بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

العام المقبل يشهد التخلص منه: وداعاً صندوق «النكد» الدولى

بوابة الوفد الإلكترونية

السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تبشر المصريين بالخير فى 2030.. ومخاوف المواطنين تتزايد
 

زيادة الاستثمارات الخاصة إلى 66%.. ومعدل نمو 7%.. وتوليد 1.5 مليون وظيفة سنوياً أبرز ملامح السردية
 

خبراء: شعور المواطن بالتحسن وفوائد الإصلاح عامل حاسم لنجاح الاستراتيجية الجديدة
 

الاهتمام بالاستثمار الموجه للتصدير وزيادة مشاركة القطاع الخاص وخفض الديون أولويات رئيسية
 

محمد أنيس: توفير الأراضى للمستثمرين وتحويل البيروقراطية إلى ميسرة للأعمال ضرورة 
 

مصطفى شفيع: استقرار سعر الصرف والتحكم فى التضخم وزيادة التصدير عوامل أساسية
 

عادل عامر: خفض المديونية وزيادة الصادرات وتقليل الواردات بداية لشعور المواطن بتحسن الاقتصاد


أثار إعلان الحكومة مؤخراً لما أطلق عليه السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، وهى السياسات التى ستسير عليها الدولة حتى عام 2030، الكثير من التساؤلات حول مستقبل الاقتصاد المصرى، والشكل الذى سيكون عليه عقب الانتهاء من برنامج صندوق النقد الدولى فى أكتوبر من العام القادم. 
وتساءل الكثيرون عن الخطة الأمثل التى يجب على الحكومة أن تسير عليها فى مرحلة ما بعد الصندوق، والتى من خلالها يمكن للمواطن المصرى أن يشعر بتحسن ملحوظ فى معيشته وحياته اليومية، وأن تعود إلى الجنيه قوته الشرائية من جديد، وما المطلوب تنفيذه من أجل الوصول إلى هذه المرحلة. 
المواطنون أبدوا قلقاً من هذه السردية خوفاً أن يكون الأمر مجرد تغيير للمسمى من خطة إلى سردية، بينما ستبقى المعاناة على ما هى عليه، بينما أكد خبراء ومحللون اقتصاديون أن المرحلة المقبلة تتطلب بشكل رئيسى الاعتماد على زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر الذي يهدف للتصدير، وتوفير كل التسهيلات اللازمة لهذا النوع من الاستثمار، مع ضرورة التحكم والسيطرة على الديون وخاصة الخارجية منها لأنها تضغط على الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية بجانب فاتورة الاستيراد الضخمة سنوياً. 


وطالب الخبراء بضرورة توقف الحكومة عن ضخ الاستثمارات العامة عن طريق الاقتراض، ومنح الفرصة للقطاع الخاص للمشاركة فى هذه المشروعات بنسبة أكبر، لأن ذلك سيخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين، مع زيادة الإنتاج، وخفض المديونية العامة للدولة، ويخفف من أعباء خدمة الدين. 
ومن المفترض أن ينتهى البرنامج الحالى للحكومة مع صندوق النقد الدولى فى أكتوبر 2026، ومؤخراً أعلنت الدولة ملامح السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، وأهمها زيادة الاستثمارات الخاصة إلى 66% من الاستثمارات الكلية، والعمل على تحقيق معدل نمو 7% بحلول 2030، وتخفيض نسبة الدين إلى الناتج المحلى لأقل من 80%، وتوليد 1.5 مليون وظيفة سنوياً بحلول 2030.  


