عبد الرحمن رجل من أهل الجنة.. موظف مشروع العلاج بـ"الصحفيين" يباشر عمله من داخل عزاء والدته

عندما تكون خدمة المواطنين والسعي لقضاء حوائجهم أولوية، تلك هي الصورة المثالية التي نود أن نرى كل مسئول عليها، ففي مشهد لم ولن يتكرر، أثبت الأستاذ عبد الرحمن موظف مشروع العلاج بنقابة الصحفيين، أنه سيظل رجل المهام الصعبة حتى وهو يعيش أصعب لحظات حياته، إذ حرص كل الحرص على مباشرة عمله وتلبية احتياجات الزملاء أثناء تلقيه عزاء والدته التي توفيت أمس الثلاثاء بعد صراع مرير مع المرض، فلن يأتي بعد الأم عزيزًا، ولكن تفانيه في العمل كان له رأيًا آخر.
عبد الرحمن موظف مشروع العلاج بنقابة الصحفيين يباشر عمله من داخل عزاء والدته
في مشهد تقشعر له الأبدان، التقط الكاتب الصحفي إيهاب المهندس مقطع فيديو للأستاذ عبد الرحمن وهو يباشر عمله من داخل دار المناسبات، أثناء تلقيه عزاء والدته، وحرص على نقل هذه الصورة المشرفة لموظف يحتذى به داخل أروقة نقابة الصحفيين.

نشر الكاتب الصحفي الفيديو عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الإجتماعي الأشهر “فيس بوك”، وأرفقه بتعليق مؤثر قائلًا: “والله ذهبنا لتقديم واجب العزاء أنا وصديقي علاء رضوان في والدة الأستاذ عبد الرحمن موظف مشروع العلاج بنقابة الصحفيين فوجدته يمارس عمله داخل دار المناسبات”.
كما أشاد بحسن أخلاقه وتربيته المثالية قائلاً: “ونعم التربية ونعم الثمرة الصالحة والطيبة التي تركتها لنا هذه الأم الفاضلة.. ألف رحمة ونور عليها.. أقل واجب الناس تروح العزاء في الطالبية بين الهرم وفيصل”.
في الوقت نفسه، أشاد الكاتب الصحفي محمود عبد الراضي بالأستاذ عبد الرحمن وتفانيه المطلق في العمل، وذلك خلال منشور مطول عبر حسابه الشخصي بموقع “فيس بوك” إذ وصفه بـ"الرجل الذي لا ينام"، حيث قال: "عبد الرحمن لا ينام .. عبد الرحمن، موظف بنقابة الصحفيين ومسؤول ملف مشروع العلاج، لا يعرف شيئًا عن فكرة "انتهاء العمل اليومي".
وتابع: “الرجل يعمل بجسدٍ واحد وقلبٍ بعشرات النبضات، كأنما يحمل في جيبه نبض كل صحفي يبحث عن علاج أو دواء أو حتى جرعة أمل … الساعة لديه مجرد رقم لا يُؤخذ على محمل الجد، تكلمه صباحًا يردّ عليك، ترسله فجرًا، يأتيك الجواب بنفس الحنان والاهتمام، دون ضجر، دون تأفف، وبنبرة صوت تشعرك أن كل شيء سيكون على ما يرام”.
وأضاف: "يمسك الاستمارات كأنها تذاكر نجاة، يكتب، يوقّع، يصوّر، يرسل، يطبع، ويرد على الرسائل عبر "واتساب" كأنما هاتفه وُجد ليكون خطًا ساخنًا لحالات إنسانية لا تحتمل التأجيل".
وأردف: “الزميل إيهاب المهندس التقط له صورة لن تُنسى، كان يجلس في عزاء والدته، والحزن يملأ المكان، لكنه لم يتوقف، لم يُغلق الملفات، ولم يؤجل الطلبات، كان يكتب تحويلًا طبيًا وكأن حياةً تنتظره هناك، في أحد المستشفيات، كأن دعاءً من مريضٍ لا يعرفه، يصل إليه عبر الورق”.
واختتم منشوره بقوله: “عبد الرحمن لا يدّعي البطولة، لكنه ببساطة، من أولئك الذين يرممون ما يفسده التعب والإهمال، من أولئك الذين يعملون في الظل، ليضيئوا طريقًا لغيرهم … ولعل من أحيا نفسًا، كأنما أحيا الناس جميعًا”.