بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

د. إبراهيم نجم الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم:

لا تشدد فى الإسلام.. ولا تطرف فى أحكامه

بوابة الوفد الإلكترونية

اساسية للاديان «الإسلاموفوبيا» تضاعفت بسبب تشويه صورة الدين

الفتاوى الشاذة سبب تمزيق المجتمعات الإسلامية

الربيع العربى أسهم فى تنامى تأثير الإسلام السياسى

 

الدكتور إبراهيم نجم مستشار المفتى الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم قامة علمية كبرى صاحب مسيرة طويلة فى دار الإفتاء.

«نجم» كان من العشرة الأوائل فى الثانوية الأزهرية عام ١٩٩١م.

واصل دراسته بجامعة الأزهر قسم الدراسات الإسلامية باللغة الانجليزية وكان ترتيبه الأول على الدفعة عام ١٩٩٥ م بدرجة جيد جدا مع مرتبة الشرف.

ابتعث إلى جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية كباحث زائر فى كلية القانون بقسم دراسات الفقه الإسلامى وقام بإلقاء المحاضرات وعقد السيمنارات المتعلقة بدراسة الفقه الإسلامى عام ١٩٩٦.

نال شهادة الدكتوراه 2005 فى مجال «الدراسات الدينية» من جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية.

حاضر بجامعة سينت جونز فى نيويورك منذ عام ٢٠٠٤ فى الدراسات الإسلامية واللغة العربية، عمل نجم مديرًا للمركز الإسلامى للساحل الجنوبى بنيويورك منذ عام ١٩٩٨ إلى 2001 كما عمل مديرًا للمؤسسة الإسلامية للتعليم والتربية بنيويورك منذ عام ٢٠٠٥ م.

مستشار دينى فى مقر الأمم المتحدة بنيويورك من ٢٠٠١ إلى ٢٠٠٤م

مستشار فضيلة مفتى الديار المصرية منذ ٢٠٠٦ إلى الآن

مؤسس ومدير مرصد الفتاوى المتشددة والآراء التكفيرية بدار الإفتاء ٢٠١٤م

الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم من ٢٠١٦ إلى الآن

ظهر فى العديد من البرامج التليفزيونية والإذاعية الأمريكية كمحاضر وخبير فى الشئون الإسلامية خاصة بعد أحداث ١١ سبتمبر وكتب العشرات من المقالات فى الصحف الأمريكية الشهيرة مثل الواشنطن بوست والنيويورك تايمز والنيوزداي

عضو بالأكاديمية الأمريكية للأديان وهى مجمع أكاديمى يهتم بقضايا الحوار بين الأديان والحضارات

نظم العديد من المبادرات فى مجال الحوار بين الأديان وأسس وحده الحوار بين الأساقفة الكاثوليك ومسلمى الساحل الشرقى للولايات المتحدة.

اختير كأفضل قيادة إسلامية فى نيويورك الذكرى العاشرة لأحداث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠١١م.

اختير سفيرا للسلام بولاية نيويورك ٢٠١٣ وتم تكريمه رسميًا هناك من حاكم الولاية

حضر العديد من المؤتمرات الدولية حول العالم ممثلا لدار الإفتاء

ألّف العديد من الكتب باللغة الإنجليزية فى مجال الدراسات الإسلامية والحوار بين الأديان، اختير أمينًا عامًا لدور وهيئات الإفتاء بالعالم بإجماع الأعضاء المؤسسين فى 17 أكتوبر 2016، حتى تم التجديد له، وقد شهدت الأمانة العامة على يديه طفرة كبيرة نتيجة جهوده الوطنية والعلمية المخلصة، «الوفد» التقت الدكتور إبراهيم نجم الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، وهذا نص الحوار،،

 < ما الدور الذى تنهض به الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم اليوم؟

