بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فى الحومة

سعد وسهام اللئام

كان الثالث والعشرون من أغسطس عام ١٩٦٥ ذكرى مرور ٣٨ عاما على رحيل الزعيم خالد الذكر سعد زغلول الذى وفته المنية فى ٢٣ أغسطس ١٩٢٧ وبكت عليه مصر بأسرها، فلقد كان سعد رمزا وقيمة وطنية عشقته الجماهير لمواقفه العديدة وشجاعته الفائقة وحبه لتراب هذا الوطن وتأبى الاقدار فى هذا اليوم ألا تمر تلك الذكرى إلا بلحوق الحبيب بحبيبه فيتوفى الزعيم الثانى مصطفى النحاس الذى كان من أقرب المقربين لسعد زغلول وساعده الأيمن ورافق النحاس سعد إلى جزيرة سيشل فى ١٩٢١ وتوطدة تلك العلاقة فى المنفى ووصفه سعد بأنه مناضل وطنى مخلص فى غاية الوفاء والذكاء، وكان النحاس يرى سعد زغلول مصلحا اجتماعيا ومفكرا سياسيا ومجاهدا وطنيا، وذكر فى رثاءه أن مصر فقدت زعيمها وممثلها كما فقدت الإنسانية واحدا من من أنبغ أبنائها، والحقيقة الراسخة التى لا جدال فيها هى زعامة سعد زغلول، فهناك إجماع شعبى غير مصطنع منقطع النظير فلم يختلف عليه أحد فى الداخل والخارج فلقد أشار المهاتما غاندى الزعيم الهندى إلى تأثره بالزعيم سعد زغلول والحركة الوطنية المصرية وقال إن سعد هو أستاذى فى الوطنية وأستاذ كل الحركات الوطنية الجديدة، كما إنه نجح فيما فشلنا فيه فقام بتوحيد الأقباط والمسلمين وفشلنا فى توحيد الهندوس والمسلمين، ورد سعد بأن هذا وسام ممن يملك منح الوسام، ولقد كان العقاد معجبا بشخصية سعد ووصفه بأنه يمتلك بلاغة وسعة اطلاع وتواضعًا ممزوجًا باعتزاز بالنفس بالإضافة إلى عزيمته وصلابته فى الحق، ولا يخفى على أحد المسيرة الحافلة لسعد فى مواقفه الوطنية ومعاركه السياسية فلقد كان من أبناء الطبقة الوسطى وتعلم بالكتاتيب والتحق بالأزهر وتتلمذ على يد جمال الأفغانى ومحمد عبده وعمل بالصحافة والتحق بنظارة الداخلية ثم عمل بالمحاماة ثم عين وزيرا للمعارف وخاض أكبر تحدى ضد الإنجليز فى إصراره على تمصير التعليم خلافا لخطة الإنجليز فى تعميم التعليم بالإنجليزية وذهب شهرين فى مركب مرورا على بلدان الصعيد.

وضم الكتاتيب إلى التعليم الرسمى ونجح فى استعادة اللغة العربية إلى المدارس، وهذا الأمر لم يكن من السهولة بمكان وكان استمراره فى منتهى الخطورة على الهوية المصرية وعندما تولى وزارة العدل أنشأ مدرسة القضاء الشرعى وخاض معارك مع الخديوى ومع الإنجليز لرغبته فى تحقيق العدل والإنصاف، واتفق الخديوى وكتشنر على الإطاحة بسعد مما جعله يتقدم بالاستقالة المسببة التى ذكر فيها أن الخديوى يضع العراقيل أمام أدائه فى الوزارة وفى عام ١٩١٨ بعد نهاية الحرب العالمية الأولى قرر سعد ورفاقه مقابلة المندوب السامى البريطانى السير وينجيت والسماح لهم بالسفر إلى مؤتمر الصلح فى باريس لعرض قضية استقلال مصر وعندما رفضت السلطات البريطانية طلبهم بدأوا فى جمع التوكيلات من كافة أفراد الشعب وفى مارس ١٩١٩ قامت السلطات بنفى سعد زغلول وثلاثة من رفاقه إلى جزيرة مالطة وكان هذا القرار هو الشرارة التى أشعلت ثورة هائلة فى ربوع مصر فقام جميع أطياف الشعب بالتظاهر، يطالبون بعودة سعد ورفاقه فاضطر الإنجليز إلى إطلاق سراحهم وذهابهم إلى باريس وحصلت مصر بمقتضى تصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢ على الاستقلال وقام سعد فى ١٩٢٤ بتشكيل أول حكومة شعبية منتخبة، وزعامة سعد لا يختلف عليها أحد وكتب عنه المفكرين والكتاب سجلا حافلا بأحرف من نور وما يتناوله البعض من كلمات مسمومة طعنا فى زعامة وطنية فريدة بالقول إنه كان مقامرا هذا محض افتراء فلقد كان سعد مهابا ولم يكن مهزارا وكان جادا وملتزما أما القول بأنه باع الكثير من أرضه فهذا دليل نزاهة وطهارة اليد وهذا نتيجة التنكيل به وكانت مصروفاته أكبر من دخله ولو كان كذلك فما أكثر أعدائه السياسيين، وكما قال سعد نحن لسنا محتاجين إلى كثير من العلم بل إلى مزيدا من الأخلاق الفاضلة.. وللحديث بقية.