بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مهندس إنتاج داجني يغزو عالم الجن برواية "مقتل كاتب رعب"

بوابة الوفد الإلكترونية

مهندس إنتاج داجني يغزو عالم الجن برواية "مقتل كاتب رعب"

مهندس إنتاج داجني، هل زامن الكتابة عن عوالم الجن واستحضار ملوكه مع إشرافه وعمله بين قطعان الدواجن داخل عنابر التربية ؟ لربما تخيلت أن المهندس أحمد فتحي أو قل الكاتب أحمد فتحي  كان يختلي بنفسه وسط بطاريات الدواجن المكتظة بآلاف الطيور مختبئا وهو البشري الأوحد وسطهم ،ربما يحاول استنطاقهم أو يسعى لمعرفة لغة منطق الطير ،وإلا ما الذي يدفع المهندس الزراعي ليتخير الكتابة الأدبية.

 

وزد على ذلك أن تلك الكتابة من النوع الذي تسيطر عليه عوالم الغرابة والميتافيزيقا، حملت هذا التساؤل وطرحته على كاتب رواية "مقتل كاتب رعب " فأجابني: "الطيور عالم وهي أمة مثل أمم البشر ،لها تكوين تشريحي ولها نمط سلوكي ربما يتحدث في المختصون كثيرا، لكن عملي وسط عمال تربية الدواجن ألهمني الفضول ومن الفضول إلى السعي للفهم، بدأت القصة من خلال عامل تنظيف السبلة، واكتشفت أن العامل يتهرب من إزالة سبلة الدجاج مع زملائه وقت الغروب ويطلب مني تكليفه بمهمة ثانية، فأصررت على معرفة السبب فقال لي ،أنه مبتلى وأهل زوجته عقدوا له عملا ودفنوه في البحر فإذا غربت الشمس لا يجب أن يلامس جسده أي قاذورات وإلا حاله سيتبدل ويمرض، الحقيقة قلت أنها خرافة العاملين في الريف وما يحمله الريف من حكايا وغرائب.


لكن عملي في مزارع الدواجن في مناطق الصالحية والمناطق المستزرعة حديثا جعل بيني وبين قطعان الدجاج لغة خاصة ربما لا يفهمها البعض لغة الصمت فيها أكثر من الكلام ،وكان هذا العمل هو الدافع الأول للكتابة الأدبية ،لكنني تخيرت أدب الغرائبيات بسبب ما سمعته من عمال المزارع وعمال القري التي تسكن في الخلاء .

مقتل كاتب رعب 


الرواية في قرابة 216 من القطع الجائر، وهي صادرة عن دراك للنشر والتوزيع ،يبدأها المندس الزراعي بتهيئة ومقدمة تكشف لك عن عالم ذلك المجهول فيما تقرأه أو العالم الذي ستدلف إليه وتفتح بوابته، إلى الكائنات الخفيَّة التي تعيش معنا دون أن نراها، احذر وأنت تقرأ السطور القادمة أن تستدعي كيانًا من هذه الكائنات فيجيبك، إن لم تكن نِدًّا له، فسيعبث بروحك، سيُحيل حياتك إلى لا شيء، سيجعلك ذبيحة لا حول لها ولا قوة، سيرسل لك صرخات من عالمه تصُم آذانك... ستقتل نفسك وأنت مبتسم. أهلًا بك في عالم لم يغادره أحد حيًّا، ولن يَسلم من شرِّه أحد".


