نور
نظرة العدو!!
مراكز الأبحاث فى إسرائيل مشغولة منذ انعقاد القمة العربية الإسلامية فى الدوحة يوم الإثنين الماضى بتحليل خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي!
بعض الصحف الإسرائيلية وصفت الخطاب بأنه يحمل روحًا عدائية تجاه بلادهم، وصحف أخرى قالت إن الخطاب كان عبارةً عن تهديدٍ صريح لإسرائيل، وبعضُ المحللين يرون الخطاب تلويحًا بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد، والبعض الآخر يراه تهديدًا صريحًا بالحرب!
الحقيقة أن خطاب الرئيس السيسى كان واضحًا جدًا.. كان فى بدايته يحمل غُصن الزيتون.. ولكنه فى نهايته كان يُلوح بالقوة بديلًا للسلام!!
والرئيس هنا كان مُتسقًا مع نفسه.. فهو رئيس مصر الكبيرة.. مصر الدولة الحدودية مع قطاع غزة والتى يُهدد نتنياهو بطرد سكانها إلى سيناء المصرية.. والكلام الذى يقوله رئيس مصر يكون دائمًا موزونًا بميزان الذهب.. من حيث المعنى ومن حيث الدقة والمقصد والغاية.. ولذلك كان الرئيس حريصًا وصادقًا عندما خاطب الشعب الإسرائيلى بلُغة السلام.. وكان قويًا وواقعيًا عندما وصف المعتدى نتنياهو بـ«العدو».. إذن كانت الرسالة أن مصر قادرة على السير فى طريق السلام وقد جربته ودفعت ثمنه.. وقادرة على الحرب وقد جربتها وقادرة على سداد فاتورتها!!
خطاب الرئيس كان خطابًا سياسيًا جديدًا ومتغيرًا وقويًا ورفيع المستوى ومعبرًا عما يَجيشُ فى صدور المصريين الذى يدركون أن إسرائيل لا تريدُ ببلادهم خيرًا.. فلأول مرة يصف الخطاب السياسى المصرى إسرائيل بـ(العدو) منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد فى عام 1978.. خاصة أن هذا الخطاب جاء على لسان رأس الدولة والمعبر الأهم عن سياستها وتوجهاتها!!
الرئيس السيسى قال خلال كلمته فى القمة العربية الإسلامية كلامًا يجب أن نقف عنده خاصة جملة «يجب أن تُغير مواقفنا نظرة (العدو) نحونا.. ليرى أن مساحة أى دولة عربية ستكون ممتدة من المحيط للخليج وستصبح مظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية».
كلام واضح.. معناه أن الرسالة التى يجب توجيهها لإسرائيل هى أن ضرب الدوحة أو غزة أو لبنان أو سوريا أو أى بلد عربى آخر سوف يستفز القاهرة والرياض والكويت والجزائر.. بل وكل بلد عربى من المحيط إلى الخليج.. وأن الرد سيكون جماعيًا.. وأن لُعبة الانفراد بالشاةِ لأكلها بعيدًا عن إخوانها قد انكشفت.. فكل العرب سواء.. وكل المسلمون إخوة.. وكل المستهدفين من المتوسط إلى باب المندب ومن المحيط الهادر إلى الخليج الثائر سوف يردون على العدوان!! ومن يعتدى على العرب والمسلمين هو قطعًا عدو تجب مقاومته!! نعم فالمعتدى فى اللغة العربية وفى كل اللغات يوصف بـ(العدو)!!
ولكن كلمة (العدو) أوجعت تل أبيب.. وضربت صداعًا فى أدمغة السياسيين والمحللين والمفكرين والإعلاميين.. ولكنهم جميعًا مخطئون.. وواهمون.. لأنهم أرادوا سلامًا يجعل مصر مُستأنسة.. نائمة.. مُغمضة العين.. فوجدوها.. دولةً راغبة فى السلام وهى ممسكة بسلاحها مستيقظًا.. غير مغمودٍ فى جِرابه.. والجندى على الحدود أسدٌ شرس.. عينيه فى قمة اليقظة.. يترقب العدو القادم من بعيد.. ويقفُ بكل صبرٍ فى انتظاره.. متربصًا بالذئب الذى يريد الاستيلاء على أرضه ليلقنه درسًا جديدًا إذا ما أصر على عدوانه!!
كلمة (العدو) قالها الرئيس السيسى فى خطابٍ رسمي، وهى المرة الأولى، كما قلنا، التى يأتى فيها هذا الوصف لـ«إسرائيل» على لسان رئيس الدولة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978.. وقد تكون المرة الأخيرة إذا ما عاد المُعتدى لحدوده تاركًا شعب غزة فى حاله!!
فهل يفهم العدو.. أم يتحكم فيه غباؤه؟!!