بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

هوامش

قمة الدوحة صدمت الشارع العربى

انعقدت القمة العربية الإسلامية فى الدوحة عاصمة دولة قطر الشقيقة وسط ترقّب شعبى واسع، إذ كانت الآمال معلّقة على أن يشهد العرب لحظة تاريخية يُترجم فيها الغضب الشعبى إلى قرارات شجاعة توقف العدوان الإسرائيلى وتضع حدًا لاستهتار الاحتلال بالقوانين الدولية والقدرة العربية،لكن ما حدث كان صادمًا.

البيان الختامى جاء مليئًا بالعبارات المكررة: إدانة، شجب، دعوة المجتمع الدولى للقيام بمسئولياته.. عبارات استهلكها الزمن وفقدت تأثيرها، حتى بدت وكأنها مجرد محاولة لملء الفراغ الإعلامى لا أكثر. لم يتضمن البيان خطوات عملية، ولم يوجّه حتى رسالة ردع سياسية حقيقية لإسرائيل.

هذا الضعف الذى تجلى فى مخرجات باهتة لم يكن مجرد إخفاق سياسى عابر، بل كان بمثابة هدية مجانية لإسرائيل، التى قرأت المشهد العربى جيدًا وفهمت الرسالة: لا أحد سيقف فى وجهكم. فما كان منها إلا أن قررت اجتياح غزة بريًا، فى أوسع عملية عسكرية منذ سنوات، وكأنها تقول للعالم: نحن نفعل ما نشاء، ولن يحاسبنا أحد.

إن ما حدث فى غزة بعد القمة لم يكن منفصلًا عنها، بل كان نتيجة مباشرة لمخرجاتها الباهتة. فحين يفشل العرب فى صياغة موقف موحد، ويكتفون بالشعارات، فإن إسرائيل تجد نفسها فى موقع القوة والقدرة على فرض الأمر الواقع.

اليوم، لم تعد المشكلة فى عدوان إسرائيل وحدها، بل فى عجز النظام العربى الرسمى عن الارتقاء لمستوى التحديات. القمة فى الدوحة كانت اختبارًا حقيقيًا، فشل فيه العرب، بينما استغلت إسرائيل هذا الفشل لتتمادى أكثر، ضاربة بالقانون الدولى عرض الحائط، وموجهة صفعة للعالم بأسره.

القمة العربية فى الدوحة لم تنجح فى أن تكون نقطة تحول حقيقية. فالمواقف الإعلامية والبيانات لا تكفى لمواجهة آلة قذرة من العدوان والاحتلال. المطلوب إجراءات صارمة، تحركات قانونية، عزل دبلوماسى، دعم حقوقى، وضغوط اقتصادية وسياسية حقيقية.

ولعل من أبرز مخرجات هذه القمة هى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى التى أحدثت صدى واسعًا فى الأوساط العربية والدولية، وفرضت نفسها على الصفحات الأولى فى الصحافة العبرية، التى توقفت مطولًا عند تصريحات الرئيس بشأن اتفاقيات السلام وسياسات إسرائيل، وقد تحوّل الخطاب إلى محور رئيسى لتحليلات الخبراء والمراسلين المتخصصين فى الشأن العربى، نظرًا لما حمله من رسائل مباشرة إلى الداخل الإسرائيلى وصنّاع القرار فى تل أبيب، خاصة بعدما وصف إسرائيل صراحةً بأنها «العدو»، فى خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها فى الخطاب الرسمى المصرى منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979.

المطلوب الآن ليست بيانات جديدة، بل إرادة سياسية حقيقية، وخطوات عملية على الأرض تعيد الاعتبار لقدرات الدول والشعوب العربية وتضع حدًا للغطرسة الإسرائيلية. أما الاكتفاء ببيانات الشجب، فلن يعنى سوى شيء واحد: أن إسرائيل ستواصل عدوانها، والعرب سيواصلون الاكتفاء بالتفرج.

 

[email protected]