الرقابة المالية تواصل مطاردة المتلاعبين بالبورصة

في خطوة جريئة وغير مسبوقة، تواصل الهيئة العامة للرقابة المالية مسارها الحازم نحو ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة، عبر تحديث ونشر منطوق الأحكام الجنائية الصادرة بحق المتلاعبين والمخالفين لقوانين سوق المال والأنشطة المالية غير المصرفية، بشكل دوري ومنتظم.
لقي انفراد "الوفد" أمس تحت عنوان "الرقابة المالية تفضح المتلاعبين في البورصة" أثار صدى واسعًا داخل أروقة مجتمع الأعمال، وبين أوساط المستثمرين والمتعاملين في سوق المال، باعتباره نقلة نوعية في طريقة تعامل الجهة الرقابية مع قضايا التلاعب التي لطالما أرهقت السوق وأضرت بثقة المستثمرين.
كشفت مصادر خاصة لـ "الوفد" أن الرقابة المالية لا تكتفي بمتابعة القضايا القائمة، بل تسعى إلى تحديث القوائم الجنائية فور صدور أي مستجدات، في رسالة واضحة أن الحماية الحقيقية لصغار المستثمرين تبدأ من إتاحة المعلومة الموثوقة، بما يمكنهم من اتخاذ قرارات رشيدة قائمة على وضوح وشفافية، تعزز استقرار السوق على المدى الطويل.
يرى خبراء سوق المال أن إعلان الرقابة المالية عن أسماء المتلاعبين يمثل منعطفًا تاريخيًا في مسيرة البورصة المصرية، فهو ليس مجرد إجراء عقابي، بل توجه استراتيجي يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية والإقليمية التي تضع حماية حقوق المتعاملين كأولوية قصوى.
رانيا يعقوب، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، اعتبرت هذه الخطوة بمثابة رسالة طمأنة، مؤكدة أن نشر أسماء المخالفين هو شكل متطور من الإفصاح والشفافية، يحاكي ما يحدث في أسواق المال الخليجية التي اعتادت على إصدار "قوائم سوداء" علنية لردع المخالفين.
أضافت أن الرقابة لم تعد تكتفي برصد التلاعبات عبر شاشات التداول فحسب، بل توسعت في مراقبة منصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت مسرحًا خصبًا لاستغلال صغار المستثمرين والتأثير على قراراتهم.
أشاد المستشار أسامة شحاتة، خبير أسواق المال، ومسئول سابق بالرقابة المالية بهذه الخطوة واصفها بأنها قفزة في تعزيز كفاءة السوق، حيث يشكل الإعلان العلني عن المتلاعبين أداة ردع قوية، ورسالة ثقة للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء بأن أموالهم محمية من أي تجاوزات. وأكد شحاتة على أهمية استمرار هذا التوجه بانتظام، بحيث يصبح الإعلان الدوري عن أي مخالفات جزءًا أصيلًا من البنية الرقابية للسوق.
أوضحت حنان رمسيس، خبير أسواق المال أن نشر الأسماء رسالة واضحة بأن "لا أحد فوق القانون"، وأن الهدف الأول والأخير هو حماية صغار المستثمرين وضمان بيئة تداول نزيهة وبعيدة عن أي شبهات. وأضافت أن هذه الخطوة تعزز من مكانة البورصة كأداة استثمارية آمنة مقارنة ببعض الاستثمارات الأخرى التي تفتقر إلى الضمانات، مؤكدة أن الإعلان عن المتلاعبين يمثل سيفًا رادعًا في وجه كل من يحاول المساس بأموال المستثمرين البسطاء.
كما أوضحت أن الرقابة المالية تمضي بخطى واثقة نحو صياغة معادلة جديدة لسوق المال المصري: معادلة قوامها الشفافية، والانضباط، وحماية الثقة باعتبارها الثروة الحقيقية لأي سوق.