بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الزاد

أنغام.. ميلاد جديد

بعد رحلة علاج فى ألمانيا، وبعد أن منّ الله عليها بالشفاء، عادت أنغام إلى حياتها وإلى جمهورها، عادت أولًا إلى أبنائها كما عبّرت فى رسالتها المؤثرة، ثم إلى والديها اللذين لم يتوقفا عن الدعاء لها لحظة، تمامًا كما فعل جمهورها الذى أحاطها بالمحبة والدعاء حتى استجاب المولى عز وجل.
ما أسعدنى أن صوت أنغام عاد يخاطب الناس، ليس بأغنية هذه المرة، وإنما برسالة حب وامتنان. لقد شكرت أنغام الناس بسبب دعائهم لها، وأنا أقول لها الدعاء ليس جميلًا يحتاج إلى شكر، بل هو واجب المحبة الصادقة، أما الشكر فيجب أن يتوجه أولًا وأخيرًا لله تعالى الذى أحبها فابتلاها، ثم أحبها فشفاها.
أنغام لم تعد فقط من رحلة علاج، بل عادت مولودة جديدة، بقلب كقلب طفل فى أيامه الأولى. اليوم، تفتح صفحة جديدة مع الحياة، مع جمهورها، مع أقرب الناس وأبعدهم. وهذا الميلاد الثانى فرصة لأن تعود أكثر قوة، وأكثر التصاقًا بالرسالة التى وهبها الله لها.
وكإنسان محب لصوتها، أتمنى أن تضع أمامها أجندة ذكريات جديدة.. أجندة تكتب فيها مشاعر جديدة، تتجاوز بها أوجاع الماضى ومطبات الطريق، تفتح فيها صفحات جديدة مع كل الناس. لتبدأ من جديد، كما لو أن الحياة منحتها فرصة ثانية لتعيد صياغة كل ما فات، لكن بقلب أكبر واكثر اتساعا، وروح أكثر قربًا من الله. هذه الأجندة يجب أن تضم لحظات الامتنان، والبر بالوالدين، وحب الأبناء، ورسائل الجمهور، وكل تلك العطايا التى لا تُقاس بثمن.
أتمنى من أنغام، بعد أن تتجاوز مرحلة النقاهة، أن تتوجه أولا إلى بيت الله الحرام لأداء عمرة شكرًا لله سبحانه وتعالى، وأن تصطحب والديها اللذين كانا سندها بالدعاء والخوف والرجاء. سيكون ذلك أصدق عرفان بالجميل للمولى عز وجل الذى حماها بدعاء الوالدين والناس الطيبين.
أنغام... مكانتك ومكانك وموهبتك محفوظة، فهى هبة من الله لن تنال منها محنة ولا مرض. أحبك الله فابتلاك، وأحبك الله فشفاك. هذه ولادة جديدة لكِ... فابدئى من جديد، بنفسٍ مطمئنة، وقلب ممتن، وصوت لا يعرف إلا الصدق.
صوتك لم يعد مجرد وسيلة للغناء، بل أصبح شاهدًا على إرادة الحياة، وأيقونة لصبر امرأة عرفت كيف تواجه الألم بالإيمان، وكيف تعود لتمنح جمهورها الأمل من جديد. نحن فى انتظارك، لا كصوت فقط، بل كروح انتصرت على الألم، لتظل دائمًا رمزًا للحب، والأمل، والرحمة، والنغمة التى تسكن القلوب.
اليوم، المرض لم يكن إلا محطة جديدة فى هذا الطريق الطويل، محطة كشفت حجم المحبة التى تحيط بها، ومدى قوة الرابط بينها وبين جمهورها. لقد كان الجمهور هذه المرة صوتها الموازى، يغنى لها بالدعاء، ويطبطب على روحها بالحب، حتى عادت لتقول، أنا هنا من جديد.
عودى إلى جمهورك كما اعتادك قوية، صادقة، أجمل من أى وقت مضى، وأنتِ تكتبين بيدك أول سطر فى أجندة الذكريات الجديدة... أجندة الميلاد الثانى.
لقد أعادك الله إلى جمهورك أكثر إشراقًا، فلا تجعلى صوتك مجرد ألحان تُطربنا، بل اجعليه شهادة امتنان، ومرآة أمل، ورسالة حياة. غنّى كما لو أنكِ تولدين فى كل أغنية من جديد، واملئى أجندة ذكرياتك البيضاء بما يليق بروح خاضت الألم وخرجت.. أقوى من أى وقت مضى.
شفاء أنغام لم يكن مجرد عودة لصوت غنائى أحبّه الناس، بل كان لمسة حنان إلهية وومضة نور تضىء دروب القلوب. إنها رسالة من المولى عز وجل تهمس لكل إنسان أنه مهما اشتد البلاء وضاقت السبل، فإن رحمته وسعت كل شىء، وقدرته لا يحدها حد. لحظة الشفاء لم تخص أنغام وحدها، بل مست قلوب جمهورها ومحبيها، لتمنحهم يقينًا بأن الأمل لا يغيب، وأن المحنة مهما طال أمدها لا بد أن تعقبها منحة، وأن العتمة لا بد أن تلد فجرًا جديدًا. هى شهادة إنسانية وروحية بأن الله وحده القادر على أن يقلب الألم إلى رجاء، والدموع إلى ابتسامة، والضعف إلى قوة.