الوخز بالإبر يحقق نتائج مدهشة في تخفيف آلام الظهر المزمنة لدى كبار السن
الوخز بالإبر .. في خطوة وصفها باحثون بأنها "مهمة سريريًا"، كشفت دراسة أمريكية حديثة نُشرت في مجلة JAMA Network Open عن أن الوخز بالإبر يمكن أن يخفف من آلام الظهر المزمنة لدى كبار السن، وأن دورة علاجية واحدة قد تحقق تحسنًا يستمر حتى 12 شهرًا.
الدراسة، التي قادتها مؤسسة Kaiser Permanente ونُفّذت عبر أربعة أنظمة صحية كبرى في الولايات المتحدة، شملت مئات المرضى الذين تجاوزوا سن الخامسة والستين ويعانون من مشاكل طويلة الأمد في أسفل الظهر.
وقد جرى توزيع المشاركين عشوائيًا على ثلاث مجموعات مختلفة: الأولى تلقت الرعاية الطبية المعتادة فقط، بينما خضعت المجموعتان الثانية والثالثة لعلاج بالوخز بالإبر، مع إضافة جلسات صيانة في المجموعة الأخيرة.
نتائج لافتة وفوائد ملموسة
أظهرت النتائج أن المرضى الذين تلقوا العلاج بالوخز بالإبر أبلغوا عن تحسن أكبر في الإعاقة المرتبطة بالألم مقارنة بمن تلقوا الرعاية الطبية فقط، حيث سُجّل تحسن بمقدار 1.0 إلى 1.5 نقطة على مقياس مكون من 24 نقطة يُستخدم لتقييم تأثير الألم على الأنشطة اليومية، وهو فارق يُعتبر ذو أهمية سريرية بحسب الباحثين.
الأهم من ذلك أن هذه التحسينات استمرت بعد عام كامل، حتى لدى من لم يتلقوا جلسات إضافية بعد المرحلة العلاجية الأولى، ما يعزز من فعالية العلاج على المدى الطويل.
انخفاض القلق وتحسّن الصحة النفسية
لم تقتصر الفوائد على النواحي الجسدية فحسب؛ فقد لاحظ الباحثون أن المرضى الذين تلقوا الوخز بالإبر أبلغوا عن تحسن في المزاج العام وانخفاض في مستويات القلق، مقارنة بأقرانهم الذين اعتمدوا على الرعاية الطبية التقليدية فقط.
بديل آمن وخالٍ من الأدوية
على صعيد الأمان، لم تسجّل الدراسة أي آثار جانبية خطيرة مرتبطة مباشرة بالعلاج، باستثناء حالة واحدة من العدوى تم علاجها بنجاح. أما الآثار الطفيفة، مثل الألم المؤقت في موضع الإبرة، فكانت نادرة الحدوث (أقل من واحد من كل عشرة مرضى).
وفي ظل المخاطر المعروفة للأدوية المسكنة لدى كبار السن، مثل النزيف والارتباك والإدمان، تُظهر هذه الدراسة أن الوخز بالإبر يقدم خيارًا غير دوائي، آمنًا، وفعّالًا، ويستحق أن يكون ضمن الخطوط الأمامية لعلاج آلام الظهر المزمنة.
أثر تمويلي محتمل وتوصيات مستقبلية
تهدف الدراسة أيضًا إلى إرشاد الجهات المعنية بتمويل الرعاية الصحية حول فعالية وأمان هذا النوع من العلاج، ما قد يمهد الطريق لتوسيعه ليشمل عددًا أكبر من المرضى ضمن أنظمة التأمين الصحي، لاسيما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حيث يُوصى به بالفعل في بعض الإرشادات السريرية.
وبحسب الباحثين، فإن هذه هي أول تجربة عشوائية واسعة النطاق تركز بشكل حصري على فئة عمرية تفوق الـ65 عامًا، وهو ما يضيف قيمة علمية وتطبيقية كبيرة للنتائج، خاصة في ظل تصاعد أعداد كبار السن الذين يعانون من آلام الظهر على مستوى العالم.