هؤلاء أخطر من الأزمات

في مجتمعاتنا لم تعد الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية هي الأخطر، بل ظهر نمط بشري أكثر فتكا بالنسيج الاجتماعي، وأشد إضرارا بمنظومة القيم ، إنهم ضعاف النفوس الذين لا يملكون من الكفاءة ولا من الخُلق ما يبرر صعودهم، ومع ذلك يتصدرون المشهد ويتحكمون أحيانا في مصائر الآخرين

هؤلاء لا ينجحون لأنهم متميزون، بل لأنهم يتقنون لعبة التسلق ويعرفون جيدا من أين تؤكل الكتف وكم من مدير لا يحترم إلا المنافقين وكم من مسؤول يبني مجده على أكتاف المخلصين وكم من زميل يراك تهديدا فيُقصيك بدلا من أن يتعاون معك ، وجوه متعددة لكن المدرسة واحدة والمناهج ثابتة 
يُقدمون الولاء على الكفاءة ويستبدلون المبادئ بالمصالح، في زمن صارت فيه الأخلاق سلعة تُباع وتشترى ، ما يزيد الأمر مرارة أن المجتمع في كثير من الأحيان يمنحهم الشرعية إما بالصمت أو بالتصفيق والمباركة

الأخطر أن هذا النمط لا يقتصر على ساحة العمل أو السياسة، بل يتسرب إلى كل مفاصل الحياة، حتى إلى بيئة التربية التي نحلم أن نمنحها لأبنائنا ، فكيف نحمي الجيل القادم من مواجهة هذا الفصيل ؟ كيف نضمن أن تظل قلوبهم نقية وسط عالم يعيد تعريف النجاح على انه  القدرة على المناورة والكذب لا على التميز؟

ومع ذلك وسط كل هذه العتمة هناك دائما ضوء ، فكما أن هناك من يهدمون القيم ، يوجد أيضا من يزرعونها بلا مقابل  هؤلاء رغم قلة عددهم يمثلون الأمل الحقيقي ، والمطلوب منا أن نتكاتف حولهم ونمنحهم المساحة والدعم، لأنهم وحدهم القادرون على منح أبنائنا بيئة أكثر عدلا وإنسانية ولو بقدر يسير

أؤكد لكم أن المعركة اليوم لم تعد فقط ضد الفقر أو البطالة أو الغلاء، بل ضد هذا النوع  البشري الذي إذا تُرك بلا مواجهة فلن يكتفي بإفساد الحاضر بل سيصادر المستقبل .  اللهم بلغت اللهم فاشهد