تغييرات حتمية
فى هذا الصدد، قال المحلل الاقتصادى، محمد أنيس، إن هناك تغييرات حتمية لابد أن تنفذ عند وضع خطة اقتصادية جديدة للاقتصاد المصرى تتلافى العيوب التى كانت موجودة فى الاستراتيجية التى كنا نسير عليها خلال الـ10 سنوات الماضية. 
وأضاف أنيس أنه حتى نصنع طفرة اقتصادية حقيقية يشعر بها المواطن، لابد أن يكون العنوان الرئيسى للاستراتيجية هو الاستثمار الأجنبى المباشر الذى يستهدف التصدير، وللأسف لم يكن لدينا هذه القناعة خلال السنوات الماضية، وكنا مقتنعين بأننا أقوياء ونمتلك كل شىء ونستطيع تنفيذه بأنفسنا، ولا نحتاج إلى رأس مال الاستثمار الأجنبى وسنحصل على قروض تعوض هذا الاستثمار، وللأسف وصلنا لما نحن فيه الآن. 
وأوضح المحلل الاقتصادى، أن قدرة مصر على اجتذاب هذا النوع من الاستثمار المستهدف للتصدير يجب أن تكون فى صدارة الاستراتيجية المصرية بعد مرحلة الصندوق، وإذا خُلقت هذه القناعة سوف يتبعها قناعات أخرى وحتمية أفعال أخرى، منها إزالة عوائق الاستثمار والتركيز على البيروقراطية المصرية من معيقة للاستثمار إلى ميسرة للاستثمار، من خلال إتمام التحول الرقمى والشمول المالى. 
وأشار أنيس إلى ضرورة الاهتمام بترتيب مصر فى المؤشرات القطاعية التى تصدرها المؤسسات العالمية، فمثلاً هناك مؤشر إيجابى لمصر مؤخرا وهو جودة الطرق، فبعد أن كان ترتيب مصر الـ80 أو أكثر على مستوى العالم، أصبحنا حالياً فى الترتيب الـ18 على العالم، بينما فيما يخص مؤشر كفاءة البيروقراطية ما زلنا فى مرتبة متأخرة على مستوى العالم، مقارنة بدول أخرى مجاورة لنا فى الإقليم مثل تركيا والإمارات والسعودية التى تتقدم فى هذا المؤشر، خاصة أن هذا المؤشر فى غاية الأهمية للمستثمر الأجنبى، وبالتالى لا بد من إتمام التحول الرقمى والشمول المالى حتى تتحول البيروقراطية إلى ميسرة للأعمال وليست معيقة لها. 
وتابع: «لابد من توجيه الاستثمارات العامة لتنمية العنصر البشرى والاكتفاء بما قمنا به من البنية التحتية، من خلال توفير أيدٍ عاملة مدربة، لأنها من أهم متطلبات الاستثمار الأجنبى المباشر، لأن العمالة الفنية المدربة ستساعد المستثمر الأجنبى فى الداخل، ونستطيع تصديرها للخارج وتدخل ضمن تحويلات المصريين فى الخارج». 
وطالب بضرورة توفير الأراضى الصناعية المزودة بالمرافق، لأن المستثمر الجاد لن يأتى إلى مصر لكى يتاجر فى الأراضى، وليس لديه استعداد أن يضع أمواله فى أراضى، بل يضعها فى معدات وماكينات، ولذلك لا بد أن يتسلم أراضى جاهزة بنظام الإيجار أو حق الانتفاع أو بشراكة بنسبة من الأرباح، لكنه لن يشترى أرضاً بمبالغ كبيرة، مضيفاً: «كل ذلك متطلبات يجب تنفيذها إذا اقتنعت الحكومة بأهمية الاستثمار الأجنبى المباشر الذى يستهدف التصدير». 
وأوضح أنيس أن المحور الثانى الذى يجب الاهتمام به هو مستهدفات تخص المؤشرات المالية، وأولها التضخم والامتناع عن تنفيذ سياسات النمو التضخمى فلا يجب أن ننفق فى اتجاه معين ونحن نعلم أنه سيؤدى إلى ارتفاع التضخم ونتغاضى عن هذا الأمر، مؤكداً ضرورة الحفاظ على معدل تضخم فى نطاق المستهدف من البنك المركزى فى حدود 7% حتى لا تتكرر أزمات السنوات الماضية، لأنه دائماً ما تكون الأزمات ناتجة عن انفلات معدل التضخم بسبب سياسات نمو تضخمى، مضيفاً: «لا بد من رفع أولوية الحفاظ على معدلات تضخم منخفضة على أولوية معدلات نمو مرتفعة».  
كما أنه لابد من خلق نوع من استدامة الديون الخارجية، لأننا نقترض بالدولار بينما إيراداتنا بالجنيه، كما أننا نقترض ديوناً قصيرة الأجل لصالح مشروعات بنية تحتية طويلة الأجل، ولا بد من معالجة هذا العوار، مع استدامة الديون بخطة متوسطة المدى لمدة خمس أو 10 سنوات، وبالتالى نتخلص من مشاكل الديون الخارجية ونحقق الاستدامة المطلوبة. 
وفيما يتعلق بمحركات النمو، قال المحلل الاقتصادى، إن النمو خلال السنوات الماضية كانت تتم صناعته من خلال الاستثمارات العامة التى تنفذها الحكومة عن طريق الديون، ولذلك لا بد أن تكون محركات النمو فى الفترة القادمة من خلال الاستثمارات الخاصة وليس العامة.
وتابع: «لابد من التركيز على القطاعات المدرة للإيرادات الدولارية فى احتساب الناتج القومى، سواء كان تصديراً أو تقديم خدمات، وأبرزها السياحة والصناعة، وتقليل الاعتماد على قطاع العقارات والانشاءات». 
ولفت أنيس إلى أن أى برنامج مع صندوق النقد يعالج الاختلالات الكلية فى الاقتصاد وعلاج العجز التجارى والعجر المالى فى الموازنة العامة للدولة، وتكرار الذهاب للصندوق أمر له آثار سلبية على مرونة وقدرة الدولة على التصرف بنفسها، وعندما ذهبنا لصندوق النقد فى 2016 كانت أول مرة منذ الثمانينات وكان الوضع يستحق الذهاب له، والبرنامج نجح ونفذ بالكامل، ثم فى كورونا كان المبرر للتعاون مع الصندوق أنها أزمة عالمية مفاجئة غير مرتبة أثرت على الأوضاع الاقتصادية، والبرنامج الحالى يعد الفرصة ما بعد الأخيرة لأننا نفذنا 3 برامج فى 10 سنوات، وتخطينا نسب التمويل الخاصة بمصر مع الصندوق، ولا نستطيع التوجه للصندوق مرة أخرى، لأن التعامل معه يركز على الاختلالات الكلية، والعجز المالى والتجارى، ولن يركز على النمو والاستثمار فى الموارد البشرية ورفع مستوى المعيشة ونسبة المواطن من إجمالى الناتج القومى، التى تحتاج إلى برامج تنمية اقتصادية لها أثر مباشر على المواطن ومعيشته. 


