بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

صراع جديد بين آبل وماسيمو على ميزة "أكسجين الدم"

بوابة الوفد الإلكترونية

دخل النزاع القانوني الممتد بين شركة ماسيمو، المتخصصة في تكنولوجيا الأجهزة الطبية، وعملاق التكنولوجيا الأمريكي آبل مرحلة أكثر تعقيدًا، بعدما رفعت ماسيمو دعوى قضائية ضد هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية (UCBP). 

يأتي ذلك بعد أيام قليلة من إعلان آبل عن إطلاق ميزة جديدة لمراقبة أكسجين الدم في ساعاتها الذكية، ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط التقنية والقانونية.

بداية الأزمة: اتهامات بالانتهاك وبراءات اختراع حساسة

تعود جذور الخلاف إلى عام 2021، حينما تقدمت ماسيمو بدعوى قضائية ضد آبل، متهمةً إياها بانتهاك براءات اختراع تخص تقنيات المراقبة الضوئية لمستويات أكسجين الدم. واعتبرت ماسيمو أن آبل استغلت تقنياتها الطبية المتقدمة وأدمجتها في ساعاتها الذكية دون الحصول على تراخيص.

وفي عام 2023، أيدت المحكمة موقف ماسيمو، ما أجبر آبل على وقف مبيعات Apple Watch Series 9 وApple Watch Ultra 2 في السوق الأمريكية لبضعة أسابيع. القرار أحدث صدمة للمستخدمين وأضر بمبيعات الشركة في سوقها المحلية، حيث تُعتبر الساعات الذكية من أكثر منتجاتها مبيعًا بعد الآيفون.

التفاف آبل على الحظر: حذف الميزة مؤقتًا

لمواجهة الحظر، لجأت آبل إلى خطوة جذرية تمثلت في إزالة ميزة مراقبة أكسجين الدم من الطرازات الجديدة المباعة داخل الولايات المتحدة. وبهذا التحايل القانوني، تمكنت الشركة من استئناف مبيعات ساعاتها الذكية، لكن من دون الميزة الطبية التي كانت تُعد من أبرز نقاط القوة التسويقية للجهاز.

إلا أن هذه الخطوة لم تكن سوى حلًا مؤقتًا، إذ عادت الشركة مؤخرًا لتطرح "ميزة أكسجين الدم المُعاد تصميمها"، في خطوة أثارت حفيظة ماسيمو من جديد.

الميزة الجديدة: بين التقنية والتحايل

الميزة المحدثة التي أطلقتها آبل تعمل بطريقة مختلفة، حيث تُجري الساعات عملية جمع البيانات من مستشعراتها الداخلية، لكن عملية الحساب والمعالجة الفعلية للقياسات تُنقل إلى أجهزة iPhone المقترنة. بعد ذلك، يمكن للمستخدمين عرض النتائج في تطبيق "الصحة" ضمن قسم "الجهاز التنفسي".

وقد بررت آبل هذه الخطوة بقولها إن التحديث "مُفعل بموجب قرار جمارك أمريكي حديث"، ما يعني أن الشركة حصلت على موافقة رسمية لإعادة تقديم الخدمة بشكل قانوني.

ماسيمو ترد: قرار غير عادل وتجاوز للسلطات

من جانبها، رفضت ماسيمو هذا التفسير واعتبرت أن هيئة الجمارك تجاوزت صلاحياتها، إذ لم يتم إشعارها مسبقًا بالقرار، وهو ما يُخالف الإجراءات المعتادة التي تتطلب الاستماع إلى كلا الطرفين قبل إصدار مثل هذه القرارات.

وفي دعواها القضائية الجديدة، طالبت ماسيمو المحكمة بوقف تنفيذ قرار الجمارك فورًا، وعدم السماح باستيراد أو بيع ساعات آبل المزودة بهذه الميزة إلا إذا كانت وظيفة تتبع أكسجين الدم مُعطلة تمامًا.

وقالت الشركة في بيانها: "كل يوم يمر من هذا القرار غير القانوني يُحرم ماسيمو بشكل لا رجعة فيه من حقها في التحرر من الممارسات التجارية غير العادلة والحفاظ على مكانتها التنافسية في السوق الأمريكية."

تداعيات الخلاف: صناعة التكنولوجيا تحت المجهر

الخلاف الحالي لا يمثل مجرد نزاع تجاري بين شركتين، بل يسلط الضوء على التداخل المعقد بين التكنولوجيا الطبية والأجهزة الذكية. ففي الوقت الذي تسعى فيه شركات التكنولوجيا الكبرى إلى إدماج ميزات صحية متطورة في منتجاتها لتعزيز مبيعاتها، تجد الشركات الطبية المتخصصة نفسها أمام تحديات حماية ابتكاراتها من الاستغلال.

ويرى محللون أن استمرار النزاع بين ماسيمو وآبل قد يعيد تشكيل ملامح سوق الأجهزة القابلة للارتداء، خاصة مع تزايد التنافس على تطوير ميزات الصحة الرقمية. كما قد يضع الجهات التنظيمية الأمريكية أمام مسؤولية أكبر لموازنة حماية براءات الاختراع مع تشجيع الابتكار التكنولوجي.

بينما تؤكد آبل أنها تعمل ضمن الأطر القانونية وتبتكر حلولًا تقنية لإعادة تقديم خدماتها، تصر ماسيمو على أن ما يحدث انتهاك صارخ لحقوقها. ومع دخول هيئة الجمارك الأمريكية على خط الأزمة، يبدو أن القضية لن تُحسم قريبًا.

ما بين سعي آبل للحفاظ على ريادتها في سوق الساعات الذكية، وإصرار ماسيمو على الدفاع عن ابتكاراتها الطبية، يبقى المستخدم النهائي هو المتأثر الأكبر، في انتظار ما ستسفر عنه المعركة القانونية المقبلة.