<< الأمانة العامة منصة تنسيق مهنى بين هيئات الإفتاء، تبنى المعايير الحاكمة للممارسة الإفتائية، وتنقل الخبرات عبر مؤتمرات سنوية وبرامج بناء القدرات. فى مؤتمرنا الدولى العاشر تحت شعار «صناعة المفتى الرشيد فى عصر الذكاء الاصطناعى» ركزنا على الكفايات العلمية والمهارية والأخلاقية وعلى توظيف الرقمنة دون التفريط فى مركزية الإنسان فى إصدار الفتوى. كما أطلقنا مبادرات نوعية عبر «مركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا» لخدمة الرصد والبحث والتدريب والشراكات الدولية. وتكمن أهمية الأمانة العامة فى سياق زمانها ومكانها، خاصة أن العالم يشهد الآن موجات عنف متتالية وتيارات تبحث عن فتاوى تبرر لها العنف، وتتبع الأمانة العامة استراتيجية محددة، فقد كانت أمانة الإفتاء فى العالم أول مؤسسة إسلامية فى العالم تعنى بتجميع وتكتيل المؤسسات والهيئات الإفتائية فى شتى بقاع الأرض، لتعيد إلى الفتوى دورها الإيجابى فى حياة المجتمعات والشعوب ولتزيل عنها ما لحق بها بسبب تصدر غير المؤهلين والمختصين وأنصاف العلماء وأصحاب التوجهات المتطرفة للفتوى والرأى الدينى. وقد حققت الأمانة العامة العديد من الإنجازات فى مختلف الأصعدة، ففى العام الماضى صدرت أكبر موسوعة علمية للفتوى وتم تدشين موقع عالمى للتحقق من الفتاوى باستخدام الذكاء الاصطناعى، وكان هناك سبق فى إصدار موسوعات علمية ووثائق دولية وأدلة إرشادية لتعزيز الحوار والسلام، وأصدرت العديد من الأدلة الإرشادية باللغات المختلفة، منها الدليل الإرشادى لمكافحة الإسلاموفوبيا، والدليل الإرشادى للحوار الدينى، والدليل الإرشادى للدبلوماسية الرقمية والدليل الإرشادى لمكافحة السيولة الفكرية.

< فى أى مجالات يمكن للذكاء الاصطناعى أن يخدم منظومة الفتوى؟

<< الذكاء الاصطناعى مفيد فى الفرز الأولى لأسئلة الجمهور، والترجمة الفورية متعددة اللغات للجاليات، واسترجاع المدونات التراثية بسرعة، والتحليلات الإحصائية لاتجاهات الأسئلة. لكنه يظل مساعدًا معرفيًا، أما الإفتاء فمسئولية بشرية محضة تضبطها المقاصد والاعتبارات الواقعية والضمير المهنى. نعتمد أطر الحوكمة العالمية مثل توصية اليونسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعى ومبادئ منظمة التعاون الاقتصادى وأطر إدارة المخاطر الصادرة عن NIST، مع الإحالة إلى اللائحة الأوروبية للذكاء الاصطناعى بما فيها تصنيف المخاطر.

< وكيف يمكن الاستفادة من استخدامات الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا الحديثة خاصة فى دار الإفتاء؟

<< ربط جسور التواصل بين الذكاء الاصطناعى والعلوم الإسلامية بالتأكيد ينتج فرصًا هائلة لخدمة العلوم الشرعية وتفصيلاتها، بما فى ذلك علوم الفتوى، وقد قطعت دار الإفتاء فى السنوات الماضية خطوات كبيرة فى استخدام التكنولوجيا الحديثة، وتناولت كل ما هو جديد فى عالم «السوشيال ميديا» وإطلاق عدة حملات إلكترونية، وانتهينا من المرحلة الثانية من محرك البحث الإلكترونى للمؤشر العالمى للفتاوى، ونسعى إلى تفعيل آليات الذكاء الاصطناعى فى التحليل والتصنيف والاستبعاد بعد أن تم جمع أكثر من مليونى فتوى على قاعدة البيانات، إضافة إلى إطلاق بوابة إلكترونية رقمية تشمل مواد متنوعة إعلامية وتحليلية وبحثية وخدمية لتلبية الحاجة الشرعية والإفتائية والمجتمعية عبر منصة موثوق بها، تواجه الفكر المتطرف وترد على الشبهات وتواكب متغيرات العصر.

< ما أبرز التحديات الأخلاقية للتكنولوجيا الحديثة؟

<< أبرزها تحيز الخوارزميات، والشفافية وقابلية التفسير، وحماية البيانات، ومخاطر التزييف العميق وتضليل الجمهور. المعالجة تتطلب سياسات واضحة للتدقيق والتحقق والمساءلة، واعتماد أطر إدارة المخاطر والمعايير الدولية لأنظمة الذكاء الاصطناعى داخل المؤسسات الدينية.