خطة متكاملة
وقال المحلل المالى والاقتصادى، مصطفى شفيع، إنه لابد من العمل على مجموعة عناصر عند وضع خطة اقتصادية لأى دولة تتمثل فى مؤشرات الاقتصاد الكلى سواء معدل النمو بالنسبة للناتج المحلى أو معدل التضخم والبطالة وخلافه، بالإضافة إلى التنوع الاقتصادى للدولة. 
وأضاف شفيع أن الملف الثانى يتمثل فى تطوير البنية التحتية فى الدولة سواء إنشاء طرق أو موانئ أو مطارات وكل ما يخدم المواطنين والاستثمار بصورة عامة داخل الدولة سواء محلى أو أجنبى، بالإضافة إلى العمل على تنمية الموارد البشرية خاصة أن السوق المصرى يضم عمالة ضخمة لكن ينقصها التنمية البشرية وزيادة المؤهلات. 
وأوضح المحلل المالى والاقتصادى، أن الدولة يجب أن تهتم بكيفية جذب الاستثمار الأجنبى ووضع ملامح استثمارية بأهم القطاعات الواعدة التى تجذب المستثمرين للدولة وغيرها من الامتيازات والتسهيلات.
ولفت شفيع إلى أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تشمل معظم هذه النقاط، مشيرا إلى أن مستهدفات الوصول بمعدلات النمو فى إجمالى الناتج المحلى إلى 7% بحلول 2030، أمر يمكن تحقيقه، لأننا حالياً فى حدود 4.4%، وقبل جائحة كورونا اقتربنا من تحقيق هذه الأرقام لولا الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية حيث وصلنا إلى 5.5% واقتربنا من 6%، ولذلك نستطيع الوصول إلى معدل نمو 7%، ولدينا من القطاعات ما يجعلنا نحقق هذه النسب مثل القطاع الزراعى والصناعى والسياحى والصناعات التحويلية والتكنولوجيا والاتصالات، وفقاً لما نسير عليه الآن وعدم حدوث أى تطورات عالمية أو إقليمية. 
وتابع شفيع قائلاً: «تحقيق هذه المعدلات سيكون من خلال جذب القطاع الخاص ومشاركته فى المشروعات، وزيادة الاستثمارات الخاصة مقارنة بالاستثمارات العامة، لأن إشراك القطاع الخاص فى الاقتصاد بنسبة تتجاوز الـ60% سينعكس إيجاباً على معدلات النمو وخفض البطالة والتضخم، وينعكس على السياسة المالية والنقدية بالتبعية». 
وطالب مصطفى شفيع بضرورة استقرار سعر الصرف والتحكم فى التضخم وزيادة الاستثمارات الخاصة، والتركيز على قطاعات معينة مثل الصناعة وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة وزيادة التصدير وتحسن الميزان التجارى للدولة، وتوطين الصناعات فى مصر، فضلاً عن زيادة الاهتمام بقطاع السياحة المنتعش حالياً، والتكنولوجيا والاتصالات. 
وأكد المحلل المالى والاقتصادى، أن كل هذه الأمور قادرة على نقل مصر اقتصاديا إلى وضع مختلف تماماً بدون التعامل مع صندوق النقد الدولى وإجراءاته الصارمة. 
وشدد على أهمية استقرار سعر الصرف ووفرة الدولار وتنشيط قطاع الصادرات والاعتماد على التصنيع المحلى لتقليل استهلاك الدولار، لأنه المؤرق الأساسى للتجار ومربوط به معظم السلع فى مصر، واستقراره يعنى استقرار الأسعار وانخفاضها فيما بعد، وهذا ما يهم المواطن بالدرجة الأولى. 
وطالب شفيع، أيضا بضرورة التحكم فى فاتورة الاستيراد وزيادة التصدير، مع استمرار برامج الحماية الاجتماعية التى تساعد الفقراء بقدر ما، فضلاً عن التحكم والسيطرة على معدلات التضخم. 


