بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لفت نظر

فقط «فرصة للتنفس»

قرار مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى (البنك المركزى الأمريكى) بخفض أسعار الفائدة بعد فترة من التشديد النقدى، يحمل تأثيرات متشابكة على الاقتصاد العالمى، وعلى اقتصادات الأسواق الناشئة مثل مصر على وجه الخصوص. فما بين آمال الانتعاش ومخاطر التضخم، يبقى السؤال: هل خفض الفائدة الأمريكية خطوة إنقاذ أم بداية دورة جديدة من التحديات؟
عندما يخفض الفيدرالى سعر الفائدة، فإنه يرسل إشارات مباشرة لأسواق المال: تشجيع الاقتراض، إنعاش الاستثمار، وزيادة السيولة. ولأن الدولار هو العملة المهيمنة على التجارة العالمية والاحتياطيات، فإن قرارات الفيدرالى تمتد كأمواج تؤثر فى جميع الاتجاهات.
خفض الفائدة يضعف الدولار أمام العملات الأخرى، وهو ما يريح الدول المدينة بالدولار، ويجعل السلع الأولية كالبترول والمعادن أرخص فى الأسواق العالمية، ما يدفع عجلة الاقتصاد.
من زاوية النظر المصرية، فإن لخفض الفائدة الأمريكية تأثيرات مزدوجة ما بين إيجابيات محتملة وسلبيات كبرى لو لم يتم التعامل بالحكمة المطلوبة من ضمن ايجابيات القرار بخفض الفائدة الأمريكية على الاقتصاد المصرى.. زيادة الاستثمارات غير المباشرة تكون مدفوعه بتراجع عوائد الاستثمار فى أدوات الدين الأمريكية، وقد تتجه بعض رؤوس الأموال إلى أسواق ناشئة مثل مصر بحثا عن عوائد أعلى، خاصة إذا استقرت الأوضاع السياسية والاقتصادية.
أيضا فإن ضعف الدولار عالميا يخفف الضغط على سعر الصرف، ما قد يسهم فى استقرار الجنيه المصرى مؤقتا.
مع ظهور تسهيلات جديدة قد تفتح لمصر فى الحصول على قروض أو سندات دولية بشروط أخف.
أما السلبيات فمنها هروب محتمل لرؤوس الأموال حال خفض البنك المركزى المصرى للفائدة تبعا للفيدرالى الأمريكى وقد يحدث ضغط على السيولة الدولارية، خاصة فى حال استمرار فجوة الثقة بين المستثمرين وسوق الصرف.
وبالتالى سوف يحدث تأثير محدود على التضخم المحلى خاصة فى بلد يعانى من تضخم هيكلى بسبب الإنتاج واللوجستيات والاعتماد الكبير على الاستيراد، وبالتالى لن يؤدى خفض الفائدة الخارجى وحده إلى كبح جماح الأسعار داخليا.
اما إذا تم الاعتماد على تدفقات «الأموال الساخنة» دون إصلاح جذرى فى بيئة الاستثمار، فقد يؤدى ذلك إلى هشاشة لذلك يجب على البنك المركزى المصرى أن يوازن بدقة بين دعم النمو عبر خفض الفائدة محليا، وبين الحفاظ على جاذبية الجنيه كوعاء ادخارى فى ظل ضغوط التضخم.
تجربة السنوات الماضية أظهرت أن اتباع سياسة نقدية معزولة عن السياق المحلى ينتج نتائج عكسية. التحدى الحقيقى هو تحقيق تنسيق فعال بين السياسة النقدية والمالية، والاستثمار فى الإنتاج الحقيقى، وليس فقط فى أدوات الدين.
خفض الفيدرالى الأمريكى للفائدة يمنح مصر وغيرها من الدول الناشئة «فرصة تنفس»، لكن دون إصلاحات حقيقية فى هيكل الاقتصاد، ستكون هذه مجرد هدنة مؤقتة. الحل لا يكمن فى اللحاق الأعمى بقرارات البنوك المركزية الكبرى، بل فى فهم الظروف المحلية، والتحرك بحكمة توازن بين الاستقرار والنمو.

[email protected]