بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

رؤية

مصر تواجه أوهام «نتنياهو»

تصريحات بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال الصهيونى حول تهجير سكان غزة باتجاه مصر عبر معبر رفح، تعكس عقلية توسعية استعمارية ما زالت تراهن على أوهام قديمة، ولا تعرف أن الدولة المصرية يستحيل أن تكون طرفًا فى تصفية القضية الفلسطينية أو التفريط فى أمنها القومى.

الرد المصرى جاء سريعًا وحاسمًا من خلال تصريحات صحفية لوزير الخارجية أكد خلالها أن مسألة التهجير مرفوضة تمامًا، وأنها تمثل خطًا أحمر، مشددًا على أن مصر لن تسمح بأى شكل من الأشكال بترحيل الفلسطينيين من أرضهم. وأضاف الوزير أن التهجير لا يعنى سوى التصفية الكاملة للقضية الفلسطينية، وهو أمر لا يستند إلى أى أساس قانونى أو أخلاقى أو إنسانى. كما شددت وزارة الخارجية فى بيان رسمى على أن مصر ترفض بشكل قاطع أى محاولة لفرض التهجير القسرى، وأنها لن تكون يومًا طرفًا أو ممرًا لمثل هذه الممارسات التى تمثل تطهيرًا عرقيًا وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولى الإنسانى.

هذا الموقف يعكس ثبات السياسة المصرية منذ عقود، وهى سياسة قائمة على دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة، ورفض خطط الوطن البديل، والتأكيد على أن الحل الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. لذلك لم يكن الرد المصرى مجرد موقف دبلوماسى، بل تجديد لعقيدة راسخة تؤكد أنه لا مساومة على القضية، ولا تفريط فى السيادة، ولا قبول بأى ضغوط أو ابتزاز.

معروف عن مصر أنها لا تبدأ الحروب لكنها لا تهرب منها، وإذا كُتب عليها القتال فإنها تخوضه بإرادة أمة كاملة. لا يهم المصريين ثرثرة أو أكاذيب رئيس وزراء الكيان أو غيره من قادة الاحتلال، فالشعب المصرى يعرف أن أى مساس بسلامة أراضيه أو أمنه القومى كفيل بأن يحوله إلى جبهة موحدة تتحطم عندها كل محاولات المساس بالدولة المصرية. ويشهد التاريخ على أن من يتجاوز حدود مصر يدفع الثمن غاليًا، ويكفى أن نتذكر دروس أكتوبر ١٩٧٣ وما أعقبها من عودة الجنود الإسرائيليين أسرى فى صور لا تزال شاهدة على أن الجيش الذى قيل إنه لا يقهر قد انكسر على ضفاف قناة السويس.

مصر ليست من دُعاة الحرب، لكنها تحتفظ بجيش قوى مستعد لأى مواجهة إذا فُرضت عليها. ويقف خلف الجيش أكثر من مئة مليون مصرى يدركون أن حماية الوطن خط أحمر. هذه ليست شعارات بل حقائق صنعها التاريخ وأثبتتها معارك هذا الشعب على مر العصور، بدءًا من الحروب القديمة وحتى حرب أكتوبر المجيدة.

إن تصريحات «نتنياهو» الأخيرة تكشف مأزقًا داخليًا إسرائيليًا أكثر مما تعكس أى خطة واقعية، فهو يحاول الهروب من فشل حكومته فى غزة إلى افتعال معارك كلامية مع مصر، ظنًا منه أن ذلك يشتت الانتباه عن جرائم الاحتلال وعجزه عن تحقيق أهدافه. وينسى رئيس وزراء الكيان أن مصر، بثقلها الإقليمى والدولى، وبما لديها من قوة عسكرية وشعبية، تعرف كيف تدير أزماتها وتحدد خطوطها الحمراء.

لقد قالت القاهرة كلمتها: «لا للتهجير، لا لتصفية القضية الفلسطينية، وأمن مصر القومى ليس مجالًا للمساومة». ومن يظن أن مصر يمكن أن تكون طرفًا فى مثل هذه المخططات لم يقرأ التاريخ جيدًا. إن مصر، كما كانت دائمًا، سند القضية الفلسطينية وقلب العروبة النابض ضد الأطماع الاستعمارية قديمًا وحديثًا، وستبقى هكذا وستظل رغم أنف المتآمرين والكارهين.