بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

دليل الحمض النووي يكشف سر أول جائحة عرفها التاريخ

تحليل الحمض النووي
تحليل الحمض النووي

بعد قرون من الغموض نجح فريق من الباحثين في حل لغز أول جائحة مسجلة في التاريخ البشري والتي ضربت شرق البحر المتوسط في القرن السادس الميلادي عبر استخدام تقنيات حديثة لتحليل الحمض النووي توصل العلماء إلى أدلة قاطعة تثبت أن بكتيريا يرسينيا بيستيس المعروفة بكونها المسبب لطاعون الموت الأسود كانت أيضا وراء طاعون جستنيان الذي فتك بعشرات الملايين من البشر بين عامي 541 و750 ميلاديًا

أدلة بيولوجية من قلب الإمبراطورية


وعثر العلماء على آثار البكتيريا في مقبرة جماعية بمدينة جرش الأثرية في الأردن وهي مدينة كانت جزءا من الإمبراطورية البيزنطية هذا الاكتشاف الذي نُشر في دورية Genes العلمية يقدم أول دليل مباشر على وجود الطاعون داخل قلب الإمبراطورية وهو ما كان يفتقر إليه العلماء سابقا رغم توفر روايات تاريخية واسعة تصف الأعراض والدمار الذي خلفه الوباء

وبحسب الباحث رايز جيانج من جامعة جنوب فلوريدا فإن هذا الاكتشاف يمثل الدليل البيولوجي المفقود الذي يؤكد أن جرثومة الطاعون كانت بالفعل وراء الكارثة واضعا بذلك نهاية لعقود من الجدل.

تحقيق في المقابر الجماعية


استخدم الفريق البحثي تقنيات دقيقة لاستخلاص الحمض النووي من ثمانية أسنان بشرية استُخرجت من دفنات جماعية أسفل ميدان سباق روماني قديم في جرش وجدت التحاليل أن جميع الضحايا يحملون سلالات شبه متطابقة من Y pestis ما يعكس انتشارا سريعا ومركّزا للجائحة ويطابق بدقة الروايات التاريخية التي تصف الطاعون بأنه تفشى بقوة داخل المدن المكتظة.

الطاعون وباء دائم التطور


ونشرت دراسة مرافقة في دورية Pathogens كشفت أن سلالة جائحة الطاعون التي تسببت بجائحة جستنيان لم تكن أصل كل الأوبئة اللاحقة بل إن انتشار الطاعون عبر العصور من الموت الأسود في القرن الرابع عشر إلى حالات معاصرة نادرة يعود إلى فاشيات مستقلة انطلقت من مستودعات حيوانية طويلة الأمد وليس من سلالة واحدة متجددة.

دروس من الماضي لتحصين المستقبل


وتسلط النتائج الضوء على أن الأوبئة الكبرى ليست مجرد أحداث تاريخية منعزلة بل هي ظواهر دورية تتكرر عندما تتوفر ظروف معينة كالكثافة السكانية المرتفعة والتنقل السريع والتغيرات البيئية وهي نفس العوامل التي ساهمت في انتشار أوبئة حديثة مثل كوفيد تسعة عشر.

واختتم الدكتور جيانغ بالتأكيد أن الطاعون لا يزال بيننا مشيرا إلى أن فهمنا لتاريخه وسلوك سلالاته المختلفة يمثل خطوة حاسمة نحو بناء أنظمة وقاية واستجابة أكثر كفاءة في مواجهة الجوائح المستقبلية.