رانيا يحيى… بصمة مصرية فى قلب روما تستحق الاستمرار

منذ اللحظة الأولى لتولى الدكتورة رانيا يحيى رئاسة الأكاديمية المصرية للفنون فى روما فى أكتوبر الماضى، بدا واضحًا أن الأكاديمية على موعد مع انطلاقة جديدة، تعيد تقديم الهوية الثقافية المصرية للعالم فى صورة أكثر إشراقًا وحيوية.
ففى فترة وجيزة، نجحت يحيى فى إحداث حراك ثقافى متنوع، جعل من اسم الأكاديمية المصرية حاضرًا بقوة على الساحة الدولية. أقامت أكثر من 34 فعالية فنية بالجهود الذاتية، اصطحبت نجومًا من مصر ومن إيطاليا وأوروبا لتقديم احتفالات وإقامة معارض وندوات مختلفة وفى مجالات متعددة، البداية كانت من خلال الفعالية الكبرى التى حملت عنوان «هيا بنا إلى مصر»، والتى نظمتها بالتعاون مع السفارة المصرية فى روما، وظهرت كجسر فنى وثقافى شامل، نقل للجمهور الأوروبى ملامح الهوية المصرية الأصيلة من موسيقى ورقص وفنون بصرية.
ولم تتوقف عند ذلك، بل استطاعت أن تربط الأكاديمية بتاريخ الفن العالمى عبر إحياء الذكرى 155 عامًا على تأليف أوبرا «عايدة» وهى الاحتفالية التى جمعت أصواتًا عالمية بارزة مثل السوبرانو كاترين ماتاندازا من مدغشقر، والميتزو سوبرانو كاميل جيمينيز من فرنسا، والتينور المصري - الإيطالى جورج وليس، بمصاحبة العازفة الإيطالية مارينا تشيسارلى، لتقدم الأكاديمية حدثًا عالميًا بكل المقاييس، وغيرها من الحفلات التى جمعت أصواتًا من مصر وإيطاليا وروما، قدمت لأول مرة خارج مصر فرقة النور والامل للمكفوفين وجابت الأرض لكى تحصل على رعاة للحفلات فى ظل الأزمة المادية التى تعانى منها وزاره الثقافة، ورغم ذلك لم تفعل كسابقيها وتقف مكتوفة الأيدى منتظرة الدعم المادى، لكن استخدمت علاقتها كشخصية معروفة ومحبوبة فى العالم وفى مصر لتقيم احتفالات دون أن تكلف الوزارة أى تكاليف، فأقامت سهرات للتهامى لأول مرة فى حفل صوفى وجمعت الشخصيات العامة فى إيطاليا ليستمتعوا بالفن المصرى، أليس هذا جزءًا أساسيًا من دور الأكاديمية عالميًا.
أما على الصعيد العربى، فقد جمعت الأكاديمية السفراء العرب فى لقاء مهم تحت شعار «الأكاديمية المصرية... الحضارة العربية»، بالتعاون مع السفيرة إيناس مكاوى، بهدف توحيد الجهود الثقافية وتعزيز الهوية العربية من قلب أوروبا، وهو ما لاقى إشادة واسعة من الحضور من خلال هذه الخطوات، وغيرها من الندوات الخاصة بالمرأة والملكية الفكرية وغيرها الكثير والكثير، وفعاليات مختلفة مثل «الفلكلور على شاطئ المتوسط»، والتى استضافت خلالها فرانشيسكو بيرافاتو وفرقة الفلكلور الإيطالية «لى دانسى دى بياتزا فيتوريو»، وغيرها من الفعاليات ذات الجنسيات المختلفة، حتى صنعت لغة مصرية إيطالية أوروبية وصلت بها لكل جمهور أوروبا.
على مدار 5 أعوام عانت الأكاديمية المصرية بروما من حالة هدوء شديد بسبب تداعيات جائحة كورونا، ولكن منذ عام واحد فقط، بدأنا نسمع عن حالة حراك كبيرة دائمًا بالأكاديمية التى تعتبر من أهم المؤسسات الثقافية فى أوروبا، بل الأكاديمية المصرية الوحيدة خارج الإطار الجغرافى المصرى التى تتبع وزارة الثقافة، ولذلك يجب أن تكون دائمًا منارة تُشع فنًا وثقافةً وحضارة.
استثمرت رانيا يحيى العام الأول من ولايتها فى التعريف بالفن والثقافة المصرية وإقامة جسور تعاون دولية، واضعة خططًا لعقد شراكات مع منظمات عالمية، رغم محدودية الميزانية التى تواجهها الأكاديمية، حتى تحقق أملها وهدفها أن تصبح الأكاديمية أهم مؤسسة تمثل وزارة الثقافة المصرية فى الخارج، وأن تكون منارة حقيقية لمصر وبؤرة إشعاع ثقافى وحضارى وفنى يدعم الدبلوماسية الثقافية، ويؤكد تعزيز الدولة للفن والإبداع فى الخارج، ومن هذا المنطلق وضعت خطة طموحة لتنظيم فعاليات تُقدّم لأول مرة فى روما، إلى جانب توقيع بروتوكولات وتعاونات مع العديد من الجامعات والمعاهد العلمية، بما يتيح تبادل الثقافات وتعزيز الحضور المصرى دوليًا.
اليوم، وبعد هذه النجاحات الملموسة، يظل السؤال الأبرز: ألا تستحق الدكتورة رانيا يحيى فترة جديدة لاستكمال ما بدأته؟
الإجابة تبدو واضحة أمام كل من تابع إنجازاتها: نعم، فهى بالفعل بصمة مصرية مضيئة فى قلب روما، وتجربة جديرة بالاستمرار.