فى الذكرى الـ 32 لرحيله
مداح القمر سافر من غير وداع

بليغ حمدى ظاهرة نادرة فى تاريخ الموسيقى والتلحين
ملحن فذ سبق عصره.. وألحانه خالدة فى وجدان الملايين
تحل اليوم الذكرى الـ 32 لرحيل الموسيقار الفذ بليغ حمدى، هذا الملحن الموهوب بالفطرة الذى ظهر على الساحة الفنية فى النصف الثانى من خمسينيات القرن الماضى فى عصر العمالقة محمد عبدالوهاب والسنباطى وزكريا أحمد ومحمد القصبجى وفريد الأطرش ومحمد فوزى والملحنين الشباب فى تلك الفترة الموجى وكمال الطويل، ربما لا يعلم الكثيرون أن الموسيقار الراحل محمد فوزى كان له الفضل فى ظهور موهبة بليغ على الساحة الفنية وهو من رشحه لكوكب الشرق الراحلة أم كلثوم.
ظهرت موهبة بليغ من أول ألحانه «تخونوه» للعندليب الراحل عبدالحليم حافظ وفى نهايات عام 1959 اختارته كوكب الشرق أم كلثوم لتلحين أغنية «حب إيه» كلمات الشاعر الراحل عبدالوهاب محمد، وحققت الأغنية نجاحا مذهلا لينطلق الموسيقار الشاب وهو فى عمر 29 عاما، لمسيرة تألق لم تنقطع على مدى 33 عاما، لحن خلالها مئات الروائع لعشرات المطربين فقى مقدمتهم أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وشادية ووردة ومحمد رشدى وفايزة أحمد واكتشافه للمطربة عفاف راضى وقدم لأول مرة على الحجار ومحمد الحلو ومحمد منير وسوزان عطية.
لسنا بصدد عرض ألحان الموسيقار الراحل، ما أكثر روائعه اللحنية ولكنه كان بحق موسيقار سابق لعصره وعاشق لمصر، صاغ موسيقاه وألحانه أروع الأغنيات الوطنية، لا أبالغ إذا قلت إن بليغ قدم إعجازاً لحنياً فى أغنيات «فات الميعاد» و«بعيد عنك حياتى عذاب» و«حاول تفتكرنى» و«موعود»، هذه الأغنيات أصبحت مثل المعدن النفيس الذى يزداد لمعاناً وبريقاً بمرور السنوات، مع احترامى لكافة عمالقة التلحين فى العصر الذهبى للغناء لكن بليغ فى منطقة أخرى تماماً.
قال عنه موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب: إن بليغ موسيقار يأتيه الوحى والإبداع فى كل لحظة، موسيقار غزير الإبداع.
بليغ كان له الفضل الأكبر فى اكتشاف المطرب الشعبى الكبير الراحل محمد رشدى حينما لحن له فى منتصف الستينيات «عدوية» و«تحت الشجر يا وهيبة» وحققا نجاحاً أسطورياً، إضافة إلى أغنيات «ع الرملة» و«ميتى أشوفك»، وكان له الفضل فى اكتشاف المطرب الشعبى محمد العزبى ولحن له أغنية «عيون بهية».
ولا ننسى أشهر المطربات التى اكتشفها بليغ حمدى، الرائعة عفاف راضى ولحن لها وهى دون العشرين من عمرها غنيات «والنبى ده حرام، ردوا السلام، تساهيل، كله فى الموانى».

كوكب الشرق، أعظم مطربة فى تاريخ الغناء العربى كان لبليغ الفضل فى إحداث بعض التطورات فى أغنياتها، بعيدا عن الأنغام السنباطية والوهابية، حيث لحن لها مجموعة من الروائع مثل: «حب إيه، كل ليلة وكل يوم، بعيد عنك، سيرة الحب، فات الميعاد، ألف ليلة وليلة، الحب كله» وأخيراً «حكم علينا الهوى».
حدث ولا حرج عن ألحانه الخالدة الرائعة للعندليب الراحل عبدالحليم حافظ بداية من «تخونوه» مروراً بـ «سواح، جانا الهوى، أعز الناس، الهوى هوايا»، والأغنيات الطويلة الفذة: «زى الهوى، موعود، مداح القمر، حاول تفتكرنى، أى دمعة حزن لا، حبيبتى من تكون»، والروائع الوطنية: «عدى النهار، البندقية اتكلمت، المسيح، عاش اللى قال».
مع رفيقة عمره المطربة الراحلة وردة لحن لها عشرات الروائع «العيون السود، وحشتونى، لو سألوك، اسمعونى، بلاش تفارق، حنين، وأنا مالى، بوسة ع الخد ده، لو قابلتك من زمان، بودعك»، ولا ننسى الأغنية الوطنية الخالدة فى حرب أكتوبر المجيدة «ع الربابة».
الموسيقار الراحل كان ولا يزال حالة خاصة فى حب مصر، حيث لحن أروع الأغنيات الوطنية كان يذوب فى عشق الوطن، من ينسى أغنية العظيمة شادية «يا حبيبتى يا مصر»، روائع وطنية ما أكثرها «يا أم الصابرين، عبرنا الهزيمة، سكة واحدة» لوردة و«عاش اللى قال» لعبدالحليم حافظ، والأنشودة الخالدة «بسم الله» التى لحنها بليغ وتم تسجيلها مساء يوم السبت 6 أكتوبر 1973،إنه بحق الموسيقار الفذ.
وكان للراحل بارعاً فى الألحان الدينية، يكفيه الألحان الخالدة مع المبتهل الفذ الشيخ سيد النقشبندى «مولاى إنى ببابك»، «ربنا»، «الله يا رب».،
مر 32 عاما على رحيل بليغ حمدى، أستطيع القول إنه تحول لأسطورة فى عالم التلحين، ألحانه تزداد بريقاً ولمعاناً لأنها ببساطة ألحان سابقة لعصرها، بل إنه موضع إعجاب كافة الأجيال المتعاقبة حتى التى لم تعاصره، بليغ امتداد طبيعى للعمالقة بداية من موسيقار الشعب سيد درويش، استطاع بليغ التعبير عن أدق المشاعر بموسيقى معجزة تعبر عن أرقى المشاعر رحل عن عالمنا يوم 12 سبتمبر 1993، عن عمر ناهز 62 عاما.