«فَرِكَ» أهل الشر
فى القواميس والمعاجم اللغوية، «فَرِكَ» تأتى بمعنى كَرِهَ، وأَبْغَضَ. وفى العامية المصرية «الفرك» تستخدم للتدليل على عدم الراحة وكثرة الحركة، كأن نقول أنت شخص «فراك»، وإذا ما جمعنا المعنى اللغوى الأول مع المعنى بالعامية المصرية نجد أن هذا حال ووصف منابر أهل الشر الإعلامية، كلما زاد بغضهم وكرهم، كلما ازدادوا «فركاً» وصياحًا.
تابعت بعضًا من تغطيات تلك المنابر التى تبث سمومها كذبًا على مدار الساعة لزيارة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى للمملكة العربية السعودية، ثم استقبال السيد الرئيس بعدها بنحو 48 ساعة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية فى مدينة العلمين. وعلى طريقة «ما لقوش فى الورد عيب قالوا يا أحمر الخدين»، وعلى رأى الفنان الراحل الكبير رأفت فهيم فى البرنامج الإذاعى العريق «همسة عتاب»، وبعد بحث وفحص ومحص وتمحيص، والتدقيق فى كل صغيرة وكبيرة تخص الزيارتين لم يجدوا غير البروتوكول ليقولوا عليه أحمر الخدين.
وكعادتهم فى محاولات تحميل الأمور أكثر مما تحتمل حاولوا تفسير الخروج عن البروتوكول الرسمى فى مثل هكذا زيارات، ليظهر على عكس ما بدا وظهر على الشاشات أمام أعين الجميع. عادةً ما يُنظر إلى خرق الرؤساء للبروتوكول – سواء فى الاستقبال، أو ترتيب المقاعد، أو طريقة المصافحة – باعتباره إشارة مقصودة محمّلة برسائل سياسية وإنسانية. وفى الحالة المصرية السعودية الإماراتية، عكس كسر البروتوكول الرسمى وداً كبيراً وتقديراً عميقاً متبادلاً ما بين الرئيس السيسى وولى العهد السعودى، ورئيس الإمارات.
المثير للسخرية أن هذه المنابر نفسها، حين يتجاهل زعيمٌ ما بروتوكولًا مع أحد حلفائهم، تصفه بأنه «تقدير استثنائى» و«رسالة ود»، لكن حين يتعلق الأمر بمصر يصبح «إهانة» و«دليل تراجع الدور». ازدواجية فى الطرح وتوجيه للعرض لا تفسير له سوى أن مصر حين تقف على أرض صلبة، يشعر هؤلاء بالاختناق.
هؤلاء الذين قضوا سنوات يبشرون بانهيار الدولة المصرية فوجئوا بمشاهد عكس كل دعايتهم، العلاقة بين الرئيس السيسى والشيخ محمد بن زايد تظل استثنائية وخاصة، تتجاوز أى اختلافات، وتُترجم دومًا بمواقف ودية عفوية تحمل رسائل عميقة. والمشهد الذى تكرر حين قاد الشيخ محمد السيارة بنفسه فى صحبة الرئيس، يبعث رسالة واضحة لكل من انزعج من دفء هذه العلاقة: أن ما يجمع القائدين أكبر من البروتوكول وأعمق من الرسمية. وما حدث فى العلمين يتكامل مع مشهد آخر لا يقل رمزية، حين استقبل ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان الرئيس السيسى فى مدينة نيوم، وقاد السيارة بنفسه فى صحبته، فى إشارة مماثلة إلى قوة العلاقة ودفئها. هنا أيضًا لم يكن البروتوكول حاضرًا بقدر ما كان الحضور الإنسانى والأخوى هو الرسالة الأوضح: علاقة تقوم على الاحترام والثقة، لا على البروتوكول والرسميات.
هذا المحور العربى الثلاثى، وإذا ما أضفنا إليه التنسيق المصرى القطرى، والجودة التى أصبحت عليها العلاقات المصرية الخليجية فى عهد الرئيس السيسى تزعج أهل الشر وتؤرق مضاجعهم وتطير النوم من عيونهم، لا يعجبهم دفء العلاقات وقوتها، يريدون الخلافات والصراعات يقتاتون عليها كالضباع على الجيفة. تقارب يثير الحساسية لديهم، ولم لا فهو يغلق الباب تماما أمام عودتهم.