ميتا تعيد إحياء "النكز".. خاصية من الماضي تعود لمنافسة تفاعلات الجيل الجديد

بعد ما يقارب عقدين من الزمان على إطلاقها، قررت ميتا إعادة إحياء واحدة من أقدم وأكثر ميزات فيسبوك إثارة للجدل: خاصية النكز. ورغم أن المنصة اليوم تركز بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي والميتافيرس، فإنها لم تتخلَّ عن هذه الميزة التي وُصفت يومًا بأنها بلا فائدة واضحة، بل تعمل على تجديدها وتقديمها للأجيال الجديدة بأسلوب أكثر مرحًا.
النكز يعود إلى الواجهة
وفقًا لإعلان نشرته ميتا عبر إنستغرام، أصبح من السهل الآن العثور على خاصية النكز مباشرة من ملفات تعريف المستخدمين في تطبيق فيسبوك. كما خصصت الشركة رابطًا مباشرًا لتتبع جميع الأنشطة الخاصة بالميزة عبر العنوان: facebook.com/pokes. الجديد في الأمر أن ميتا أضافت لمسة تشبه آلية "السلاسل" في سناب شات، حيث تظهر رموز تعبيرية مختلفة تبعًا لعدد النكزات المتبادلة بين الأصدقاء.
من الماضي إلى الحاضر
لمن لم يعايشوا بدايات فيسبوك في أوائل الألفية، كانت خاصية النكز آنذاك واحدة من وسائل التفاعل القليلة المتاحة. لم يكن هناك سوى التعليقات على الصفحات الشخصية والقدرة على "نكز" أحدهم. ورغم بساطتها، اعتُبرت الميزة بين الدعابة والغزل، وأحيانًا بين المرح والإزعاج. لكن بمرور الوقت، تراجعت أهميتها بشكل كبير حتى كادت تختفي من وعي المستخدمين.
ورغم ذلك، لم تُلغِ ميتا النكز تمامًا، بل ظلت الميزة موجودة في الخلفية. ومع تراجع الاهتمام بها، بدأت الشركة تفكر في إحيائها من جديد، خاصة بعد أن لاحظت زيادة ملحوظة في استخدامها مؤخرًا.
في العام الماضي، كشفت ميتا أن خاصية النكز شهدت ارتفاعًا غير متوقع في شعبيتها، حيث ارتفع عدد النكزات بمعدل 13 ضعفًا بعد أن أضافتها الشركة إلى شريط البحث في فيسبوك. هذا النجاح المفاجئ شجع الشركة على تطوير الميزة بشكل أوسع وإعادتها إلى الواجهة، في محاولة واضحة لجذب المستخدمين الأصغر سنًا الذين يبحثون عن طرق خفيفة وسريعة للتفاعل، بعيدًا عن المنشورات الطويلة أو التعليقات الرسمية.
استراتيجية لجذب الجيل الجديد
إعادة النكز ليست مجرد عودة لخاصية قديمة، بل جزء من خطة أوسع يقودها مارك زوكربيرج لإعادة تقديم ما وصفه بميزات "فيسبوك الأصلي". ففي تصريحات سابقة، أشار زوكربيرج إلى أنه يريد أن يتمكن المستخدمون مرة أخرى من رؤية محتوى أصدقائهم بوضوح، بعيدًا عن زحام المنشورات العامة والصفحات الدعائية.
الميزة قد تبدو للوهلة الأولى بسيطة أو حتى "سخيفة"، لكنها تحمل هدفًا استراتيجيًا: استعادة جاذبية فيسبوك بين الشباب. هؤلاء المستخدمون اعتادوا على تفاعلات مباشرة وسريعة عبر منصات مثل سناب شات وتيك توك، وبالتالي فإن النكز قد يكون وسيلة مرحة و"خفيفة" تعيدهم إلى فيسبوك، أو على الأقل تحافظ على وجودهم فيه.
عودة النكز أثارت ردود فعل متباينة. فالبعض يرى أنها مجرد محاولة يائسة لإعادة الماضي، بينما يعتقد آخرون أن هذه البساطة قد تكون بالضبط ما يحتاجه المستخدمون في عالم مزدحم بالمنشورات والوسائط. كما أن هناك جانبًا من الحنين يدفع كثيرين لتجربة الميزة مرة أخرى، خصوصًا ممن عاشوا فترة بدايات فيسبوك.
يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح ميتا في إعادة إحياء النكز ليصبح وسيلة تفاعل حقيقية تنافس الرموز التعبيرية والردود الفورية والقصص القصيرة؟ أم أن الأمر سينتهي بمحاولة قصيرة العمر تعكس فقط رغبة الشركة في إرضاء جميع الأذواق؟
ما يبدو واضحًا أن ميتا لا تنوي التخلي عن هذه التجربة بسهولة، وأن النكز قد يصبح جزءًا من استراتيجيتها الأوسع لإعادة تقديم فيسبوك كمنصة تجمع بين أصالة الماضي ومتطلبات الجيل الجديد. وبين من يرى في الأمر دعابة قديمة ومن يعتبره وسيلة جديدة للتفاعل، يبقى النكز عنوانًا مثيرًا للنقاش من جديد في عالم التواصل الاجتماعي.