بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لازم أتكلم

العرب يجتمعون... وإسرائيل تتوغل

كالعادة.. اجتمع العرب.. وكما التقوا انفضوا.. وكما جاءوا عادوا، وكان الله بالسر عليم، انتهت أكبر قمة عربية إسلامية عقدت فى السنوات الأخيرة، حضرها رؤساء وزعماء وأمراء ووزراء 75 دولة، ولم ينته بعد الحديث عن جدواها ومخرجاتها، التى لم تحقق الحد الأدنى من طموحات وآمال الشعوب العربية والإسلامية، وجاء بيانها الطويل العريض خاليًا من أى قرار يردع إسرائيل وحليفتها أمريكا أو أية خطوة فعلية تعيد للخليجين والعرب كرامتهم.

اجتمع العرب واليد مرتعشة، والصوت مخنوق، والقرار حبيس الصدور، كل قول محسوب وكل فعل مرصود، ومن يقترب من مصلحة ماما أمريكا والعم سام، يا ويله وسواد ليله من ترامب ونتنياهو. وكانت النتيجة المعروفة سلفًا (شجب وإدانة باشد العبارات) وكأن هذا «الكليشيه» جاهز الاستخدام فى كل قمة عادية وطارئة، حتى ولو كانت الضحية دولة عربية إستباحتها إسرائيل واخترقت سيادتها بمساندة أمريكية.

ولولا كلمة الرئيس السيسى وتحديه بكل قوة للغطرسة الإسرائيلية، ومطالبته بسرعة إنشاء قوة عربية إسلامية عسكرية مشتركة (على غير ما تريد أمريكا) ما أصبح لهذه القمة معنى أو قيمة. وكان جليًا للجميع وهم يشاهدون وقائعها، إلى أى مدى يعيش العرب والمسلمون حالة من الضعف والهوان، وعدم القدرة على المواجهة الحقيقية.

وعلى الرغم من إنعقاد القمة بعد يومين من وجود إجماع دولى وعالمى بإدانة عدوان إسرائيل على الدوحة، بقرار جماعى من مجلس الأمن دون فيتو أمريكى، وإقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حل الدولتين باغلبية 142 عضوًا، فشل العرب فى استثمار هذا الانتصار الدبلوماسى العالمى، واكتفوا ببيان خلا من أى ضغط سياسى أكبر على أمريكا، ولو من قبل التهديد مثلا، بقطع العلاقات مع تل ابيب ومراجعة كافة الاتفاقات الإقتصادية والعسكرية مع واشنطن.

ويبدو أن ترامب ونتنياهو يعلمان مسبقا ببيان تلك القمة، التى لا تختلف كثيرا عما سبقها، إلا فى إخراج الوعى العربى من غرفة الإنعاش، والإتفاق على تفعيل آلية الدفاع الخليجى المشترك (وليس العربى)، ولذلك أمر نتنياهو جنوده باجتياح ما تبقى من غزة بريا، وتدمير بنيتها التحتية، وإسقاط أبراجها ومنازلها فوق ساكنيها بعد أن ضرب اليمن من القواعد الأمريكية.

كنا ننتظر قرارات جريئة تتجاوز القول إلى الفعل، بقطع العلاقات الاقتصادية ومنع إمدادات البترول ولو لمدة أسبوع أو شهر، وإعادة إحياء ما طالب به الرئيس السيسى قبل عشر سنوات مضت بإنشاء جيش عربى للدفاع المشترك.. فلو كان ذلك حدث، ما أخرج نتنياهو لسانه لنا، وما ضحك علينا وسخر منا حليفه ترامب بقوله لتميم هازئًا مستهتترًا (سامحنى.. ضربة لن تتكرر). الشعوب تسأل.. ماذا يحدث لو استيقظنا على سقوط صواريخ إسرائيلية مجددًا على أية دولة عريبة بحجة وجود عناصر من حماس بها ـ وهذا وارد جدًا ـ هل سنكتفى أيضًا ببيانات الشجب والإدانة؟

إن استمرار الانبطاح للهيمنة الأمريكية وخروج القمم العربية والإسلامية بصورة لا ترقى إلى حجم الأخطار والتحديات التى تواجهها شعوبنا سيحفز إسرائيل على التمادى فى الغطرسة، والتمدد إلى مناطق عربية أخرى مجاورة، فتجر المنطقة والعالم إلى عواقب وخيمة نكون اول من يدفع ثمنها.

فلماذا الانبطاح والخوف، والعرب يملكون موارد اقتصادية ضخمة من نفط وغاز ومعادن وخطوط ملاحة بحرية وعالمية وقوى عسكرية وأدوات ديبلوماسية وسياسية مؤثرة؟ أعتقد أنه لو تم اللعب بأوراق الملف الاقتصادى، لأجبرنا إسرائيل وحليفتها أمريكا على الانصياع لمطالبنا وحل القضية الفلسطينية.

مطلوب فورًا إرادة فعلية قوية لمحاصرة إسرائيل، مع إعادة ترتيب أوليات الأمن الخليجى العربى، وتوحيد المواقف والأهداف، وتجاوز الخلافات البينية، ودعم مصر اقتصاديا، فهذا أقل واجب لما يسببه جيشها من رعب وفزع فى قلوب أعدائنا.

 

[email protected]