بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

هل يمكن للعرب ردع مصانع الموت الأمريكية الصهيونية؟

 

في عالم تتسارع فيه وتيرة سباق التسلح، وتُسخّر فيه الولايات المتحدة الأمريكية مصانعها الحربية لخدمة أجندات اللوبي الصهيوني، يطرح السؤال نفسه بإلحاح : هل يمتلك العرب اليوم صناعة ردع قادرة على مواجهة هذه الماكينة الجبارة لإنتاج الموت؟

الردع لا يُختزل في امتلاك صواريخ أو طائرات، بل هو منظومة متكاملة تقوم على أربعة أركان ( قوة عسكرية تُرهِب الخصوم، قوة اقتصادية تحرر القرار الوطني، قوة علمية وتكنولوجية تُنتج أدوات العصر، وقوة فكرية وإعلامية تصمد أمام الحرب النفسية ). 
بدون هذا التكامل، يظل الردع مجرد شعارات بلا مضمون.

في منتصف السبعينيات، أدركت مصر مبكراً خطورة الاعتماد على الخارج في التسليح، فأطلقت مشروعا ً طموحا ً بإنشاء الهيئة العربية للتصنيع؛ كان الهدف أن تكون نواة لصناعة عسكرية عربية مشتركة، توحّد الموارد، وتكسر قيود التبعية، وتبني قاعدة ردع عربية مستقلة، لكن مع الأسف، لم يستجب العرب كما كان مأمولا ً، إلا أن الشركاء انسحبوا ، وتُركت مصر لتكمل المشروع وحدها بإمكاناتها المحدودة مقارنة بحجم الطموح، وبدلا ً من أن تكون الهيئة قاطرة لصناعة الردع العربي، تحولت إلى تجربة محلية محصورة في نطاق ضيق، بينما كان بالإمكان أن تصبح منافسا ً حقيقياً للمجمعات الحربية العالمية.

اليوم، بعض الدول العربية حققت تقدما ً نسبيا ً في مجالات الطائرات المسيّرة، الصواريخ الدقيقة، والحرب الإلكترونية؛ لكن هذه الجهود ما زالت مجزأة، بلا مظلة عربية موحدة، مما يجعل تأثيرها محدودا ً أمام مصانع الموت الأمريكية التي تُدار بعقلية استراتيجية متكاملة لخدمة إسرائيل وإبقاء المنطقة في حالة نزيف مستمر.
ومع ذلك، فإن الفرصة لم تضِع بالكامل؛ فالعرب يمتلكون مقومات هائلة لو أحسنوا استغلالها ( موارد مالية ضخمة، موقع جغرافي استراتيجي، طاقات بشرية وعلمية قادرة على الإبداع). لكن الشرط الأساسي هو وجود إرادة سياسية جامعة تُحيي حلم التكامل الذي بدأته مصر قبل عقود، وتُحوّل حلم الردع العربي من فكرة مؤجلة إلى واقع ملموس.
لقد أثبت التاريخ أن من لا يملك سلاح ردعه، يظل رهينة لسلاح عدوه.
العرب أمامهم فرصة لاستعادة زمام المبادرة، شريطة أن يدركوا أن الردع ليس ترفا ً، بل ضمانة لبقاء الأمة وحماية مقدراتها. 
فهل يتوحدون لإحياء مشروع طال انتظاره أم يتركون مصانع الموت الأمريكية الصهيونية ترسم وحدها مستقبل المنطقة؟