الترجمة الذكية عبر الأجهزة القابلة للارتداء، ومدى قدرة الشركات على التكيف مع بيئات تنظيمية مختلفة، وهو ما يجعل قرار آبل مؤشراً مهماً على شكل المنافسة في السنوات المقبلة.