ومن ثم تنتهي من هذا الإهداء ليصل بك الكاتب إلى الفصل الأول والذي دونه بعنوان “ما قبل البداية “ ،يعرفك الكاتب على ملامح للغة عربية تحمل أسماء ملوك من عالم الجن والعالم الذي لم نعرف تفاصيله ،من خلال تعويذة يلقيها بطل الرواية الحاضر الغائب والذي اطلق عليه كاتبنا اسم ياسر الدوسري، فهو شخصية تجمع بين متناقضات عدة ،مازلنا في الفصل الأول مع تعاويذ يطلقها البطل ياسر الدوسري، ليرغمك الكاتب أو البطل رغما عنك لتتورط معه في حيلته السردية عبر ذلك الخطاب المخيف، الذي يستشعر فيه القارئ أنه وقع فريسة للكاتب أو بطل هذا العمل ““كيف تنجو بحياتك؟ الآن قد بدأت الرواية وأنتم أبطالها سواء رضيتم أم أبيتم. الأمر سواء عندي؛ فأنتم مجبرون ولستم مخ رَّيَّن، على الجميع أن يتصرَّف بحذر حتى لا يسقط في سقر ويجد نفسه هالكًا في عذاب لا مفرَّ منه، لا تفزعوا؛ فكلها نتائج لأفعالكم السابقة، ولكني جعلت نفسي قاضيًا ليحكم عليكم وينبش في ماضيكم القذر، أنتم من ستنفذون حكمي بملء إرادتكم. أعرف أن الدهشة تعتلي وجوهكم وتظنون أن الغرور قد قتلني، لا داعي للعجلة؛ فالموت والقتل آتيان لا محالة. جميعكم ستتلوث يده بالدماء، ولا تنسوا أنَّ يدَ بعضكم قد تلوَّثت سلفًا وانغمست في بحر لم ينضب من دماء أقرب الناس إليكم، أنتم اخترتم أن تكونوا جزءًا من هذه الرواية بملء إرادتكم، وكما أخبرتُكم سابقًا: مع وصول هذه الرسالة إليكم، فأنا لم أعد موجودًا، لذا، لا تهدروا وقتكم الثمين وآخر ما بقي في حياتكم من أيام في البحث عني، تذكَّروا أن يسعى كلٌ منكم لمعرفة كيف ينجو بحياته.."  توقيع الكاتب ياسين الدوسري.

ثم يلي هذا الفصل الفصل الذي يجعلك تنتبه إلى ان ذلك البطل المخيف قد مات وأن صديقه طبيب التشريح أجرى التشريح على جثته، لكن أمرا غامضا يكمن في استمرار بقاء هذا الكاتب الميت الموجود، وبطريقة المطاردة الروحية، يرسل الميت رسالاته لأصدقائه في وقت واحد فيندفع صديقه الطبيب الذي قام بتشريح الجثة لزيارة المقبرة والتأكد بنفسه ،لكنه يلتقي بالدفان الذي يرفض المجيء معه واصطحابه :" خذ أموالك وانصرف من هنا، أنا لا أبيع روحي لأذهب لهذا القبر في هذا الليل.


- لماذا يا علاء؟ إن أردت أمورا أخرى سأعطيك ما تريد. 


- الخلاصة يا باشا، إن أردت الذهاب اذهب بمفردك، أو انتظر حتى الفجر ونرى للنهار بداية وسأذهب معك، ولكن سأنتظرك بعيدًا؛ أنا غير مستعد أن أقترب من هذا القبر أو أن يحدث معي كما حدث منذ عدة أيام.

- ماذا حدث؟
- تعالَ اشرب معي الشاي في غرفتي ولننتظر النهار وأقصُّ عليك ما حدث. اختفت معالم الأشياء من حوله، حتى سيارته لم يعد لها وجود. أخيرًا وصلا  لتلك الغرفة القديمة ذات الجدران المتصدِّعة والأثاث البالي. أشار إلى كرسي هو الشيء الوحيد السليم في تلك الغرفة، ناهيك عن تلك الرائحة العفنة المصاحبة لرائحة الفورمالين التي يستخدمها علاء في حفظ الجثث التي يبيعها. كوبان من الشاي خرجا للتو من براد أسود من العذاب الذي يعانيه في مكان لا تأنس فيه روح بشر، جلس على الأرض وبدأ يسرد ما حدث بعد أن أشعل لِفافة تبغ يبادلها مع رشفات من الشاي.- بعد دفن هذا الذي يسمى ياسين بيومين..."