لا تصالح .. وسط بطء شديد بإجراءات التصالح في مخالفات المباني

يواجه ملف التصالح في مخالفات المباني أزمات متراكمة رغم سداد الرسوم، مما يثير غضبا متزايدا حيث يشكو المواطنون من بطء الإجراءات وتعطيل مصالحهم بينما تؤكد الحكومة سعيها لتسريع المنظومة.

لا تصالح في مخالفات المباني تحول إلى عنوان رئيسي للجدل في الشارع المصري حيث يعيش ملايين المواطنين حالة من الانتظار القلق بعدما سددوا رسوم التصالح واستلموا نموذج ثلاثة لكنهم ما زالوا محرومين من توصيل المرافق أو استصدار التراخيص النهائية هذا البطء المفرط دفع شريحة واسعة للتساؤل عن جدوى القوانين الجديدة التي وعدت بتبسيط الإجراءات وتقصير مدتها.
ولا يزال ملف التصالح في مخالفات المباني عالقا رغم وعود الحكومة بسرعة الحسم، رغم مرور أعوام على بدء تطبيقه، فإن الغموض يسيطر على خطوات استكمال الإجراءات، وهو ما أثار انتقادات واسعة في مجلس النواب.

انتقادات برلمانية وتحذيرات من فقدان الثقة
وجه النائب محمد عبدالله زين الدين انتقادات حادة للحكومة مؤكدا أن استمرار البطء في ملف التصالح يضعف ثقة المواطن في مؤسسات الدولة وأوضح أن حصول المواطن على نموذج ثلاثة لا يعني نهاية المطاف لأنه يظل عاجزا عن استكمال حقوقه من كهرباء ومياه أو إعادة البناء حتى يحصل على نموذج عشرة وهو ما لم يتحقق لكثيرين منذ أشهر طويلة مشددا على أن هذا الوضع يدفع البعض إلى التوقف عن الدفع من الأساس.

أزمات متراكمة في المحافظات
تعاني محافظات كبرى مثل الجيزة والقاهرة من تزايد الملفات غير المستوفاة إذ كشفت تقارير محلية أن غالبية الطلبات المقدمة ينقصها مستندات أساسية وهو ما يفاقم الأزمة ويضاعف التأخير برغم استعداد المواطنين للالتزام بالقانون وتشير بيانات لجنة الإسكان إلى أن ما يقارب مليونين ونصف المليون طلب لم يتم البت فيها حتى منتصف العام الماضي

طلبات متراكمة وأرقام صادمة
كشفت التقارير الرسمية عن تراكم ضخم للطلبات إذ بلغ عددها أكثر من ثلاثة ملايين منذ 2019 وحتى نهاية 2024 بينما لم يتم إنجاز سوى نحو مليون وسبعمائة وخمسين ألفا فقط وتشير تصريحات لجنة الإسكان إلى أن هناك أكثر من مليونين ونصف المليون طلب عالق ما بين لجان الفحص والتظلم الأمر الذي خلق حالة من الاحتقان داخل المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة.

التشريع الجديد وحدود التطبيق
جاء القانون رقم 187 لسنة 2023 ليمنح أملا للمواطنين حيث نص على تقليص مدة البت إلى ثلاثين يوما بدلا من ستين إضافة إلى تشكيل لجان فنية متخصصة وتحديد مسار للتظلم لكن الواقع العملي لم يواكب هذه التعديلات إذ ما زالت البيروقراطية تطغى على المشهد وتؤخر إنجاز الملفات.
جهود حكومية ومحاولات للتسريع
أعلنت وزارة التنمية المحلية أنها تتابع الملف بشكل يومي وأن قياداتها تتواجد في المراكز التكنولوجية لحل المشكلات كما أطلقت خطة لتقليص خطوات استخراج التراخيص من خمسة عشر إلى ثماني خطوات فقط وخفض المدة إلى ستة وعشرين يوما للحالات العادية وأربعين يوما للحالات التي تحتاج وثيقة تأمين فضلا عن إلغاء بعض الشروط التي كانت تعرقل استكمال الطلبات مثل تقديم جدول الإحداثيات أو شهادة الارتفاق

معاناة يومية وصوت المواطن
على أرض الواقع ما زالت الشكاوى تتصاعد إذ يؤكد مواطنون أن المنظومة تعمل بأدوات قديمة تعيق سرعة الأداء وقال أحدهم عبر منصات التواصل إن الموظفين يسجلون البيانات بخط اليد وكأننا في الثمانينيات وهو ما يعكس غياب التكنولوجيا عن العملية ويضاعف إحباط المواطنين الذين يشعرون أنهم عالقون في دائرة بيروقراطية لا تنتهي
انعكاسات اقتصادية واجتماعية
أوضح المهندس عمر محمد صاحب شركة مقاولات وإنشاءات بأن استمرار التأخير في ملف التصالح يضر بالاقتصاد ويؤثر على قطاع البناء ويعزز البناء العشوائي كما يضعف ثقة المواطنين في التشريعات الإصلاحية
ويرى نواب البرلمان أن الحل يكمن في تبسيط المستندات وتدريب العاملين على أنظمة إلكترونية حديثة ووضع آلية شفافة لتتبع الطلبات بما يضمن احترام حقوق المواطن ويعيد الثقة في المؤسسات.

حيث لم يعد ملف التصالح مجرد قضية إدارية بل أصبح قضية رأي عام تمس حياة ملايين الأسر وهو ما يفرض ضرورة التحرك السريع من جانب الأجهزة التنفيذية والتشريعية لتجاوز الروتين والوفاء بالوعود فالمواطن الذي دفع ينتظر أن يرى نتيجة واضحة وإجراءات منجزة في وقت محدد وليس سنوات من التعطيل
فيظل ملف التصالح في مخالفات المباني بحاجة إلى إصلاح شامل وإرادة قوية لتجاوز العقبات الإدارية والتشريعية فالمواطن الذي يلتزم بدفع الرسوم ينتظر أن يحصل على حقوقه كاملة وهو ما يتطلب سرعة في الأداء وشفافية في الإجراءات لتحقيق العدالة وإعادة الثقة بين المواطن والدولة