فضيحة «إبستن» تلاحق رجل البيت الأبيض
توقيع «ترامب» الغامض يثير عاصفة فى واشنطن

أصدرت لجنة الرقابة فى مجلس النواب الأمريكى مجموعة وثائق من أرشيف الممول الراحل جيفرى إبستين، تضمنت نسخة من كتاب أعياد ميلاده الخمسين عام 2003، وفيه رسم ذو إيحاءات جنسية بدا أنه موقع باسم الرئيس دونالد ترامب، وهو ما نفاه الأخير بشدة.
الرسم يظهر امرأة عارية كتب أسفل خصرها اسم «دونالد» بخط يد مميز، وجاء ضمن مستندات سلمها ورثة إبستين بعد استدعاء رسمى من اللجنة. الوثيقة أرفقت بمحادثة متخيلة بين ترامب وإبستين مكتوبة بخط أسود سميك، ويبدو أن اسم ترامب الأول كتب بالطريقة التى كان يستخدمها فى توقيعاته القديمة.
فجر إصدار هذه الملفات جدلاً سياسياً جديداً، حيث يرى معارضو الرئيس أن نشر «كتاب أعياد الميلاد» ينسف إنكار ترامب السابق لأى علاقة بالرسائل أو الرسوم الواردة فيه، بينما سارع البيت الأبيض إلى النفى. فقد كتبت كارولين ليفيت، المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض، على منصات التواصل أن «الرئيس لم يرسم هذه الصورة ولم يوقعها»، فيما اعتبر تايلور بودوفيتش، نائب رئيس موظفى الاتصالات، أن التوقيع ليس حقيقياً، مستشهداً بعينات حديثة لتوقيع ترامب تظهر خطوطاً أكثر حدة.
لكن صحيفة نيويورك تايمز أشارت إلى أنها راجعت مراسلات شخصية قديمة موقعة من ترامب باسمه الأول فقط فى فترة التسعينيات وبداية الألفية، حيث بدا الخط متشابهاً للغاية مع التوقيع المثبت على الرسم، خاصة فى الذيل الطويل لحرف «د». الصحيفة قالت إنها حصلت على هذه الوثائق من أرشيف مدينة نيويورك المتعلق بعمد سابقين مثل رودولف جوليانى وإدوارد كوتش.
الغضب حول تعامل إدارة ترامب مع ملفات إبستين لم يتوقف منذ شهور، خصوصاً بعد تراجع وزارة العدل عن وعدها بالكشف الكامل عن الوثائق، ما أدى إلى استياء قاعدته اليمينية وانقسام داخل الحزب الجمهورى. هذه الأزمة عطلت أجندته التشريعية مؤقتاً فى يوليو، بينما يحاول القادة الجمهوريون حالياً عرقلة مساع مشتركة بين الحزبين لفرض تصويت فى مجلس النواب يلزم الوزارة بنشر الملفات.
وكان الديمقراطيون أسرع فى استثمار التطور الجديد. النائب روبرت غارسيا من كاليفورنيا صرح بأن «اللجنة حصلت على كتاب أعياد الميلاد الذى يحتوى على رسالة من ترامب أنكر وجودها»، مضيفاً أنه آن الأوان ليكشف الرئيس عما يعرفه ويتيح جميع الوثائق المتعلقة بإبستين.
وأصدر رئيس اللجنة الجمهورى جيمس كومر بدوره بياناً اتهم فيه الديمقراطيين بتسييس الملفات وانتقاء أجزاء منها، لكنه تجنب الخوض فى تفاصيل الرسم أو المذكرة ذات الطابع الجنسى، مكتفياً بالتأكيد أن الرئيس «غير متهم بأى مخالفة».
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد نشرت فى يوليو تفاصيل عن الرسم والرسالة، وهو ما دفع ترامب حينها لرفع دعوى قضائية ضدها متهماً إياها بالتشهير، ومؤكداً أن «الرسالة المزعومة مزورة».
الكتاب المثير للجدل يتكون من ثلاثة مجلدات تضم أكثر من 200 صفحة من الرسائل والرسومات والصور المرسلة لإبستين بمناسبة عيد ميلاده الخمسين. وبعض المشاركات كانت عادية تتمنى له العمر الطويل، لكن أخرى كشفت عن دائرة ضيقة من الأثرياء متهمين بالعداء للنساء والانغماس فى السلوكيات الجنسية. إحدى الرسائل الواردة من جويل باشكو، الرئيس السابق لشركة عقارات فى نيويورك، تضمنت صورة لشيك وهمى بقيمة 22,500 دولار مصمم ليبدو كأن ترامب سدده لإبستين، وأسفله تعليق بخط اليد يشير إلى «مواهبه المبكرة فى المال والنساء»، مدعياً أن إبستين «باع» امرأة مهملة لترامب. غير أن اسم المرأة وصورتها حذفا قبل تسليم النسخة للجنة نزولاً عند طلب محامى ورثة إبستين الذين قالوا إن هدفهم حماية هوية أى ضحايا محتملين. باشكو لم يرد على طلبات التعليق.
كما احتوى الكتاب على رسوم كاريكاتورية لإبستين نفسه، بينها لوحة مؤرخة عام 1983 تظهره شاباً يقدم حلوى وبالونات لفتيات صغيرات، وأخرى عام 2003 يظهر فيها محاطاً بنساء شقراوات يقدمن له تدليكاً بينما تحلق طائرته الخاصة فى السماء، وأسفلها عبارة «يا له من بلد!».
وشملت الملفات التى سلمت أيضاً وصية إبستين الأخيرة، ودفاتر عناوينه وقائمة اتصالاته، وبيانات عن حساباته المصرفية، إضافة إلى نسخة من اتفاق عام 2007 الذى جنبه الملاحقة الفيدرالية فى قضية الاتجار بالجنس. كما استدعى كومر ورثة إبستين لتقديم ما يسمى «قائمة العملاء البارزين»، وهى وثيقة يزعم البعض أنها تتضمن أسماء شخصيات رفيعة استفادت من خدمات إبستين، غير أن محامى الورثة أكدوا أنهم لا يعرفون شيئاً عن وجودها، وهو ما ينسجم مع استنتاج وزارة العدل بأنها لم توجد أصلاً.
إبستين الذى أدين سابقاً بجرائم جنسية توفى فى السجن عام 2019 أثناء انتظاره المحاكمة على تهم اتحادية جديدة، فى واقعة اعتبرت انتحاراً رسمياً لكنها ظلت موضع نظريات مؤامرة واسعة.