«ترامب» يرسم «اليوم التالى» فى غزة بدم الشهداء

بينما تنام الملاك «جورى رمضان لافى» فى حضن ذويها فى لقطة الوداع الأخيرة.. لم يكن التجويع ولا طلقة طائشة بالقرب من مراكز توزيع المساعدات، ولا مظلة إنزالات جوية سبب الارتقاء هذه المرة بل قتلوا «جورى» بصاروخ، أمريكى الصنع، جاء حاملا السلام لسوريا ولبنان أمس، ولكنه أخطأ الوجهة وسقط فى غزة.
على مقربة من وداع «جورى» صراخ واستغاثات تشق السماء تنعى محو أسر كاملة من سجل الحياة.. بينما ودعت الطفلة مريم والدها لآخر مرة قائلة: مرحبا يا أبى وظل الأب صامتا.. بينما يتلقى ثلاثة زملاء صحفيين هم «حاتم عمر ومحمد فايق وجمال بدح» العلاج داخل مجمع ناصر الطبى جنوب قطاع غزة، إثر إصابات متفاوتة بعضها خطير، جراء الاستهداف المباشر الذى طال الصحفيين بمجمع ناصر الطبى يوم الاثنين الماضى وقد أسفر هذا الاستهداف عن ارتقاء 20 على الأقل، من بينهم خمسة صحفيين، فى جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة الجرائم المرتكبة بحق المدنيين والطواقم الإعلامية.
يأتى ذلك فيما قال المبعوث الأمريكى إلى الشرق ستيفن ويتكوف، إن اجتماعا بشأن غزة سيعقد فى وقت لاحق فى البيت الأبيض. وأضاف لشبكة فوكس نيوز أن ترامب سيترأس الاجتماع بشأن غزة فى البيت الأبيض وسيكون اجتماعا موسعا. وأوضح أن الاجتماع بشأن غزة سيبحث خطة شاملة بشأن اليوم التالى لانتهاء الحرب وتراجع الرئيس الأمريكى عن تصريحات سابقة له بأن نتائج حاسمة وشيكة بشأن قطاع غزة، قائلا إن لا شىء حاسما، هذا الوضع مستمر منذ مدة طويلة.
وأضاف ترامب، خلال اجتماع للحكومة فى البيت الأبيض أول أمس الثلاثاء، أنه لا يمكن توقع أى شىء نهائى بشأن إمكانية خروج نتيجة قطعية فى غزة خلال بضعة أسابيع. وأوضح أن هذا الأمر مستمر منذ فترة طويلة من دون أى نتيجة حاسمة، و«آمل أن تحل مشاكل غزة والتى بين روسيا وأوكرانيا فى أقرب وقت».
وحذر رئيس الطب الوقائى فى وزارة الصحة الفلسطينية، أيمن الفرا، من أن أى نزوح جديد من مدينة غزة نحو مناطق أخرى، فى ظل الوضع الإنسانى الراهن سيُشكّل كارثة صحية محققة تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين، خاصة الأطفال.
وأوضح أن الوزارة سجلت خلال الشهرين الأخيرين 100 إصابة بالشلل الرخوى و10 وفيات، ما يعد مؤشرًا بالغ الخطورة على انهيار الوضع الصحى، ويهدد حياة الكبار والصغار على حد سواء.
وأشار إلى أن الإنفلونزا الموسمية تنتشر بشكل واسع فى مراكز النزوح، نتيجة اختلاط الآلاف فى أماكن مغلقة تفتقر للتهوية، دون توافر بيئة صحية أو مقومات أساسية للوقاية.
وأضاف الفرا أن القطاع الصحى يعانى من انهيار كبير فى المناعة العامة لدى الأهالى بسبب سوء التغذية، ونقص الدواء، والظروف المعيشية القاسية، ما جعل الأطفال الفئة الأكثر عرضة للخطر.
وأكد أن هناك ما لا يقل عن 60 ألف طفل فى غزة مهددون بشكل مباشر بالأوبئة والأمراض المعدية، فى ظل الانهيار الحاد للمنظومة الصحية.
وقد أدى ذلك إلى حركة نزوح كبيرة لأهالى القطاع نحو الأجزاء الغربية من المدينة، التى باتت مكتظة بعشرات الآلاف من النازحين، وسط أزمة إنسانية متفاقمة وظروف معيشية غاية فى القسوة.
وأكد شهود عيان من أهالى شمال القطاع لـ«الوفد» أن مدنا كثيرة مسحت عن الخريطة، بينما ودعوا مئات آلاف الضحايا، وتم تدمير مستشفيات وجامعات ومدارس وانهارت، بنية تحتية من كهرباء ومياه مقطوعة، وتجويع وتشريد لملايين البشر.
وأكدوا أن ما يحدث فى رام الله لا يقارن بما تعيشه غزة وأوضحوا أن من يصر على المقارنة لا يعرف حجم الكارثة. وذلك فى اشارة إلى اقتحام الاحتلال لمدن تحت حكم السلطة الفلسطينية واعتقال عشرات الفلسطينيين.
وقال إن هذه السياسة الممنهجة أدت إلى ارتفاع عدد ضحايا الجوع وسوء التغذية إلى 313 شهيدا، بينهم 119 طفلا، وسط تحذيرات من أن الجوع سيستمر فى حصد المزيد من الأرواح، خاصة بين الأطفال والمرضى وكبار السن. وقال مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية «أمجد الشوا» عمليات التجويع التى يتعرض لها القطاع تتصاعد محذرا من استمرار سقوط الضحايا.