بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مصر الرقمية 2031.. صناعة التكنولوجيا تقود الاقتصاد وتفتح أسواقًا جديدة

بوابة الوفد الإلكترونية

9.2 مليار دولار حجم سوق تكنولوجيا المعلومات و13 مليار جنيه استثمارات للبنية الرقمية
11.5 مليون هاتف طاقة إنتاجية سنوية.. وانخفاض الواردات من 1.8 مليار إلى 54 مليون دولار
40 ألف برج محمول جديد و600 ألف شاب فى التدريب لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة
 

أكد تقرير صادر عن مؤسسة فيتش سوليوشنز العالمية أن سوق تكنولوجيا المعلومات فى مصر يستعد لدخول مرحلة نمو قوية خلال السنوات المقبلة، مدفوعًا بتحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية وزيادة الاستثمارات الحكومية فى البنية التحتية الرقمية، وتوقع التقرير أن يقفز حجم السوق من 3.5 مليار دولار عام 2025 إلى 9.2 مليار دولار بحلول 2031، بمعدل نمو مدعوم أساسًا من قطاعى البرمجيات والخدمات.
وأشار التقرير إلى أن المشروعات القومية الكبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، ورأس الحكمة ستكون محركات رئيسية للطلب على تقنيات البنية التحتية الذكية، بما يدفع تسارع وتيرة التحول الرقمى فى مصر، كما أوضح أن أنماط الواردات بدأت تتحول تدريجيًا نحو حلول الحوسبة السحابية والتقنيات المتخصصة، وهو ما يعكس تطور السوق المحلى وسعيه لمواكبة الاتجاهات العالمية.
أبرز التقرير أن الحكومة المصرية ضخت استثمارات عامة تصل إلى 13 مليار جنيه (256 مليون دولار) خلال العام المالى الحالى لتطوير البنية التحتية الرقمية الحيوية، وتشمل هذه الاستثمارات تأمين الشبكات، وإنشاء نحو 40 ألف برج محمول جديد، وتوسيع رقمنة الخدمات الحكومية، فضلًا عن إطلاق برامج تدريبية لتأهيل أكثر من 600 ألف متخصص فى مجالات التكنولوجيا.
ويرى محللون أن هذه الاستثمارات ليست مجرد أرقام، بل تمثل بنية تحتية أساسية ستنعكس على تحسين بيئة الأعمال، ودعم الشركات الناشئة، وزيادة قدرة السوق المحلى على استيعاب تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعى، وإنترنت الأشياء، والخدمات المالية الرقمية.

صناعة الهواتف المحمولة: من الاستيراد إلى التصنيع
وفى سياق متصل، كشف تقرير آخر صادر عن المؤسسة نفسها بعنوان «نمو سوق الهواتف المحمولة فى مصر مع توسع التجميع المحلى» عن أن السياسات الحكومية الهادفة لتوطين صناعة الإلكترونيات أثمرت عن طفرة واضحة فى إنتاج الهواتف الذكية محليًا.
وتوقع التقرير أن يرتفع حجم سوق الهواتف المحمولة من 2.5 مليار دولار فى 2024 إلى أكثر من 4.8 مليار دولار بحلول 2031، بمعدل نمو سنوى مركب يصل إلى 11.4%، وأرجع التقرير هذه القفزة إلى حزمة المبادرات التى أطلقتها الدولة، وفى مقدمتها مبادرة «مصر تصنع الإلكترونيات»، بجانب الحوافز الضريبية، ورفع الرسوم الجمركية على الهواتف المستوردة لتشجيع التصنيع المحلى.

من سيكو إلى سامسونج وأوبو: قاعدة إنتاجية تتوسع
أوضح التقرير أن مصر انتقلت من مرحلة الاعتماد الكامل على استيراد الهواتف إلى مرحلة تجميع وتصنيع أجهزة لعدد من كبرى الشركات العالمية مثل سامسونج، أوبو، شاومى، فيفو، نوكيا، وإنفينيكس، كما ارتفع الإنتاج المحلى من 1.5 مليون هاتف عام 2021 إلى قرابة 3 ملايين جهاز فى 2024.
ولفت إلى أن الواردات من أجهزة الاتصالات تراجعت من 1.8 مليار دولار فى 2020 إلى 54 مليون دولار فقط فى 2024، فى حين زادت واردات المكونات الإلكترونية اللازمة للتجميع، وهو ما يعكس نجاح التوجه نحو التصنيع المحلى.

فجوة إنتاجية وفرص استثمارية
بحسب التقرير، تمتلك المصانع المصرية قدرة إنتاجية تصل إلى 11.5 مليون هاتف سنويًا، لكن المستغل منها لا يتجاوز 26%، هذه الفجوة – التى تتجاوز 8.5 مليون وحدة– تمثل فرصة ذهبية للمستثمرين لتعظيم العائد على استثماراتهم، وزيادة حجم الإنتاج لتلبية الطلب المحلى المتنامى، مع إمكانية التوسع فى التصدير إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.

التحديات أمام الصناعة الرقمية
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، حذر التقرير من بعض التحديات التى قد تعيق تحقيق الاستغلال الكامل للطاقة الإنتاجية، من أبرزها التطورات الجيوسياسية العالمية، والحاجة إلى عمالة ماهرة فى مجال تصنيع الإلكترونيات، إضافة إلى استمرار الاعتماد على استيراد المكونات الأساسية، كما أشار التقرير إلى مخاطر تتعلق بتقلبات سعر الصرف وظروف السوق المحلية.
ويرى خبراء أن التغلب على هذه العقبات يتطلب تعزيز برامج التدريب الفنى المتخصص، وتشجيع البحث والتطوير، وتبنى سياسات صناعية طويلة المدى تركز على زيادة نسبة المكون المحلى، بما يضمن استدامة الصناعة وتقليل الاعتماد على الخارج.
فى ضوء هذه المعطيات، يتضح أن مصر تسير على مسارين متوازيين، التحول الرقمى الشامل عبر الاستثمار فى البنية التحتية الرقمية، وتوسيع استخدام الحلول الذكية والخدمات الرقمية، وتعميق التصنيع المحلى خاصة فى قطاع الإلكترونيات والهواتف المحمولة، بما يخلق فرص عمل، ويعزز الصادرات، ويقلل من العجز التجارى.
هذا المزيج من الرقمنة والتصنيع لا يقتصر أثره على الاقتصاد فحسب، بل يمتد ليضع مصر فى موقع تنافسى على خريطة التكنولوجيا الإقليمية، مع إمكانيات التحول إلى مركز إقليمى لصناعة التكنولوجيا يخدم الأسواق الأفريقية والعربية.
يعكس ما ورد فى تقارير فيتش سوليوشنز أن السنوات المقبلة تحمل لمصر فرصًا غير مسبوقة لتسريع نموها الرقمى والصناعى، فإذا نجحت الدولة فى معالجة التحديات المتعلقة بسلاسل الإمداد والعمالة الماهرة، فإن 2031 قد يكون عامًا فارقًا تتحول فيه مصر إلى قوة إقليمية فى مجالى تكنولوجيا المعلومات وصناعة الإلكترونيات.