بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

خفض الزيادة السكانية فقط لا يكفى

كشف بيان جديد للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء تراجع معدل الزيادة السكانية، فبعد أن كانت مصر تزيد مليون شخص كل 268 يوما، فقد باتت تزيد الرقم ذاته كل 287 يوما، وهو ما يعنى أن الفترة الزمنية لزيادة التعداد من 107 ملايين نسمة إلى 108 ملايين نسمة صارت أطول بـ19 يوما عما كانت عليه من 106 إلى 107 ملايين نسمة.

وهذه الفترة الزمنية أطول بـ19 يوما مقارنة بالفترة التى استغرقتها الزيادة من 106 إلى 107 ملايين نسمة (268 يوما)، ما يظهر تباطؤ معدل الزيادة السكانية.

وكانت مصر قد أعلنت قبل شهور تراجع معدل الإنجاب ليصبح 2.4 مولود لكل سيدة، وهو ما وصف بأنه أقل معدل إنجاب منذ عام 2007.

وهذا المؤشر يحمل بشائر عديدة تزيدنا أملا فى تجاوز العديد من التحديات الصعبة على المستويين الاقتصادى والاجتماعى، خاصة أن المشكلة السكانية ظلت على مدى عقود طويلة أحد المعوقات الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة.

وبلا شك فإن ذلك يعنى بكل وضوح أن السياسات والخطوات التى تضمنتها الاستراتيجية القومية للسكان التى أعلنتها الحكومة قبل أكثر من عام ذات فاعلية، وبدأت تؤتى ثمارها.

فنتيجة لحملات التوعية الصحية فى الحضر والريف بضرورة تنظيم الأسرة، ومن بين ثمار برنامج «حياة كريمة» وما تضمنه من توعية ورعاية للأسر الأكثر فقرا، تقلصت فكرة زيادة الإنجاب كوسيلة خاطئة لزيادة دخل الأسر. وآمن الآباء بأن رعاية الأبناء الرعاية الشاملة المستحقة، تتضمن حقهم فى التعليم الجيد، والخدمات الصحية الأساسية. ولا شك في أن ذلك دفع كثيرا من أهل الريف إلى المضى قدما فى برامج تنظيم الأسرة والاكتفاء بطفلين أو ثلاثة على أقصى تقدير.

كذلك، فإن ارتفاع نسب تعليم الفتيات فى الريف، أسهم فى ارتفاع سن الزواج، وبالتالى خفض أعداد المواليد.

ويمكن القول أيضا إن التطور التكنولوجى واتساع حدود المعرفة وانهيار الحواجز الثقافية والعرقية بين الأمم أسهم فى تحفيز كثير من المواطنين لمحاكاة الدول المتقدمة، والاطلاع على تجاب التنمية الأخرى والسعى لمحاكاتها.

لكن على الرغم من الإنجازات المتحققة، فإن لدينا بعض الملاحظات المهمة على هامش ما تحقق من خفض للزيادة السكانية. فبشكل واضح، فإن هناك تفاوتا كبيرا بين نسب المواليد فى محافظات الوجه البحرى ومدن القناة مقارنة بالوجه القبلى، فمازالت محافظات مثل أسيوط، سوهاج، قنا، المنيا، وبنى سويف تسجل معدلات عالية جدا للمواليد، بينما تسجل محافظات مثل بورسعيد ودمياط معدلات قليلة. وهذه الملاحظة تعكس ضعف تأثير للمبادرات والأطروحات الحكومية فى مدن الصعيد، وربما يكون ذلك ناتجا عن تجاهل وإهمال متوارث للإقليم الجنوبى.

ثانى الملاحظات تخص معدل النمو الاقتصادى، فمن المتفق عليه اقتصاديا أن الشعوب تشعر بثمار التنمية عندما يتجاوز معدل النمو الاقتصادى ضعف معدل الزيادة السكانية، لأكثر من خمس سنوات متواصلة. وهذا يعنى أن تحافظ مصر على معدل نمو يتجاوز الـ 4 و5 فى المئة لعدة سنوات، وهو ما يتطلب جهدا مضاعفا وتحسينا لمناخ الاستثمار وتشجيعا حقيقيا للقطاع الخاص للعمل بفاعلية.

ثالث الملاحظات تتعلق بضرورة استمرار سياسات التوسع العمرانى بما يعيد تنظيم الكثافة السكانية، وألا تكتفى الحكومة بالخفض المتحقق فى معدلات المواليد، فمن المُهم زيادة الرقعة العمرانية، والتوزيع الأمثل للسكان، والحد من الهجرات بين المحافظات بحثا عن أنشطة وخدمات، من خلال إتاحة المزيد من الأنشطة فى كافة المناطق.

ونحن فى حاجة ماسة إلى تأكيد عنصر الاستدامة فيما يخص التعامل مع القضية السكانية، وهو ما يُسرع عملية التنمية ويحقق نتائج جيدة فى تحسين معيشة المواطنين.

وهذا بعض ما نأمل تحقيقه قريبا، وسلامٌ على الأمة المصرية.