الهرولة إلى الكراسي... وأسئلة غائبة عن ساحة البرلمان!
بينما تتسابق الوجوه على مقاعد البرلمان، مشروعاً كان الطريق أم غير مشروع، يطل السؤال الأكبر: هل يدرك المرشحون ــ والناخبون على السواء ــ حجم الخراب الذي أصاب بنية الدولة المصرية، لا سيما في الصناعة والاقتصاد، تحت أعين مجالس نيابية كانت من المفترض أن تكون عين الشعب ورقيب السلطة التنفيذية؟
ألم تتحول مصر، في غفلة من الزمن، من بلد صناعي له تاريخ طويل، إلى بلد استهلاكي بامتياز؟ وأين كان النواب عندما صُنّفت مصر خلال العقد الأخير من دولة مُصدِّرة للأثاث إلى دولة مستوردة له، في وقت نزح فيه أمهر الصناع والحرفيين إلى الخارج ليبيعوا مهنتهم التاريخية بأبخس الأثمان لصالح اقتصادات جيراننا؟
أين كانت وزارة الصناعة التي تحولت بإخلاص عجيب إلى وزارة "الاستهلاك" ضد صالح الصناعة الوطنية؟ وأين كانت وزارة التخطيط التي أدارَت ظهرها للتخطيط؟ وأين وزارة قطاع الأعمال التي أغمضت أعينها عن تخريب مصانع القطاع العام، فيما كان نواب المال يباركون الخصخصة والبيع المشبوه؟
ثم ماذا عن الاتفاقيات الدولية التي سمحت بإغلاق المصانع الوطنية دون مقابل، رغم وعود نقل التكنولوجيا عبر "مركز تحديث الصناعة" منذ أكثر من عشرين عاماً؟ لم نجْنِ منها إلا تجريف الصناعة الوطنية وإهدار المنح المخصصة! فأين كانت المحاسبة وأين كانت المراقبة؟
وهل غابت أعين النواب وقلوبهم عن تقارير منظمة الشفافية ومكافحة الفساد العالمية، بكل ما حملته من أرقام مخجلة عن فساد ممنهج ومتزايد؟
بل أين كانوا وهم يرون تدهور العلم، انهيار الصحة، تآكل المنظومة الاجتماعية، وضرب الهوية المصرية حتى كادت تُختطف من جماعة إرهابية لولا ثورة 30 يونيو العظيمة؟
النتيجة أمامنا: مبادرات رئاسية لإصلاح ما أفسده الإهمال، بدءاً من "100 مليون صحة" وصولاً إلى "حياة كريمة"، بينما كان النواب في سبات عميق، خارج الزمن، كأنهم لم يروا المستنقع الذي غرقت فيه مصر حتى رأسها.
إذن، إذا كنا حقاً نريد إصلاحاً، فلا بد من وقفة.
فرزٌ حقيقي.
اختيارٌ واعٍ.
محاسبةٌ لا تعرف المجاملة.
لا يجوز أن نترك سماسرة الانتخابات يفرضون على الشعب مرشحين بواجهة "ديمقراطية ديكورية"، مستغلين فقر البسطاء وعوزهم، ليُقيّدوا نواباً في قاعة البرلمان، عاجزين عن مساءلة الحكومة، ومفرّطين في حقوق المصريين.
السؤال إذن ليس: من يفوز بالمقعد؟
بل: من يجرؤ على أن يكون نائباً بحق، يضع مصر أولاً، لا الكرسي؟