نبض الكلمات
مولد الهادي.. بين نور الرسالة وظلمة الواقع
في مثل هذا اليوم وُلِد خير خلق الله، محمد بن عبد الله صل الله عليه وسلم، ليكون رحمة للعالمين ومعلما للبشرية أجمعين، وحاملاً لرسالة التوحيد والعدل. وُلد الهادي في زمنٍ عمّت فيه الجاهلية، وسادت فيه العصبية، وظُلم فيه الضعيف، فجاءت رسالته نورًا يبدد ظلام القلوب والعقول، ويُقيم ميزان الحق لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: أين نحن كمسلمين من رسالة صاحب الميلاد؟!.. لقد تحول الإسلام عند كثيرين من عقيدةٍ حيه ومشروع حضاري، إلى شعارات تُرفع في المناسبات، وأناشيد . واكل الحلوي آلتي انتشرت تباع في كل مكان..والحفيقه لااعلم ما علاقة الحلوي بمولد النبوي ، والتي أصبحت مرسوم ومن طقوس أهل مصر دون العالم الإسلامي ودون أن تنعكس في واقع الأمة ، في ذكرى مولد سيد الخلق محمد عليه الصلاه والسلام ، نرفع الشعارات، ننشد الأناشيد، ونوزع الحلوى، وكأن الاحتفال مجرد طقس اجتماعي فارغ من المعنى. لكن الحقيقة المرّة أن حال الأمة اليوم أبعد ما يكون عن رسالة صاحب الميلاد ، بينما كان الإسلام في بداياته قوةً محرِّكة للتغيير والبناء، أصبح واقع المسلمين في كثير من بقاع الأرض يعبّر عن فرقةٍ وتشرذم، وصراعاتٍ داخلية، وغيابٍ عن ساحة التقدّم العلمي والحضاري ...أمّة قال عنها الله تعالى: "كنتم خير أمة أُخرجت للناس"، باتت اليوم تعاني من الاستبداد السياسي، والتبعية الاقتصادية، والحروب الداخلية التي أكلت الأخضر واليابس ، من أول العراق وسوريا ولبنان وليبيا ، وانتهت بإبادة أهل غزه موتهم أحياء....و"احنا بناكل حلوي المولد... أين حمرة الوجه..."بينما أوصى النبي عليه الصلاه والسلام بالوحدة والعدل والرحمة، تحول واقعنا إلى تنازعٍ وتكالب وصراعٍ على السلطة والمصالح.
إن الاحتفال بمولد سيد الخلق لا يكون بالأناشيد والموائد فحسب، بل بالعودة إلى جوهر رسالته: العدل، الرحمة، الكرامة الإنسانية، والعلم ، فالمولد النبوي دعوةٌ متجددة لإحياء معاني الأخوّة بين المسلمين، وتجديد عهدنا مع القرآن الكريم، والارتقاء من حال التبعية إلى حال الريادة ولقد علّمنا رسول الله أن بناء الأمة يبدأ ببناء الإنسان، وأن إصلاح المجتمع لا يتحقق إلا بالعلم والعمل، لا بالشعارات والجدال العقيم ، وفي ذكرى مولده العظيم، يحق لنا أن نسأل أنفسنا بصدق: هل نحن أوفياء لرسالته؟ هل جسّدنا في واقعنا معنى الرحمة التي جاء بها؟ وهل نسعى لتصحيح صورة الإسلام التي شوّهها التطرف من جهة، والجهل والتبعية من جهة أخرى؟..إن أعظم تكريم للنبي صلى الله عليه وسلم في يوم مولده، هو أن نعيد للإسلام وجهه الحضاري المشرق، وأن نجعل من هذه المناسبة محطة لمراجعة واقعنا، والانطلاق من جديد نحو بناء أمة تليق برسولها.
نحن نحتفل بالمولد النبوي في الوقت الذي تُستباح فيه القدس، وتُشرّد فيه شعوب عربية بأكملها، ويُساق الشباب إلى الموت في حروب عبثية. نُشعل الشموع ونرفع الرايات، بينما يعيش ملايين المسلمين تحت خط الفقر، ويُدفَنون أحياء تحت أنقاض الحروب والمؤامرات ، أي مولد نحتفل به وأمة محمد باتت غريبة عن رسالته؟!..أي مولد نحتفل به ونحن نعيد إنتاج جاهلية جديدة أكثر عارًا من جاهلية قريش؟! ، لقد ولِد النبي ليقيم أمة تقود العالم بالرحمة، أما نحن فقد اخترنا أن نكون أمة يطأها الجميع بالأقدام ، غزة اليوم ليست مجرد مدينة محاصَرة، بل جرح مفتوح ينزف منذ عقود، شاهدة على قسوة الاحتلال وصمت العالم وتخاذل الأمة ، أطفالها يولدون بين الركام، شبابها يعيشون بين حصار وقصف، ونساؤها يحملن راية الصبر في وجه الموت اليومي ، لكن العار الأكبر ليس في صمت العالم الغربي، بل في خذلان الأمة الإسلامية والعربية، التي تتفرج وكأن غزة ليست جزءًا من جسدها ، غزة اليوم مرآة تكشف عجزنا، وتفضح صمتنا، وتكتب بدماء أطفالها شهادة وفاة لضمير الأمة ، رحم الله خير البرية ، من تعطر الكون بأنفاسه الذكية وصلي علي من تنورت الدنيا بأنواره البهيه عليه أفضل الصلاة والسلام عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية
[email protected]