< ما دور المراكز الإسلامية فى الغرب، وما متطلبات تحسين أدائها؟

<< المراكز المعتبرة هى جسور مواطنة واندماج إيجابى وخدمات أسرية وشبابية وتعليم دينى منضبط بالقانون المحلى. تحسين الأداء يبدأ بحوكمة رشيدة، وسياسات حماية الأطفال والنساء، وشفافية مالية، وتمثيل النساء والشباب، والتأهيل المهنى للأئمة، والتعاون مع البلديات والجامعات. توجد أدلة ومراجع عملية صادرة عن مجلس مسلمى بريطانيا وعن «مفوضية الجمعيات» فى المملكة المتحدة، إلى جانب دراسات ميدانية حديثة حول إدارة المساجد.

< هل الإسلاموفوبيا ظاهرة تاريخية أم مرتبطة بما بعد الربيع العربى والإعلام الغربي؟ وهل يمكن القول إن هذه الظاهرة انحسرت مؤخرًا؟

<< الجذور موثقة منذ عقود، وتبلور التعريف البحثى فى تقرير «رَنيميد» عام 1997 وتحديث 2017، ثم تصاعدت المظاهر عقب أحداث 2001 واعتداءات 2015 فى أوروبا. بيانات رسمية أوروبية تظهر ارتفاعًا فى جرائم الكراهية ضد المسلمين خلال الأعوام الأخيرة، كما توثق مراجعات أكاديمية أثر السرديات الإعلامية فى زيادة الصور النمطية. معالجة الظاهرة تحتاج تشريعات وتثقيفًا إعلاميًا وتعاونًا مجتمعيًا لا خطابًا انفعاليا، وقد تضاعفت موجات الإسلاموفوبيا مؤخرًا بشكل كبير نظرًا للصورة الإعلامية الغربية المشوهة التى يتم تصديرها عن الإسلام والمسلمين، ولا شك أن الربيع العربى ساهم فى زيادة الهجرات إلى الغرب وتنامى تأثير الإسلام السياسى فى تلك الفترة، حيث تم رصد أعمال معادية للإسلام فى العديد من البلدان الأوروبية والغربية وزادت حدتها فى عام 2018 وقد تضاعفت الصور الإعلامية السلبية للمسلمين فى الثمانينيات والتسعينيات من خلال التقارير المغلوطة عن الإسلام والمسلمين وتعمد تأجيج المشاعر ضد كل ما هو إسلامى عبر إظهار وتصدير العمليات الإرهابية وربطها بالإسلام. وهى تتزايد فى المجال العام الواقعى والافتراضى، والأمانة العامة لدور الإفتاء تعنى بهذه القضية وتضعها أمام أعينها وتعنى بالخدمات الإفتائية المقدمة للأقليات المسلمة وكيفية إعدادها ومعالجتها ومساعدة صناع القرار فى المؤسسات الدينية والإفتائية على اتخاذ المواقف وبناء السياسات والبرامج التى تحقق الصالح لتلك الجاليات وتدفع فى اتجاه حل مشاكلهم والتغلب على كل المعوقات التى تواجههم والتفاعل الإيجابى مع كل أوضاعهم، فالفتوى الرشيدة تتحرك فى منطقة البناء والعمران والعطاء وخدمة البشرية بشكل يعتمد على العلم والبحث وتستخدم خطوات عملية تساعد أفراد الجاليات المسلمة بالغرب على الاندماج الفعال فى مجتمعاتهم الغربية.

< كيف نصوغ هوية متوازنة للأقليات المسلمة تحفظ التجانس المجتمعى؟

<< المعادلة تقوم على المواطنة الكاملة والالتزام بالقانون واحترام الخصوصيات الدينية. وثائق مرجعية مثل «وثيقة مكة المكرمة» و«وثيقة الأخوة الإنسانية» و«رسالة عمّان» تقدم إطارًا أخلاقيًا جامعًا لاحترام التعددية ورفض الإقصاء. نبنى الهوية عبر التعليم واللغة وخدمة الصالح العام والحوار والشراكة مع مؤسسات المجتمع.

