المؤبد لعامل حول شوارع أسيوط إلى سوق سوداء للشابو

في قاعة صامتة إلا من وقع الكلمات الحاسمة، علت أصوات الحاجبين معلنين دخول هيئة المحكمة، ليقف الجميع احترامًا للحظة ينتظرها الرأي العام منذ شهور.
لحظة الفصل بين البراءة والإدانة، بين الحرية والقيد. دقائق معدودة فصلت المتهم عن مصيره، لتخرج الكلمة الأخيرة من منصة العدالة، كالسيف القاطع، لا رجعة فيها.
الجنايات تكتب النهاية: المؤبد لتاجر الشابو بعد تقرير المعمل الكيماوي
وسط هذه الأجواء المشحونة، أسدلت محكمة جنايات أسيوط الستار على واحدة من القضايا التي شغلت الرأي العام في مدينة أسيوط، بعدما أصدرت حكمها بمعاقبة المتهم إيهاب سيد فرغلي صالح، عامل يبلغ من العمر 32 عامًا، بالسجن المؤبد وتغريمه 100 ألف جنيه، بعد إدانته بالاتجار في المواد المخدرة وحيازة سلاح أبيض دون ترخيص.
صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد عبدالتواب صالح، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين ضياء الدين أحمد دهيس وعلاء الدين سيد عبدالمالك، نائبي رئيس المحكمة، وبأمانة سر عادل أبوالريش.
بداية الخيط
القضية تعود وقائعها إلى مايو الماضي حينما وردت معلومات سرية إلى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بمنطقة وسط الصعيد تفيد بقيام المتهم بمزاولة نشاط غير مشروع في الاتجار بمخدر "الشابو" بدائرة قسم ثان أسيوط.
المتهم، الذي سبق اتهامه في عدة قضايا مخدرات، وُضع تحت المراقبة الدقيقة بعدما تأكدت التحريات من صحة المعلومات.
وأثناء عملية الرصد، شوهد المتهم جالسًا على جانب الطريق في حي الوليدية وبحوزته كيس أسود يتبادل محتوياته مع أحد الأشخاص مقابل مبالغ مالية.
وعند التدخل المفاجئ من قوة الشرطة، تم ضبطه وبحوزته كمية كبيرة من مادة يشتبه أنها مخدر "الميثامفيتامين" المعروف بـ "الشابو"، بالإضافة إلى هاتف محمول، مبلغ مالي يعتقد أنه من حصيلة البيع، وسلاح أبيض كان يستخدمه لتجهيز المواد المخدرة.
التحقيقات والتقارير الفنية
بمواجهة المتهم أقر بحيازته المواد المخدرة بقصد الاتجار، مؤكدًا أن المبالغ المالية المضبوطة بحوزته هي من متحصلات نشاطه غير المشروع.
وأحيلت المضبوطات إلى المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي، حيث أكد تقرير الخبراء أن المادة المضبوطة تحتوي على جوهر "الميثامفيتامين" المدرج بالجدول الأول من قانون المخدرات، بوزن تجاوز المائة جرام، وهي كمية تكفي لإثبات نية الاتجار لا التعاطي.
خلفية المتهم
وكشفت مذكرة سوابقه أنه مسجل في سجلات الأمن الجنائي كمتاجر في المواد المخدرة، وله سوابق سابقة في قضايا مماثلة، كما أنه مطلوب للتنفيذ في حكم سابق بالحبس.
كلمة الفصل
وبعد استعراض أوراق القضية وأدلة الثبوت وأقوال الشهود والتقرير الفني، خلصت المحكمة إلى ثبوت الاتهام في حق المتهم بما لا يدع مجالًا للشك، وأصدرت حكمها بالسجن المؤبد وتغريمه 100 ألف جنيه.
العدالة تنتصر وتغلق صفحة الشابو
وبهذا الحكم، لم يكن صوت القاضي مجرد كلمات في قاعة المحكمة، بل رسالة قاطعة بأن أسيوط لن تكون ساحة لتجار السموم البيضاء. لحظة أُغلقت فيها أوراق الدعوى، لكن بقيت مفتوحة في ذاكرة الناس كعلامة على أن العدالة مهما تأخرت فهي لا تغيب.