بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

نبض الكلمات

التعليم.. من حق دستوري إلى "مزاد علني" ١

بينما يترقب ملايين الأسر المصرية بداية العام الدراسي الجديد بعد أيام فقط، لا يأتي شبح القلق من المناهج أو الدروس الخصوصية فقط، بل من "جنون الأسعار" الذي يلتهم ما تبقى من دخول الأسر، الحقيبة المدرسية أصبحت عبئًا، والزي المدرسي أشبه بكماليات، والكتب الخارجية والدروس الخصوصية تحولت إلى استنزاف حقيقي للجيوب، وكأن التعليم لم يعد حقًا بل صار رفاهية وأولياء الأمور يعيشون اليوم بين مطرقة ارتفاع الأسعار وسندان الالتزامات ، أبٌ يئن من تكلفة ثلاثة أطفال في مراحل مختلفة، وأمٌ تقف عاجزة أمام رفوف المكتبات حيث تضاعفت أسعار الأدوات المدرسية مقارنة بالعام الماضي. لم يعد السؤال: "أين نشتري الأرخص؟" بل أصبح: "هل نستطيع أن نشتري أصلًا؟"، فقد قفزت أسعار الحقائب المدرسية بنسب تصل إلى 100% مقارنة بالعام الماضي ، والأدوات الأساسية من كراسات وأقلام ارتفعت ايضاً ، والزي المدرسي أصبح خارج قدرة أغلب الأسر، حيث يكلف الطفل الواحد ما يعادل نصف مرتب موظف ، الدروس الخصوصية التهمت كل ما تبقى، حتى تحولت إلى كابوس لكل أسرة، في المقابل تنعدم الرقابه على الاسواق رغم تصريحات المسؤولين " الفشنك"،و الشارع يغلي، والأسواق تشتعل، ولا يلمس المواطن أي تحرك فعلي يخفف من هذه الأعباء ، فإذا لم تتدخل الدولة بقرارات جريئة لضبط الأسواق وتوفير سلع أساسية بأسعار عادلة، فإن ملايين الأسر ستدخل في دوامة ديون لا نهاية لها. التعليم لم يعد مجرد رسالة، بل أصبح "معركة بقاء" تخوضها الأسر كل عام، والخاسر الأكبر هم أبناؤنا الذين يُفترض أنهم عماد المستقبل.
للاسف لم يعد التعليم في مصر مجرد رحلة للمعرفة بل تحوّل إلى كابوس اقتصادي يطارد كل بيت ، المدارس الحكومية التي وُجدت أصلاً لخدمة البسطاء أصبحت هي الأخرى تثقل كاهل الأسر، مع ارتفاع المصاريف الإدارية بشكل غير مسبوق، ورسوم إضافية تحت مسميات مختلفة: نشاط، صيانة، تبرعات "إجبارية"، وغيرها من الأبواب المفتوحة لاستنزاف المواطن البسيط ،لكن الكارثة الأكبر أن هذه المصاريف في "التعليم المجاني" لا تضمن تعليمًا حقيقيًا، فالفصول مكتظة والمناهج تعتمد على الدروس الخصوصية، ما يدفع أولياء الأمور دفعًا إلى إنفاق المزيد من أموال لا يملكونها ، وفي الجهة المقابلة، تقف إمبراطورية المدارس والجامعات الخاصة التي تحولت إلى "بيزنس من نوع خاص". أسعار فلكية تبدأ بعشرات الآلاف للمدارس وتصل إلى مئات الآلاف في الجامعات، وكأننا أمام مزادات للعلم ،مدرسة خاصة تطلب مصاريف تعادل دخل موظف حكومي لعام كامل ، وجامعة خاصة ايضاً تعلن عن برامج دراسية بالدولار وكأنها في قلب أوروبا، بينما خدماتها لا ترتقي لمستوى المبالغ المطلوبة ، إعلانات جذابة عن "تعليم عالمي" و"اعتماد دولي"، لكنها في النهاية تجارة صريحة على حساب حلم الأسر، الحكومة رفعت يدها تدريجيًا عن دعم التعليم، فالمدارس الخاصة حولت التعليم إلى سلعة لا يقدر عليها إلا القادرون، ملايين الأسر عالقة بين فشل التعليم الحكومي وجشع التعليم الخاص ، والسؤال الصادم: هل التعليم في مصر ما زال "حقًا دستوريا"، أم أصبح "امتيازًا طبقيًا" لمن يملك فقط؟.. انتظرونا في الحلقة القادمة.
رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية
[email protected]