< هل تؤمن بوجود «مؤامرة» على العالم الإسلامى؟

<< أرفض التفسير التبسيطى للمشهد بوصفه مؤامرة واحدة. هناك انحيازات وسياسات ومصالح دولية معقدة، وهناك أيضا كراهية ضد المسلمين موثقة فى تقارير رسمية. العلاج بالعمل المؤسسى والقانونى والتحالفات الذكية، لا بخطاب المظلومية. كما أن للأديان وقادتها دورًا مهنيًا فى منع التحريض على العنف وفق خطة عمل الأمم المتحدة.

< ما منهجية بناء الوعى الجمعى والأخلاقى وقيم التعايش؟

<< ثلاثة مسارات متكاملة. المنظومة التعليمية التى تعلّم التفكير النقدى والفتوى الرشيدة، والإعلام المسئول، والفضاء الدينى الذى يغذى الضمير بالمشترك الإنسانى. مرجعياتنا المعاصرة فى التعايش واضحة، منها وثيقة الأخوة الإنسانية ووثيقة مكة، مع برامج «مركز سلام» للرصد والتدريب ومكافحة خطاب الكراهية. 

< ما موقفكم من مراجعة مؤلفات سيد قطب وحسن البنا؟

<< أدعو إلى مراجعة نقدية علمية تضع النصوص فى سياقها التاريخى وتفرق بين التدين الفردى والأدلجة السياسية، وتكشف مواضع التوظيف المتطرف والقراءة الانتقائية للنصوص. مرصد دار الإفتاء للتكفير والتطرف قدم نماذج تحليلية فى هذا الباب، والغرض تصويب الوعى لا تجريم القراءة.

< ما علاقة الفتوى بإعادة البناء القيمى والتعايش؟

<< الفتوى وظيفة هداية اجتماعية، تصون الضروريات وتوازن بين المقاصد والمآلات. نصوص التراث تؤكد آداب المفتى وتمييز الفتوى عن الحكم والقضاء، كما فى «الإحكام» للقرافى و«إعلام الموقعين» لابن القيم. على هذا الأساس تُستثمر الفتوى لترميم الثقة، وتسكين النزاعات، وإشاعة روح المواطنة.

< ما ضوابط علاقة الفتوى بالنزاعات الدولية؟

<< الضابط الشرعى والقانونى واحد فى جوهره. حماية المدنيين أصل، واستهدافهم محرم. القانون الدولى الإنسانى يقرر مبادئ التمييز والتناسب والاحتياط، وقرارات محكمة العدل الدولية الأخيرة فى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل تذكّر بالواجبات الدولية العاجلة لحماية المدنيين وإتاحة الإغاثة. مهمة الفتوى هى تجريم العدوان على الأبرياء، والدعوة إلى حلول قانونية وإنسانية تحفظ الأرواح والكرامة.

< كيف نطور أداء مؤسسات الإفتاء فى العصر الرقمى مع ضبط المخاطر؟

<< نحتاج استراتيجية تحول رقمى محكومة بمعايير الخصوصية والأمن المعلوماتى، مع سياسات فحص المحتوى، وتدريب المجيبين على التواصل متعدد الثقافات. نعتمد أطر إدارة مخاطر الذكاء الاصطناعى، ونضع سياسات للشفافية وقابلية التفسير والتصحيح.

< ما تفاصيل تطبيق «فتوى برو» وفوائده للجاليات؟

<< «فتوى برو» منصة ذكية متعددة اللغات أطلقتها دار الإفتاء لخدمة المسلمين حول العالم، خصوصًا الأقليات فى الغرب، وتتيح إرسال الأسئلة واستلام الإجابات من متخصصين مع مراعاة السياق المحلى. التطبيق متاح على متاجر الهواتف، وتغطيته الإعلامية أوضحت أهدافه فى تعزيز المرجعية الدينية المنضبطة ومواجهة التطرف والتيه المعرفى. ويكفى أنه وسيلة عصرية للتواصل مع الجاليات المسلمة خاصة الغرب، ليكون بمنزلة المفتى المعتدل والمعين لهم على الحصول على الفتوى الصحيحة.

