وصية جورجيو أرماني تفتح أبواب البيع التدريجي لإمبراطورية الأزياء العالمية

أرماني .. في خطوة فاجأت أوساط صناعة الموضة، كشفت وصية مصمم الأزياء الراحل جورجيو أرماني عن توصيته ببيع دار الأزياء الشهيرة التي أسسها، تدريجيًا، أو السعي إلى إدراجها في الأسواق المالية. 

وتمثل هذه الخطوة تحوّلًا جذريًا في فلسفة أرماني، الذي عرف طويلاً بحرصه الشديد على استقلالية شركته وجذورها الإيطالية الأصيلة.

رحيل "الملك جورجيو" وترك فراغ إداري

توفي أرماني، المعروف في الأوساط الفنية باسم "الملك جورجيو"، في الرابع من سبتمبر عن عمر ناهز 91 عامًا، دون أن يترك خلفه وريثًا مباشرًا. وبحسب محللين في الصناعة، تتراوح قيمة الشركة التي أسسها ما بين 5 إلى 12 مليار يورو، ما يجعلها واحدة من أكثر الأسماء جاذبية في سوق السلع الفاخرة.

شركاء استراتيجيون محتملون

حددت الوصية ثلاث شركات رئيسية كمرشحين لشراء حصص من دار أرماني:

مجموعة الأزياء الفرنسية الفاخرة LVMH

شركة مستحضرات التجميل العالمية L'Oréal

شركة النظارات العملاقة EssilorLuxottica

وقد أبدت الشركات الثلاث استعدادها لدراسة صفقة محتملة، وسط ترجيحات بأن تكون LVMH، المملوكة للملياردير الفرنسي برنارد أرنو، المرشح الأقوى نظرًا لقوتها المالية وسمعتها كمستثمر طويل الأمد.

تفاصيل خطة البيع والإدراج

تنص الوصية، التي قُدّمت في وثيقتين رسميتين خلال مارس وأبريل 2025، على البدء ببيع حصة أولية بنسبة 15% خلال 18 شهرًا من وفاة أرماني، تليها حصة إضافية تتراوح بين 30% و54.9% خلال فترة تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات.

وإذا لم يتم بيع الحصة الثانية، يُطلب من الورثة السعي نحو إدراج عام أولي (IPO)، يُفضل أن يكون في إيطاليا أو في سوق مالية ذات مكانة مماثلة.

التحكم في التصويت والإرث المؤسسي

بموجب الهيكل الجديد، تُمنح مؤسسة جورجيو أرماني، التي أسسها المصمم قبل وفاته، إلى جانب شريكه في العمل والحياة بانتاليو ديل أوركو، صلاحيات تصويت تبلغ 30% و40% على التوالي، ما يمنحهما السيطرة على 70% من حقوق التصويت.

وفي حال تم الإدراج أو البيع، ستحتفظ المؤسسة دائمًا بحد أدنى 30.1% من رأس المال، بما يضمن الحفاظ على الرؤية الأصلية لأرماني وإرثه الإبداعي.

أرباح مستقرة، لكن هوامش ربح ضعيفة

رغم أن عائدات مجموعة أرماني بلغت 2.3 مليار يورو في عام 2024، فإن هامش الأرباح التشغيلية انخفض إلى أقل من 3%، وفقًا لحسابات بنك بيرينبيرج، ما قد يكون أحد الدوافع خلف الرغبة في إعادة هيكلة الملكية وضخ دماء جديدة في الإدارة والاستثمار.

ترشيح خليفة وإعادة تشكيل الإدارة

تنص الوصية كذلك على أن المؤسسة ستقترح اسمًا لخلافة أرماني في منصب الرئيس التنفيذي، على أن يترأس ديل أوركو مجلس إدارة المؤسسة، الذي سيتكوّن من خمسة أعضاء، بينهم شخصيات من داخل العائلة وأخرى من خارجها، أبرزهم إيرفينغ بيلوتي، شريك بنك روتشيلد، وأندريا كاميرانا، ابن شقيق المصمم الراحل.

فتح الباب أمام منافسين آخرين

لم تُغلق الوصية الباب أمام عروض من شركات أخرى ذات علاقات تجارية قائمة مع أرماني، مما يفتح المجال أمام مزيد من التنافس، خاصة مع عودة اهتمام بعض المجموعات الإيطالية الكبرى بشراء أسماء عريقة.

أرماني يدخل مرحلة جديدة

بعد نصف قرن من التفرّد والاستقلال، تدخل دار أرماني مرحلة مفصلية من تاريخها، تحمل فيها إرادة مؤسسها الراحل مزيجًا من الواقعية التجارية والولاء الفني. 

وإذا ما تم تنفيذ البنود كما هو متوقع، فإن السنوات القادمة قد تشهد ولادة جديدة للعلامة الأسطورية، تحت مظلة توازن بين الاستثمار العالمي والهوية الإيطالية الأصيلة.