بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

تأملات

سيناريو «خيالى» لدعم غزة!

كيف حققت البشرية كل هذا التقدم الذى نعيشه؟ بالخيال، فبه تمكن الإنسان من غزو القمر، وبه تمكن من تطويع الأرض لتتجاوب مع تطلعاته. على هذه الخلفية ربما لنا أن نُعمل خيالنا لتحقيق ما هو معجز أو أقرب إلى الإعجاز. صحيح أن الموضوع الذى نخوض فيه هنا لا يتطلب كل هذا الشطط، ولكن لو أنك علمت خبايا الأمور لأدركت منطقنا فى مثل هذا الجموح.

الحكاية وما فيها أننا دولا وشعوبا، عربية بل وحتى غير عربية، نعيش حالة من الأنين والحسرة على عملية الإبادة التى تجرى فى غزة دون أن نملك لها وقفًا. حارت العقول وعجز الفكر عن تقديم حل يتجاوز مناشدة مرتكب عمليات الإبادة التوقف عن جرائمة، ولأن الأخير يدرك حقائق الأمور فهو ماض فى غيّه غير آبه بشئىء، فلا أمم متحدة قادرة على التدخل لوقفه، ولا دول غربية راغبة فى وقف حقيقى لدعمه، ولا دول عربية أو إسلامية تملك من القدرة على الإسناد بما يحقق المراد، وربما كانت الجبهة الإيرانية، بإيجابيات ما حدث عليها وسلبياته، نموذجا محبطا إلى حد ما.

السؤال: ما العمل؟ ليس لمثلنا أن يهلل كما هلل نيوتن قائلا: لقد وجدتها! فهذا نوع من التزيّد الرخيص، الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع، إن لم يقودنا إلى نفق من الأوهام قد لا نفيق منها سوى على كارثة. ولكن انطلاقا من المبدأ الذى صدرنا به سطورنا يبقى الطرح مشروعا وهو: لماذا لا نُعمل خيالنا؟ ومشروعية الطرح تبقى من أن هذا الخيال يجد سنده على أرض الواقع وما يجرى على صعيد جبهة الحرب الروسية الأوكرانية ليس ببعيد.

لتوضيح الصورة أو الفكرة دون لف أو دوران أشير لك إلى أن منطق الأمور يقرر أن روسيا دولة معتدية على أوكرانيا بغض النظر عن وجاهة أسبابها، وأن ذلك يرتقى ليجعل من وجود قواتها هناك نوعا من الاحتلال. على أساس هذا النوع من الرؤية تقوم دول الغرب، بتقديم الغالى والرخيص من السلاح دعما لأوكرانيا وهو دعم تجاوز حسب ترامب أكثر من 350 مليار دولار. تخيل! السؤال الذى يفرض نفسه قياسا على هذه الحالة.. بماذا نصف العمليات الإسرائيلية فى غزة؟ لا فرق.. نفس التوصيف، عدوان يتبعه احتلال بغض النظر عن أسباب هذا التطور على غرار التغافل عن الأسباب الذى طرحناه فى الأزمة الروسية الأوكرانية.

ما الذى يجب أن يستتبعه هذا الوضع؟ المنطق يقرر رد فعل مماثلا لما قام به الغرب مع أوكرانيا، أى دعم عسكرى ومادى للمقاومة الفلسطينية فى غزة، باعتبار أن أوكرانيا والمقاومة تواجهان قوة احتلال.. روسيا فى الحالة الأولى، وإسرائيل فى الحالة الثانية.

ولكن لأن منطق الأشياء معكوس أو لأنه ليس هناك منطق من الأصل، فإن ذلك النوع من الخيال من المحرمات، ويدخل فى نطاق اللا مفكر فيه أو هو مما يستحيل التفكير فيه. لماذا؟ لأن المقاومة موصومة دوليا، أو بالأحرى من الولايات المتحدة والغرب عامة بالإرهاب ودعم الإرهاب إرهاب؟ وهل يمكن لك أن تتخيل أن تشارك الدول العربية فى دعم إرهاب؟ أكاد أسمعك تقول: كلا وألف كلا!! ولا تحاول أن تستدعى من التاريخ دعم تلك الدول مثلا للمقاومة الإسلامية فى أفغانستان فى مواجهة الاجتياح السوفيتى مثلا، فذلك، حتى لو افترضت أنه كان دعما للإرهاب كان بدعم أمريكى!! وعلى هذا فإن رد فعلك يجب ألا يتجاوز أن تقول خيرا أو تصمت! أو أن تكتم أفكارك فى عقلك ومشاعرك فى قلبك.. بما يعنى من الآخر أن تموت غيظا!.

 [email protected]