< من الممكن أن نعتبر أن التأهيل العلمى والإفتائى للأئمة إحدى خطوات تجديد الخطاب الدينى ضمن مشروع دار الإفتاء للتجديد؟

<< تأهيل الأئمة من شأنه المساهمة فى إيجاد خطاب دينى واع بقضايا المجتمع، وخاصة قضايا التنمية، وتحفيز المجتمع بسائر فئاته وخاصة الشباب بشأن العمل والإنتاج والسلوك الإيجابى البنَّاء، وألا يقتصر هذا الخطاب على نطاق التوعية فى الداخل المصرى، ولكن عليه أن يمتدَّ إلى الخارج لاستعادة الريادة المصرية للفكر الإسلامى بل والإنسانى فى العالم كله من خلال تجديد معالم الدين الإسلامى، وتقديم رؤية متكاملة للإسلام الحضارى الساعى لنشر قيم الرحمة والخير والجمال والنور بين الإنسانية كلها بما يزيل الصورة الذهنية القبيحة التى رسمها دعاة الشر والشيطان الذى يدعون الانتساب للإسلام وهو من أفعالهم وشرهم براء، وسبق أن عقدنا مؤتمرًا عالميًّا فى هذا الشأن عام 2016 تحت عنوان «التكوين العلمى والتأهيل الإفتائى لأئمة المساجد للأقليات المسلمة».

< مرصد الفتاوى التكفيرية بدار الإفتاء يقوم بجهد عظيم لتفنيد شبهات التيارات التكفيرية والرد عليها وهل تترجم هذه الردود للغات العالم خاصة فى أوروبا فى ظل علاقة دار الإفتاء بالاتحاد الأوروبى؟

< بكل تأكيد.. فقد قمنا بترجمة العديد من الإصدارات والردود على الجماعات المتطرفة والشبهات التى يثيرونها إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية، فنحن نسعى إلى القيام بدور وقائى فى المقام الأول لمعالجة ظاهرة التكفير المنفلت والفتاوى الشاذة والغريبة، التى كانت سببًا فى تمزيق المجتمعات الإسلامية وإحلال التنازع فيها بدل التعاون، وهدم الدول القائمة وخلق الكيانات البديلة لتحل محل الدول والحكومات، استنادًا إلى فتاوى غريبة وتبريرات شرعية مضللة، ونبوءات دينية مجتزأة‪.

ومرصد الفتاوى التكفيرية بمثابة سبق مصرى على مستوى العالم الإسلامى فى إنشاء وتأسيس أول جهة علمية وبحثية ذات ظهير إفتائى رصين وعريق؛ لذا كان من الأهمية بمكان الوقوف عند هذه الظاهرة لاستجلاء أسبابها والعوامل التى ساهمت فى نشأتها، وهو الأمر الذى يأخذ أولوية قصوى من قِبل فريق عمل المرصد الذى يتألف من نخبة من الباحثين من مختلف التخصصات، الدينية والإعلامية والسياسية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية، إضافة إلى الجوانب الشرعية والإفتائية، ومتخصصين فى رصد ومتابعة مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعى بالإضافة إلى متخصصين فى الجرافيك والفيديو والتصوير، ومترجمين بعشر لغات مختلفة مثل الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية والسواحيلية والأوردو، والمرصد يصدر العديد من الإصدارات الورقية والإلكترونية، ولديه صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى تناهض الفكر المتطرف، ويتم ترجمة كافة إصدارات المرصد إلى أكثر من 11 لغة، ‪. كما أن دور المرصد لا يقتصر على الداخل فقط بل لديه نشاطات فى الخارج، كما يتم ترجمة مخرجات كافة المراكز البحثية بالدار وعرضها عن طريق حسابات الدار المترجمة إلى الإنجليزية والفرنسية بهدف إطلاع كافة المهتمين فى مشارق الأرض ومغاربها‪.

‪ < كيف يمكن نشر مبدأ الوسطية فى المجتمعات الإسلامية؟

<< الأمة الإسلامية تميزت وانفردت بالوسطية، وتعنى التوسط والاعتدال، والوسطية هى الخيار العدل من كل شىء بلا غلو أو تقصير، كما أن الإسلام دين وسط لا غلو فى عقائده ولا تشدد فى أحكامه ولا تطرف فى سلوكياته وأخلاقه، والمنهج الإسلامى هو وحده القادر على تحقيق التوازن بين متطلبات الإنسان المادية والروحية دون طغيان لطرف على آخر؟ ودار الإفتاء المصرية تعمل على نشر الوسطية والدفاع عن الإسلام ومحاربة الفوضى فى الخطاب الإفتائى، فالمتطرفون يعتمدون على فتاوى شاذة ومنحرفة لتبرير إجرامهم، وهو ما يتم العمل على محاربته عن طريق مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة بالدار، الذى يرد عليها ويفندها ويبين انحرافها، ونحن نعمل على معالجة قضايا التطرف الدينى من منطلق رسالتنا الأساسية بأن الهدف الأسمى لكل الأديان هو تحقيق السلم العالمي‪.

