قرار «المركزى» يعزز قدرة الدولة على جذب رؤوس الأموال

خبراء: تراجع التضخم من 45% لـ 21%.. ونتوقع وصوله لـ 15% بحلول 2026
على خلفية القرار الأخير للجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى المصرى، خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض 2%، بواقع 200 نقطة أساس توقع خبراء أن ذلك القرار سيوفر للدولة 420 مليار جنيه.
كما توقع الخبراء أن تشهد الفترة القادمة تراجع التضخم من 45% لـ 21%، ووصوله لـ 15% بحلول 2026، كما سيبلغ النمو القومى المستهدف 6% مع نهاية 2025، وكذلك خفض أسعار الفائدة على القروض الشخصية لـ 14%.
يقول الدكتور محيى عبدالسلام، الخبير الاقتصادى، على تداعيات خفض الفائدة على السوق المصرى وجذب الاستثمارات المباشرة: إن البنك المركزى خفض سعر الفائدة على الإيداع والإقراض ثلاثة مرات منذ بداية العام 2025 بنسبة 5,25%، وبواقع 525 نقطة أساس، مؤكدا أن الدولة تتبع سياسات نقدية ومالية توسعية جاذبة للاستثمار مع الحفاظ على استقرار السوق وأسعار الخامات والمنتجات معا.
وأكد فى تصريح خاص لـ «الوفد»، أن خفض سعر الفائدة سيؤدى إلى جذب استثمارات داخلية وخارجية، ورأس المال يحتاج دائما إلى سوق أمن مستقر فى أسعار خامات الصناعات المختلفة، بالإضافة إلى سوق منخفض فى تكاليفه المالية، ما يؤدى إلى جذب الاستثمارات المباشرة، وذلك نظرا لأن مصر سوق استهلاكى كبير، وهناك توجه رئاسى نحو توطين صناعات كثيفة العمالة ورأس المال والتكنولوجيا، وتصديرها إلى أفريقيا والأسواق العربية.
وأضاف أن قرارات المركزى تأتى بناء على عدة عوامل، أهمها: تأثير التضخم على الاقتصاد القومى، الذى تراجع من 45% خلال 2023 ـ 2024 إلى 21%، ونتوقع أن يعود إلى معدلاته الطبيعية 15% خلال 2026، ولجنة السياسات المالية تحاول جعل السوق أكثر مرونة وتشغيل من خلال ترك سياسة الادخارية والانكماشية التى من شأنها زيادة العرض وقلة الطلب وتباطئ حركة البيع والشراء محليا، والعودة إلى التشغيل وجذب الاستثمارات المباشرة، خاصة العربية، ومن المتوقع أن يصل معدل النمو القومى المستهدف لـ 6% مع نهاية العام الجارى، وخفض البطالة من 11% لـ 9%.
وتابع: رغم وجود التضخم بنسب تتراوح بين 21% لـ 22% إلا أن هناك استقرارا فى أسعار الخامات والمنتجات داخل السوق المصرى خلال أخر 5 شهور، حتى مع تحريك أسعار الوقود، هناك ثبات ملحوظ، وهذا ما يحتاجه المستثمر، سوق أمن ومستقر، ونزول التضخم غير مرتبط بخفض الأسعار.
وحول تداعيات خفض سعر الفائدة على أسعار الذهب، قال «محيى»: إن الذهب سلعه عالمية لا تتأثر بالسياسات النقدية غالبا، وتحددها أسعار الذهب ومسار الدولار عالميا، وإقبال الدول على الشراء كاحتياطى نقدى، والذهب فى مصر يتأثر بعاملين أساسيين، هما: السعر العالمى وسوق الشائعات التى تؤثر فى أسعار الذهب محليا، ومن المتوقع نزول سوق الذهب مقابل صعود سوق الاستثمار والعقارات، بعد خفض سعر الفائدة ودعم الدولة للاستثمار والمستثمرين فى سياساتها النقدية والتشريعية، وسيرتفع الطلب على الصناعات الاستثمارية والبورصة المالية ومشتقاتها، ولكن نتوقع ارتفاع الذهب مع نهاية 2025، بسبب إقبال الدول على الشراء وإبدال الغطاء النقدى الدولارى بالغطاء الذهبى الآمن، وذلك يرجع إلى سياسات ترامب مع دول العالم.
وحول خفض سعر الفائدة على القروض الشخصية فى البنوك تبعا للبنك المركزى، توقع خفض الفائدة من 18% لـ 14% فى البنوك على القروض الشخصية بعد هذا القرار، ونصح بعدم الدخول فى القروض الشخصية لأنها تلتهم ثُلث الدخل، إلا فى حالة الاستثمار أو شراء عقار.
وأكد النائب ميشيل الجمل، رئيس شعبة الأدوات الكهربائية باتحاد الغرف التجارية، أن خفض الفائدة يتوقع أن يدعم الاستثمار المباشر، حيث يعزز من قدرة الدولة على جذب رؤوس الأموال وتوسيع النشاط الاقتصادي، مع المحافظة على استقرار سوق العمل وسعر الصرف.
وأوضح أن القرار كان محسوبًا لتفادى تأثيرات سلبية على المدخرين الذين يعتمدون على عائد الفائدة، مؤكدًا أن خفض 2% يمثل خطوة متوازنة تسهم فى زيادة حجم الاستثمارات المباشرة، وتخفيف أعباء خدمة الدين العام، بما ينعكس إيجابيًا على الموازنة العامة للدولة ويقلل العجز خلال العام المالى الحالى، مشيرا إلى أن خفض الفائدة يُمثل دفعة قوية لكافة القطاعات الإنتاجية، لأنه يقلل من تكلفة رأس المال ويُعيد تنشيط عجلة الاستثمار.
وأوضح «الجمل»، أن البنك المركزى يظل دائمًا حذرًا، وعند أخذ قرار الخاص بأسعار الفائدة يركز فى قراراته على توقعات التضخم المستقبلية، وأضاف أن البنك المركزى المصرى يستهدف الوصول بمعدل التضخم إلى 7% (± 2 نقطة مئوية) فى الربع الرابع من عام 2026، وإلى 5% (± 2 نقطة مئوية) فى الربع الرابع من عام 2028، فى المتوسط.
أشار «الجمل» إلى أن اللجنة ثبتت أسعار الفائدة عند 24% للإيداع و25% للإقراض فى اجتماع 10 يوليو 2025، والذى سبقه تخفيض بلغ 3,25% فى اجتماعين متعاقبين، بعد نحو 3 أعوام من التشديد النقدي.
كما أكد أن الوضع الاقتصادى فى مصر يسمح للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى بخفض الفائدة فى ظل العديد من المؤشرات الإيجابية، أبرزها تراجع التضخم مع تأجيل رفع الدعم عن الوقود والكهرباء، بالإضافة إلى زيادة الحصيلة الدولارية من الموارد المحلية وأدوات الدين، فضلا عن الحاجة إلى تحفيز النمو الاقتصادى وتخفيف عبء الفائدة على القطاع الخاص.