مصرع عامل وإصابة 6 آخرين في انقلاب ربع نقل بطريق ديروط الفرافرة

لم يكن صباح ذلك اليوم مختلفًا عن غيره بالنسبة لسبعة عمال خرجوا في رحلة رزق شاقة فوق سيارة ربع نقل تسلك الطريق الصحراوي الغربي بين أسيوط والفرافرة.
لكن القدر كان يخفي لحظة فارقة ستغيّر كل شيء، السيارة التي حملت أحلامهم وأجسادهم تعثرت فجأة في منحنى على الطريق الجاف، فقد السائق السيطرة عليها، وبدت ثوانٍ قصيرة وكأنها دهور، قبل أن تنقلب السيارة مرات متتالية وتتحول الأجساد إلى ضحايا متناثرة على الرمال.
صرخات على الطريق الصحراوي الغربي
مع الصرخة الأولى التي دوّت في المكان، تحوّل الطريق الصامت إلى ساحة فزع. المارة وقفوا في ذهول يحاولون مدّ أيديهم لانتشال المصابين، بينما تصاعدت سحابة غبار كثيف من أثر الانقلاب.
سيارات الإسعاف وصلت في سباق مع الزمن، وتبعتها قوات الشرطة التي سارعت لتأمين الموقع. وسط المشهد المروّع كان هناك جسد ساكن للعامل زين محمد أبو زيد البالغ من العمر أربعًا وأربعين عامًا، وقد فارق الحياة في الحال، بينما زملاؤه الستة يتألمون من إصابات متفرقة بين كسور وجروح ونزيف داخلي.
المستشفى يتحول إلى ساحة سباق مع الزمن
الضحايا الذين نجوا من الموت بأعجوبة هم رمضان عبد العظيم جاد الرب ومحمد سيد محمد ومحمد حسن عبد الكريم وحسام محمد أبو زيد ومحمد سعد فؤاد ومحمد أحمد فهمي.
نُقلوا جميعًا إلى مستشفى ديروط المركزي، حيث تحوّلت غرفة الطوارئ إلى ساحة صراع جديدة بين الحياة والموت، الأطباء يندفعون لتقديم الإسعافات العاجلة، العائلات تتوافد بأعين باكية ووجوه شاحبة، وكل دقيقة تمر كأنها سنة من الانتظار المؤلم.
قرارات عاجلة من النيابة العامة لكشف الملابسات
في الوقت نفسه، كانت أجهزة الأمن تتحرك بسرعة. اللواء وائل نصار مدير أمن أسيوط تلقى إخطارًا من مأمور مركز شرطة ديروط بوقوع الحادث، فانتقلت قوة من الشرطة لمعاينة الموقع.
المعاينة الأولية أثبتت أن السيارة فقدت السيطرة بالكامل على الطريق مما أدى إلى انقلابها ووقوع الضحايا. لكن الصورة لم تكن لتكتمل دون دخول النيابة العامة التي أصدرت أوامر عاجلة بفتح تحقيق شامل في الواقعة، لتحديد المسؤوليات وكشف ملابسات الحادث.
قرارات النيابة جاءت حاسمة، إذ تقرر تشكيل لجان متخصصة وندب خبراء الأدلة الجنائية لفحص موقع الحادث والسيارة المنقلبة بدقة، والتأكد مما إذا كان هناك شبهة جنائية وراء الانقلاب أم أنه مجرد حادث عارض. كما كُلف المعمل الجنائي بمعاينة آثار الحادث وإعداد تقرير شامل يوضح تفاصيل ما حدث.
النيابة طلبت أيضًا تحريات المباحث حول ظروف وقوع الحادث، ومراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة الموجودة بمحيط الطريق، إضافة إلى سؤال شهود العيان والمصابين الذين عايشوا لحظات الانقلاب.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل صدر قرار بندب الطبيب الشرعي لتشريح جثمان الضحية وبيان سبب الوفاة بدقة، فضلًا عن إعداد تقرير عن الإصابات التي لحقت بالمصابين ومدة علاجهم.
القصة الإنسانية خلف حادث ربع نقل ديروط الفرافرة
بعيدًا عن تقارير الشرطة والطب الشرعي، تبقى القصة الحقيقية في عيون المصابين وأسرهم. سبعة رجال خرجوا في الصباح بحثًا عن لقمة عيش، عاد واحد منهم جثمانًا بلا حراك وستة آخرون مقيدين إلى أسِرّة المستشفى.
عائلات بأكملها تبددت أحلامها في لحظة واحدة على طريق صحراوي لا يعرف الرحمة. حادث انقلاب ربع نقل على طريق ديروط الفرافرة لم يكن مجرد خبر عابر في دفاتر الشرطة، بل مأساة إنسانية تنطق بكل تفاصيلها: الحزن والوجع والفقد، والعدالة التي تبحث عن إجابات وسط رمال الطريق.
النيابة العامة تواصل قراراتها الحاسمة لإعادة رسم صورة ما حدث، فالحادث لم يكن مجرد انقلاب سيارة، بل صرخة جديدة تنضم إلى سجل الطرق الصحراوية التي تحصد الأرواح. وبينما يرقد المصابون في المستشفى تحت رعاية الأطباء، تبقى القصة مفتوحة على جرح إنساني لا يلتئم سريعًا، وقضية تنتظر أن يُكتب فصلها الأخير بحكم القانون.