سراجًا منيرًا
"اليوم يوم المرحمة".. سيرة نبوية مضيئة في ذكرى المولد الشريف

في إطار الاحتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف، بثّت قناة الوفد الإلكترونية برنامج "سراجًا منيرًا"، حيث حلّ الشيخ الأمير عبد العال، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ضيفًا للحديث عن جانب من السيرة العطرة للنبي صلى الله عليه وسلم، مسلطًا الضوء على واحد من أعظم المواقف التي تجسّد قمة الرحمة والعفو، وهو موقف الرسول الكريم يوم فتح مكة.
دخول مكة.. تواضع القائد العظيم
روى الشيخ أن النبي صلى الله عليه وسلم سار يوم فتح مكة على رأس جيش عظيم قوامه عشرة آلاف مقاتل، لكنه لم يدخلها متعاليًا أو متفاخرًا، بل تجلى تواضعه العجيب وهو يحني رأسه على ناقته تواضعًا لله عز وجل.
وفي هذه اللحظة، ارتفعت كلمات سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه حين قال: "اليوم يوم الملحمة"، تعبيرًا عن رغبة طبيعية في رد الظلم والانتقام من أهل مكة الذين طالما آذوا النبي وأصحابه.
"اليوم يوم المرحمة".. كلمة غيرت المشهد
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم رد على هذا الموقف بردٍ خالد سيبقى درسًا للأمة كلها، حيث قال:
"بل اليوم يوم المرحمة".
بهذه الكلمات القليلة، رسم النبي معالم النصر الحقيقي القائم على العفو والصفح لا على الانتقام والثأر. ثم أخذ صلى الله عليه وسلم الراية من سيدنا سعد بن عبادة وأعطاها لابنه قيس، محققًا حكمة بالغة، إذ جبر خاطر سعد بمنح ابنه شرف حمل الراية، وفي الوقت نفسه بثّ الطمأنينة في نفوس أهل مكة الذين كانوا يتوجسون خيفة من مصيرهم.
قرار المصير.. "اذهبوا فأنتم الطلقاء"
واصل الشيخ الأمير عبد العال روايته قائلاً:"حين اجتمع أهل مكة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت القلوب واجفة والأنظار مترقبة. ماذا سيفعل النبي بمن حاربوه وآذوه واتهموه بالجنون والسحر؟ الكل كان يتوقع الانتقام، لكنه صلى الله عليه وسلم، الرحمة المهداة، خالف التوقعات وردد ما قاله أخوه يوسف عليه السلام لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم. ثم أعلنها كلمةً جامعة: اذهبوا فأنتم الطلقاء".
هذا الموقف لم يكن مجرد عفو عابر، بل كان قرارًا تاريخيًا غيّر مسار الدعوة، إذ دخلت قبائل مكة في دين الله أفواجًا بعد أن رأت بأم أعينها عظمة خُلق الرسول ورحمته.
أثر الموقف في الدعوة والإنسانية
أكد الشيخ الأمير عبد العال أن هذا الموقف يعكس قمة مكارم الأخلاق في شخصية الرسول الكريم، ويُثبت أن دعوة الإسلام لم تقم على السيف أو الانتقام، وإنما على الرحمة والرفق والتسامح. وقال: "لو أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتقم لفعل، لكنه آثر أن يكون قدوة في العفو ليبقى نموذجًا خالدًا للأمة جمعاء".