< إلى أى مدى تستطيع المؤسسة الدينية فتح حوارات حول مفاهيم الإسلام الأساسية التى يثار حولها لغط كثير؟

<< تسعى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء إلى توظيف آلية المؤتمرات العالمية كإحدى أدوات ضبط الفتوى وترسيخ المنهج الوسطى فى القول والرأى، وقد نجحت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم منذ نشأتها إلى الآن فى عقد أربعة مؤتمرات علاوة على المؤتمر التأسيسى الذى عقدته دار الإفتاء المصرية‪.

وتسعى الأمانة العامة من خلال تلك المؤتمرات السنوية إلى فتح نقاشات والوصول إلى نقاط اتفاق وتوصيات والخروج بمبادرات ومشروعات تثرى جميعها كافة القضايا الدينية المعاصرة التى تواجهها المجتمعات المسلمة فى الوقت الحالى‪.

< ما دور المؤسسات الدينية فى دعم حقوق الإنسان والإصلاح الأخلاقي؟

<< الرسالة الدينية تعضد كرامة الإنسان ومبدأ المواطنة المتساوية. وثائق معاصرة مثل «وثيقة الأخوة الإنسانية» و«وثيقة مكة» تؤكد حماية الحقوق الأساسية، كما أن إعلان حقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامى المطوّر عام 2020 يعيد صياغة التزامات الدول الأعضاء. دور المؤسسات الدينية هو تحويل هذه المبادئ إلى برامج تعليم ومناصرة وشراكات.

< ما مسئوليات وتحديات الحوار بين الأديان وما القواسم المشتركة؟

<< المسئولية الأولى هى الصدق فى الاعتراف بالاختلافات مع الالتزام المشترك بكرامة الإنسان وحرية الضمير ونبذ العنف. التحدى هو تسييس الحوار أو تحويله لاستعراض إعلامى. القواسم المشتركة رسّختها «وثيقة الأخوة الإنسانية» ومسارات عمل منظمات كـ«كايسيد» وغيرها، وتؤكد الانتقال من الخطاب إلى المشروعات المشتركة لخدمة الفقراء والتعليم والسلام.

< كيف نقيّم الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين وقتل المدنيين قانونيًا وأخلاقيًا؟

<< قتل المدنيين وتجويعهم واستهداف المرافق الطبية انتهاكات خطيرة بمقتضى القانون الدولى الإنسانى. قرارات محكمة العدل الدولية شددت على تدفق الإغاثة ومنع الأعمال التى قد تندرج تحت أفعال الإبادة، وأحالت إلى واجبات محددة على الأطراف. موقفنا الأخلاقى والشرعى واضح فى إدانة استهداف أى مدنى ودعم كل جهد لوقف النار والإفراج عن الرهائن واحترام القانون.

< كيف نمنع تأطير الصراع دينيًا على نحو يذكى الكراهية؟

<< نرفض تحويل الصراع إلى حرب أديان. معيارنا حماية الإنسان وكرامته، والاحتكام إلى القانون الدولى وخطاب الأديان فى تجريم الاعتداء على الأبرياء. ندعو المؤسسات الدينية والإعلامية إلى لغة مسئولة ومفردات دقيقة، وإلى تفعيل خطة الأمم المتحدة لقادة الأديان لمنع التحريض على العنف.

< أخيرًا.. ماذا عن محاولات السطو على التراث الفلسطينى ونسبه لهويات أخرى؟

<< التراث الفلسطينى مكوّن إنسانى موثق فى سجلات اليونسكو، من «البلدة القديمة فى الخليل» إلى تراث التطريز الفلسطينى المسجل فى قائمة التراث الثقافى غير المادى. صيانته تتطلب التوثيق والأرشفة والتعليم والدبلوماسية الثقافية، مع حماية المواقع والأزياء والأطعمة كعناوين لهوية أصيلة.