بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

إيكوزيا تعرض إدارة متصفح جوجل كروم كـ "مؤسسة خيرية" لدعم المناخ والبيئة

بوابة الوفد الإلكترونية

في خضم النقاشات المتزايدة حول مستقبل متصفح جوجل كروم بعد الحكم القضائي الأمريكي الأخير الذي اعتبر الشركة محتكرة في سوق محركات البحث، برزت منظمة Ecosia الألمانية غير الربحية كلاعب مفاجئ في المشهد، حيث تقدمت باقتراح فريد من نوعه لإدارة كروم وتحويله إلى مؤسسة خيرية بدلاً من بيعه لشركة ربحية أخرى.

خلفية القضية: جوجل تحت ضغط قضائي

كانت وزارة العدل الأمريكية قد دفعت بقوة في الآونة الأخيرة لإجبار جوجل على التخلي عن بعض أصولها الرقمية، وعلى رأسها كروم، الذي يُعتبر اليوم المتصفح الأكثر استخدامًا في العالم بحصة سوقية تفوق 60%. هذا التوجه جاء بعد صدور حكم قضائي يؤكد أن هيمنة جوجل على محركات البحث ومجالات الإعلان عبر الإنترنت تُعد ممارسة احتكارية.

ورغم إعلان جوجل نيتها استئناف الحكم والدفاع عن موقفها، إلا أن مجرد طرح فكرة بيع كروم فتح الباب أمام عروض واستعدادات من شركات تكنولوجية مختلفة، وكل منها يسعى لتقديم نفسه كبديل محتمل لإدارة المتصفح الأشهر عالميًا.

عرض Ecosia: كروم كأداة خيرية

لكن اقتراح Ecosia بدا مختلفًا تمامًا عن بقية المنافسين. فالمنظمة الألمانية، المعروفة بتوجيه أرباحها لزراعة الأشجار وتمويل المشاريع البيئية، لم تعرض مليارات الدولارات كما هو متوقع من أي صفقة بهذا الحجم. وبدلاً من ذلك، دعت لتحويل كروم إلى مؤسسة غير ربحية تُدار لخدمة المناخ والبيئة.

ووفقًا للخطة المقترحة:

  • ستتولى Ecosia المسؤولية التشغيلية لمتصفح كروم لمدة عشر سنوات.
  • تحتفظ جوجل بحقوق الملكية الفكرية الكاملة على المتصفح.
  • يتم تخصيص 60% من أرباح كروم لدعم مشروعات بيئية ومناخية.
  • تُعاد 40% من الأرباح إلى جوجل كجزء من الاتفاق.

اللافت أن Ecosia لا تنوي دفع أي مبلغ مقدمًا، لكنها تتوقع أن يُحقق كروم نحو تريليون دولار من الإيرادات خلال العقد المقبل، وهو ما يجعل العوائد لجوجل ضخمة حتى في ظل هذا النموذج الخيري.

لماذا قد توافق جوجل؟

قد يبدو العرض مثاليًا من الناحية النظرية، لكنه في الوقت نفسه بعيد المنال من الناحية العملية. مع ذلك، يرى مراقبون أن مثل هذا النهج قد يمثل صفقة مربحة لجوجل على أكثر من صعيد:

  1. صورة إيجابية: نقل ملكية كروم لجهة غير ربحية بيئية قد يُعيد تحسين سمعة جوجل التي تضررت بسبب اتهامات الاحتكار.
  2. علاقات قائمة: جوجل لديها بالفعل شراكة عمل مع Ecosia عبر محرك البحث الذي تديره الأخيرة بالاعتماد على بنية جوجل التقنية، مع اتفاقيات لتقاسم الإيرادات.
  3. تجنب المنافسة المباشرة: بدلاً من بيع كروم لمنافس ربحي مثل مايكروسوفت أو أمازون، فإن تسليمه إلى مؤسسة غير ربحية يضمن لجوجل استمرار نفوذها غير المباشر دون خسارة السوق.

إذا أخذنا العرض بجدية، فإنه يُمثل نموذجًا جديدًا لإدارة أصول تكنولوجية ضخمة ضمن إطار غير ربحي. لكن تبقى التساؤلات: هل ستقبل السلطات الأمريكية مثل هذا الحل؟ وهل ستراه كافيًا لتفكيك ما تعتبره "احتكارًا"؟

بالمقابل، فإن Ecosia، رغم مكانتها البيئية المرموقة، ليست لاعبًا ضخمًا في سوق التكنولوجيا مقارنة بالشركات العملاقة، ما يثير تساؤلات حول قدرتها على تشغيل متصفح بحجم كروم بكفاءة وابتكار مستمر.

في النهاية، يظل عرض Ecosia أكثر من مجرد اقتراح مالي؛ إنه رؤية مختلفة لمستقبل التكنولوجيا، حيث يمكن تحويل أدوات رقمية يستخدمها مئات الملايين إلى محرك خير يخدم المناخ والبيئة. وبينما قد يبدو هذا السيناريو صعب التحقيق، فإن مجرد طرحه يُسلط الضوء على الحاجة لإعادة التفكير في كيفية إدارة الأصول التكنولوجية الكبرى بما يوازن بين الربح والمسؤولية الاجتماعية.