الهدهد
يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ!
رأى نوح عليه السلام امرأة تبكي ولدها، فسألها: “لماذا تبكين؟”، فقالت:“مات وهو في عز شبابه ولم يعش إلا300 سنة فقط !”. فتعجّب نوح وقال لها بقصد التخفيف عن حزنها “فماذا لو عِشتِ في أمةٍ أعمارها لا تتجاوز الستين؟”.
قالت:اهناك من يعيش للستين عاماً فقط؟
قال: نعم.
قالت: وهل هناك منهم من يعصي الله في هذه المدة القصيرة؟
قال: أغلبهم عاصون لله.
قالت: وهل يتهافتون على حب الدنيا وهي مجرد أيام؟
قال: نعم، همهم الوحيد حب الدنيا والقليل من يفكر بالآخرة.
قالت: وهل يتجادلون فيما بينهم على أمور بسيطة؟
قال: وبل يتقاتلون على أتفه الأمور.
قالت: وهل يبنون أكواخًا لهم وأعمارهم بتلك الفترة القصيرة؟
قال: بل يعمرون القصور لمئات السنين ثم يتركونها ويرحلون.
قالت: يا ويلتي، لو كنت بدل تلك الأمة لقضيت عمري تحت ظل شجرة، ولابنين بيتي على شفير القبر، وبقيت عمري كله سجدة .
بغض النظر عن مدي صحه هذّه القصة التي لم تثبت في كتب السنة أو التفاسير، لكن يرددها الدعاه للعظة والمقارنة والبحث في أسباب إطالة أعمار الأمم السابقة وقصر أعمار أمة محمد صلي الله عليه وسلم
وبعيداً عن التغير والتطور الذي طرأ على جنسنا البشري، في الشكل والحجم والطول سواء كان عالمياً أو إقليمياً نتيجة للعديد من الأسباب.
استوقفني قول المرأة التي تبكي ابنها الذي مات في عز شبابه ولم يتجاوز الـ300 سنة فقط !
سرحت وقرأت وقارنت بين أعمار الأنبياء في القرون السابقة وبين قصر أعمار البشر في زماننا هذا ..
فتذكرت قول الله تعالى عن نوح:
{فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا}
أي أنه قضى 950 عامًا في الدعوة وحدها، وآدم عليه السلام: قارب الألف سنة.اما خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد ﷺ: توفي و 63 عامًا فقط.
وما بين سيدنا آدم وسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام
عاش البشر مئات السنين وكان احدهم يعمر ألف سنة وطوله ستون ذراعا وأكثر أو اقل ..،"
كما ثبت في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: «خلق الله آدم وطوله ستون ذراعًا… فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن».
وفسر الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قوله “حتى الآن”، أي: أن كل قرن يكون نشأته في الطول أقصر من القرن الذي قبله، فانتهى تناقص الطول إلى هذه الأمة واستقر، كما كان أعمار البشر وأبدانهم وأرزاقهم أضعاف اليوم، وكانت حبة القمح بحجم قلب البقرة، والرمانة يحملها عشرة. ولكن تلك الأمه بطرت واستكبرت وعصت وأعرضت عن طاعه الله.
ولكن ما الحكمة في أن جعل الله أعمار أمة محمد أقصر من الأمم السابقة؟!!!
كما جاء بالحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك.
اختلف العلماء حول الأسباب، منهم من قال:
الأمم السابقة مُنحت أعمارًا طويلة وأجسادًا عظيمة وأرزاقًا وفيرة، لكن كثيرًا منهم بطروا واستكبروا.
وهذه الأمة أُعطيت أعمارًا قصيرة وأجسادًا أضعف وأرزاقًا أضيق، رحمة من الله حتى لا يطغوا
والبعض الآخر رأي أن قصر أعمارنا لئلا تطول وقفتنا في الحساب يوم الدين.
عن ابن عباس: ذُكِر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذلك وتمنى ذلك لأمته، فقال: يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارًا وأقلها أعمالًا؟ فأعطاه الله ليلة القدر، فقال سبحانه: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
وتبقّي الحكمه الإلهية من طول أعمار الأمم السابقة وقصر أعمارنا لا يعلمها إلا الله ..فله في خلقه شؤون..
ومع ذلك،و في هذه السنوات القليلة الني نحياها يمكن للعبد أن يبلغ منازل عليّة بالعمل الصالح والنية لا بالمؤامرات وزرع الفتن والمعاصي
فليست العبره بطول العمر ولا بعِظم الجسد، وإنما بما يُعمَّر به العمر. ولهذا قال بعض السلف:
“العمر الحقيقي هو عمر الطاعة، أما ما ضاع في الغفلة فليس من العمر في شيء”.
[email protected]