المواطن لم يشعر بتحسن
وقال الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسية، إن المواطن لم يشعر حتى الآن بتحسن اقتصادى نتيجة عاملين مؤثرين فى الاقتصاد. الأول هو العبء الكبير للديون الخارجية والداخلية، وتسديد مصر لفوائدها فى مواعيدها، حتى لا تفقد الثقة الدولية وإدراج مصر على أنها غير قادرة على السداد. 
أما العامل الثانى فيتمثل فى أن حجم الاستثمارات التى يتم ضخها فى الاقتصاد المصرى سواء مباشرة أو غير مباشرة أو تنمية مستدامة، لم يرفع من عجلة الإنتاج حتى يتم تقليل حجم الاستيراد الضاغط على الاقتصاد والاحتياطى النقدى. 
وأضاف بمعنى آخر يمكن تلخيص هذين العاملين فى أنهما: أعباء الديون، وارتفاع فاتورة الاستيراد والضغط على العملة الصعبة، وهو ما حال دون شعور المواطن بثمار الإصلاح 
وأكد عامر أن بداية شعور المواطن بتحسن الاقتصاد المصرى يكمن فى خفض الديون وزيادة الصادرات وتقليل الواردات، ومعدل التضخم، وكلما قامت الدولة بتخفيض حجم الديون كلما كان هناك فائض فى الموازنة العامة تستطيع من خلاله الإنفاق على البنود الأخرى التى تهم المواطن مثل الدعم التموينى والصحة والتعليم وغيرها».