بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ترامب في قلعة وندسور: احتفاء ملكي في مأدبة فاخرة

الرئيس الأمريكي ترامب
الرئيس الأمريكي ترامب وملك بريطانيا

في أمسية غارقة في البريق الملكي، استقبل الملك تشارلز الثالث والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في قلعة وندسور بحفاوة غير عادية، خلال زيارة رسمية وُصفت بأنها واحدة من أكثر الزيارات رمزية في تاريخ العلاقات البريطانية الأمريكية المعاصر. 

ولم تكن مأدبة الدولة التي أُقيمت على شرف ترامب وأسرته مجرد احتفال رسمي، بل عرض للقوة الناعمة والروابط التاريخية العميقة بين البلدين.

كلمات تشارلز: الماضي والحاضر في خطاب ذكي

في خطاب اتسم بالدفء والدقة التاريخية، رحّب الملك تشارلز بترامب وعائلته، مشيرًا إلى "شراكة لا مثيل لها" تربط المملكة المتحدة بالولايات المتحدة. لم يتردد العاهل البريطاني في العودة إلى جذور العلاقة، حيث أشار بنبرة مازحة إلى جده الأكبر الملك جورج الثالث وحرب الاستقلال الأمريكية، قائلاً: "ربما لا يزال المحيط يفصلنا، لكننا الآن أقرب من أي وقت مضى".

وقد نال الخطاب إعجاب الحاضرين، إذ سلط الضوء على التعاون الدفاعي والاستخباراتي، وروابط الثقافة والعلوم والبيئة، قبل أن يختتم بتأكيد التزام الطرفين المشترك بالاستقلال والحرية.

ترامب: "أحد أسمى التكريمات في حياتي"

من جهته، افتتح دونالد ترامب كلمته بتصريح لافت: "هذا حقًا أحد أسمى التكريمات في حياتي". وأضفى على أجواء المأدبة طابعًا شخصيًا ومرِحًا، حيث أشاد بالعائلة الملكية، وخصّ الأمير ويليام بكلمات تقدير، مشيدًا بكونه "ابنًا رائعًا"، كما وصف أميرة ويلز بأنها "مشرقة، جميلة، وتتمتع بصحة جيدة".

كما أبدى إعجابه بالملك تشارلز، مشيرًا إلى معرفته العميقة بالحضور، بما في ذلك من "يحملون أسماء صعبة النطق"، على حد تعبيره.

الأناقة الدبلوماسية: عرض ملكي على مائدة السياسة

حضرت الأميرة كيت بفستان فاخر من الدانتيل الأبيض من تصميم البريطانية فيليبا ليبلي، وتألقت بتاج الأميرة ديانا الشهير. أما الملكة كاميلا، فاختارت فستانًا حريريًا مغربي الطابع من تصميم فيونا كلير، مزينًا بتطريز ملكي، وارتدت تاجًا مرصعًا بالياقوت والألماس.

في المقابل، بدت السيدة الأولى السابقة ميلانيا ترامب بكامل أناقتها، متألقةً بتصميم كلاسيكي يعكس توازنها المعتاد بين البساطة والترف. ورافقها الرئيس ترامب وابنته تيفاني وزوجها رجل الأعمال مايكل بولس، اللذان حضرا أيضًا الزيارة الرسمية الأولى في عام 2019.

المائدة الملكية: تنسيق دقيق وتفاصيل مدروسة

تمتد طاولة المأدبة الملكية 42.32 مترًا، واستغرق تجهيزها أسبوعًا كاملًا. احتوت على 1452 قطعة مائدة مصقولة يدويًا، و139 شمعة، وزُينت بتنسيقات زهرية بألوان وردية وأرجوانية وصفراء، قُطفت من الحدائق الملكية صباح يوم المناسبة. وضم الحفل أكثر من 160 ضيفًا، من بينهم وجوه رفيعة مثل تيم كوك (الرئيس التنفيذي لأبل)، وسام ألتمان (الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI)، وجينسن هوانغ (مدير شركة إنفيديا).

حتى قائمة الطعام لم تكن عشوائية؛ تضمنت أطباقًا من مكونات محلية فاخرة، مثل دجاج نورفولك العضوي، وشربات توت كينتيش، إضافة إلى نبيذ بورتو من عام 1945، تكريمًا لسنة قريبة من ميلاد ترامب.

عرض موسيقي وتحليق جوي لم يكتمل

عقب المأدبة، انضم ترامب إلى العائلة الملكية لحضور عرض "Beating Retreat" التقليدي، بمشاركة أكثر من 200 موسيقي عسكري. وكان من المفترض أن يتوَّج الحدث بتحليق مشترك لطائرات "إف-35" الأمريكية والبريطانية، في إشارة إلى التحالف الدفاعي القوي، إلا أن الطقس الغائم حال دون ذلك، فحلّ فريق "السهام الحمراء" البريطاني مكانهم، في عرض جوي مبهج مزّق سحب السماء بالدخان الأحمر والأبيض والأزرق.

في حضرة الملكة الراحلة

قبل ذلك بساعات، زار ترامب كنيسة القديس جورج، حيث وضع إكليل زهور على قبر الملكة إليزابيث الثانية، واصفًا اللحظة بأنها "شرف عظيم". وقد رافقه الرئيس الأمريكي الحالي في الزيارة، في مشهد عبّر عن وقار اللحظة واستمرارية العلاقات، رغم التغيرات السياسية.

رسائل الزيارة: بين الاحتفاء الشعبي والجدل السياسي

رغم كل مظاهر الاحتفاء الرسمي، لم تخلُ الزيارة من الجدل؛ إذ شهدت لندن مظاهرات معارضة واحتجاجات شعبية، منها بالون "طفل ترامب" الشهير، وصورة عملاقة له مع جيفري إبستين نُصبت على جدار القلعة، في تعبير عن الرفض الشعبي لبعض مواقفه.

لكن، وبعيدًا عن تلك الأصوات، اتخذت الزيارة طابعًا ملكيًا كلاسيكيًا، حيث تجسدت عبر المأدبة وخطابات الطرفين لحظة نادرة من التقاء الرمزية بالتاريخ، ومن الحوار بالبروتوكول.