ترامب يسعى لحصة في إنتل وسط جدل تمويل الرقائق

تشهد صناعة الرقائق في الولايات المتحدة واحدة من أكثر فصولها إثارة للجدل، بعد إعلان إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الأسبوع الماضي عن نيتها الاستحواذ على حصة في شركة إنتل (Intel) مقابل 10.86 مليار دولار من المنح الفيدرالية التي حصلت عليها الشركة في إطار قانون الرقائق والعلوم (CHIPS Act). هذه الخطوة، إن حدثت، ستشكل سابقة في العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وكبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية.
منح بالمليارات ولكن بشروط
قانون الرقائق والعلوم، الذي أُقر لدعم توطين صناعة أشباه الموصلات وتقليل الاعتماد على شرق آسيا، ضخ عشرات المليارات لدعم شركات مثل إنتل وTSMC وMicron. غير أن إعلان إدارة ترامب الأخير أثار حالة من الارتباك، خصوصًا بعدما أوضحت صحيفة وول ستريت جورنال أن جميع الشركات المستفيدة من هذه الحوافز ليست مطالبة بالتخلي عن حقوق ملكية مقابل التمويل.
ووفقًا لمسؤول حكومي مطلع، فإن شركات مثل TSMC التايوانية وMicron الأمريكية، اللتين ضاعفتا استثماراتهما داخل الولايات المتحدة، لن تواجه التزامات إضافية مماثلة لتلك المطروحة على إنتل.
تصريحات مثيرة للجدل
الأزمة تفجرت بعد تصريحات وزير التجارة هوارد لوتنيك، الذي هاجم طريقة توزيع الدعم الحكومي، مشيرًا إلى أن إدارة بايدن منحت أموالًا مجانية لإنتل وTSMC وغيرهما دون مقابل. وقال لوتنيك لشبكة CNBC: "كانت إدارة بايدن تمنح إنتل الأموال مجانًا، وتمنح TSMC أموالًا مجانًا، وجميع هذه الشركات تحصل على الدعم دون شروط واضحة."
ترامب استغل هذه النقطة ليطرح رؤية أكثر تشددًا قائلاً: "إذا كنا سنمنحكم المال، فنحن نريد حصة من العمل." وهو ما فتح الباب أمام فكرة تملك الحكومة الأمريكية أسهماً في شركات الرقائق الكبرى.
موقف TSMC وMicron
بحسب وول ستريت جورنال، فإن TSMC – التي حصلت على 6.6 مليار دولار لبناء مصنعها في أريزونا – ناقشت داخليًا إمكانية ردّ الدعم إذا طالبت واشنطن بحصة ملكية مباشرة. الشركة التايوانية لا تزال في طور توسيع حضورها في السوق الأمريكية، حيث أعلنت مؤخرًا عن استثمار ضخم بقيمة 100 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة لبناء ثلاثة مصانع جديدة، ومنشأتين متقدمتين للتغليف، إضافةً إلى مركز رئيسي للبحث والتطوير.
أما شركة Micron، فقد وسّعت بدورها منشآتها في أيداهو ونيويورك وفرجينيا، وهو ما جعلها في مأمن من ضغوط إضافية. مسؤول في وزارة التجارة الأمريكية أكد الأمر بوضوح: "لا تسعى الوزارة إلى الاستحواذ على حصة من TSMC أو Micron."
تحديات قانونية متوقعة
رغم حماسة إدارة ترامب لفكرة دخول الحكومة كمساهم في إنتل، إلا أن هذه الخطوة قد تواجه عوائق قانونية كبيرة. فالشركات التي تحصل على دعم من قانون CHIPS مُلزمة بالفعل بمشاركة جزء من إيراداتها مع الحكومة إذا تجاوزت أرباحها مستوى معين. وهو ما قد يجعل أي محاولة لفرض ملكية مباشرة عرضة للطعن في المحاكم بسبب تعارضها مع العقود الموقعة.
إعادة توجيه التمويل نحو المعادن الحيوية
وفي سياق متصل، كشفت وكالة رويترز أن الإدارة الأمريكية تدرس تحويل ما يصل إلى ملياري دولار من أموال قانون CHIPS إلى مشاريع المعادن الحيوية داخل الولايات المتحدة. وتستهدف هذه الخطوة تقليل الاعتماد على الصين في توفير المعادن الأساسية المستخدمة في صناعات الإلكترونيات والدفاع، مثل العناصر النادرة والمغناطيسات المتقدمة.
وقال مصدر مطلع: "تسعى الإدارة جاهدة لإيجاد سبل لتمويل قطاع المعادن الحيوية، لكن هذه الخطط لا تزال قابلة للتغيير."
مستقبل صناعة الرقائق الأمريكية
بين ضغوط الاستحواذ على حصص ملكية وإعادة هيكلة أولويات التمويل، يواجه قطاع أشباه الموصلات الأمريكي مرحلة دقيقة. فإذا مضت إدارة ترامب في خطتها مع إنتل، فقد يفتح ذلك الباب لمعادلة جديدة تمامًا في علاقة الحكومة بالصناعة، وربما يعيد تعريف مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
لكن في المقابل، يرى خبراء أن تشديد الشروط على شركات مثل إنتل قد يدفع بعض اللاعبين الكبار إلى إعادة التفكير في حجم استثماراتهم داخل السوق الأمريكية، ما قد يؤثر على الهدف الأساسي لقانون CHIPS وهو تعزيز استقلالية واشنطن في مجال التكنولوجيا المتقدمة.