بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الحرب الرقمية.. معركة العقول قبل الحدود

لم تعد الحروب في عصرنا مجرد جيوش تتحرك على الأرض أو طائرات تجوب السماء. نحن الآن أمام جبهة جديدة لا تُرى بالعين ولا تُقاس بالصواريخ والدبابات، بل تُخاض عبر شاشات الحواسيب والهواتف الذكية. إنها الحرب الرقمية، أخطر أشكال الصراع في القرن الحادي والعشرين.
هذه الحرب لا تحتاج إلى جندي في ميدان، بل إلى عقل بارع خلف شاشة قادر على اختراق أنظمة حيوية أو زرع خبر كاذب يثير الفوضى. ففي لحظة، يمكن لهجوم إلكتروني أن يعطّل شبكة كهرباء، أو يشلّ مطارًا، أو يفقد ملايين المواطنين الثقة في دولتهم عبر سيل من الشائعات. 
وتكمن الخطورة الحقيقية هنا أن المعركة غير معلنة، والعدو قد يكون مجهولًا، لكن آثاره ملموسة وواقعية.

والحقيقة ان مصر تدرك تمامًا أن أمنها لم يعد يقف عند حدودها الجغرافية فقط، بل يمتد إلى فضائها الإلكتروني. لهذا شهدنا خلال السنوات الماضية جهودًا واضحة في هذا المجال:
  مثل •   تأسيس المجلس الأعلى للأمن السيبراني لحماية البنية التحتية الرقمية.
  •   التوسع في التحول الرقمي للخدمات الحكومية لتقليل الاعتماد على المعاملات الورقية وزيادة الأمان.
  •   الاستثمار في إعداد كوادر بشرية متخصصة بمجال الذكاء الاصطناعي وحماية المعلومات.
  •   إطلاق حملات توعية مستمرة تحذر من مخاطر تداول الأخبار الكاذبة وتكشف أساليب التضليل.

ورغم ذلك، تظل مصر – مثل غيرها من الدول – في مواجهة مفتوحة مع خصوم يسعون لتقويض استقرارها عبر “حروب ناعمة”، قد تبدأ بخبر ملفق أو صورة مزيفة وتتحول إلى أزمة رأي عام.

والحقيقة ان الحرب الرقمية ليست مسؤولية الدولة وحدها. فالمواطن نفسه أصبح جنديًا في هذه المعركة. فقرار بسيط مثل مشاركة خبر غير موثوق قد يكون مدخلًا لزعزعة الثقة، بينما التحقق من المصدر قد يكون أداة لحماية الأمن القومي. 
المعركة هنا ليست فقط على مستوى التقنية، بل على مستوى الوعي المجتمعي.

وتبقي كلمة:

الحرب الرقمية واقع نعيشه اليوم وليست مجرد سيناريو مستقبلي. الانتصار فيها يتطلب تعاون الدولة والمجتمع معًا: دولة تستثمر في التكنولوجيا والبنية التحتية، ومواطن يمتلك وعيًا يحصّنه ضد التضليل. ومصر تتحرك بخطوات مدروسة في هذا الاتجاه، لأنها تعلم أن حماية الوعي هي خط الدفاع الأول عن الأوطان، وأن المعركة الحقيقية في العصر الرقمي تُحسم بالعقول قبل أن تُحسم بالسلاح.