بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

سيناريوهات مستقبل محادثات السلام بين «زيلنسكى» و«بوتين»

«ترامب» يطرح مراقبة أوكرانيا.. ويصطدم مع أوروبا

بوابة الوفد الإلكترونية

أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن القوات الجوية الأمريكية على استعداد لمراقبة سماء أوكرانيا من أجل ضمان السلام، مؤكدًا فى تصريحاته أن الضمانات الأمنية الأمريكية لن تشمل نشر قوات أمريكية على الأرض بمجرد التوصل إلى اتفاق سلام. ومن المرجح أن يتضمن الدعم الأمريكى إرسال طائرات وصواريخ تُطلق من دول مجاورة. فيما كشفت صحيفة التلغراف أن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى يجهزان لعقوبات جديدة ضد روسيا، يمكن تفعيلها إذا رفض بوتين المشاركة فى المحادثات الثلاثية مع زيلينسكى وترامب. مصدر حكومى بريطانى كبير قال: «إذا اختار بوتين التأجيل أو المراوغة أو رفض الحوار، فهذا سيعطى دفعة جديدة لفرض العقوبات». زيلينسكى نفسه دعا قبل رحلته إلى واشنطن إلى فرض العقوبات إذا رفض بوتين حضور القمة الثلاثية، بهدف زيادة الضغط على موسكو وإجبارها على الموافقة على الاجتماع.

فيما أوضحت مصادر حكومية أوروبية أن بوتين لم يبد استعداده للقاء ترامب فى ألاسكا إلا بعد أن فرضت واشنطن عقوبات على الهند بسبب استمرارها فى شراء النفط الروسى منخفض السعر. وفى سياق متصل، أفادت تقارير إعلامية بأن نحو عشر دول أوروبية مستعدة لإرسال قوات إلى أوكرانيا كجزء من ترتيبات الضمانات الأمنية بعد أى اتفاق سلام. وذكرت وكالة بلومبرغ أن مسئولين أوروبيين أعدوا خطة لنشر «قوة طمأنة» متعددة الجنسيات لردع أى عدوان روسى جديد، فى انتظار موافقة ترامب. وتشمل المرحلة الأولى نشر قوات أوروبية ــ من ضمنها مئات الجنود البريطانيين والفرنسيين ــ بعيدًا عن جبهات القتال، لتقديم الدعم فى مجالات التدريب والتعزيزات، فيما تتضمن المراحل التالية مشاركة أمريكية عبر تبادل المعلومات الاستخباراتية ومراقبة الحدود وتوفير الأسلحة وربما أنظمة دفاع جوى. ولا تزال تفاصيل حجم ودور هذه القوة قيد البحث، مع توقعات بحسمها خلال أيام.

أما صحيفة نيويورك تايمز فقد رأت أن أكثر النتائج ترجيحًا بعد مشهد المحادثات غير المسبوق بين ترامب وبوتين الأسبوع الماضى، وبين ترامب وزيلينسكى بمشاركة القادة الأوروبيين، هو استمرار عقد المزيد من الاجتماعات. ترامب نفسه أكد أن أولويته الأساسية تنظيم لقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكى لإنهاء الحرب، مبدياً استعداده للانضمام إلى محادثات لاحقة لتسوية القضايا العالقة. لكن زيلينسكى، عقب خروجه من المكتب البيضاوى، اختصر النقاش بقوله: «لا يزال هناك الكثير من العمل الذى يتعين القيام به»، مشيرًا إلى أن قضية الضمانات الأمنية هى محور العملية.

وفيما يتعلق بتوقيت اللقاء المرتقب بين بوتين وزيلينسكى، صرحت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، بأن بوتين وافق مبدئيًا على عقد لقاء مع زيلينسكى خلال الأسابيع المقبلة فى إطار عملية السلام، بينما يعمل مجلس الأمن القومى الأمريكى على وضع هيكل لها. غير أن تصريحات بوتين السابقة، التى ربط فيها عقد الاجتماع بالانتهاء من صياغة تفاصيل معاهدة السلام أولًا، لا تزال تلقى بظلال من الشك. الإعلام الروسى الرسمى قلّل من أهمية أى لقاء محتمل، فيما شدد وزير الخارجية سيرغى لافروف على أن مثل هذا الاجتماع يحتاج إلى تحضيرات معقدة، بينما أشار مساعد لبوتين إلى أن الزعيم الروسى اتفق مع ترامب فقط على رفع مستوى التمثيل فى المحادثات المقبلة مقارنة بالجولات السابقة. زيلينسكى أبدى استعداده لأى صيغة تفاوض، لكنه شدد على ضرورة الضغوط الأمريكية لإقناع بوتين بالحضور. أما بوتين فأعاد التأكيد على أن أوكرانيا «دولة غير قابلة للاستمرار»، واعتبر زيلينسكى محاورًا غير جدير بالثقة، بينما وصفه لافروف باستخفاف بأنه مجرد «شخصية» و«رجل».

وعن الخطوط الحمراء لبوتين، يصر منذ البداية على أن أوكرانيا أداة غربية لتقويض روسيا، وأن «القضاء على الأسباب الجذرية» للحرب شرط لإنهائها. هذه «الأسباب» تعنى منع انضمام كييف إلى الناتو، ووقف تمدد الحلف نحو دول الاتحاد السوفيتى السابق، وضمان ضم الأراضى الشرقية ذات الأغلبية الروسية، ومنع الجيش الأوكرانى من تهديد روسيا، والتأكد من أن الحكومة الأوكرانية ليست معادية لموسكو. وعلى الرغم من فشل الجيش الروسى فى تحقيق هذه الأهداف ميدانيًا، إلا أن بوتين يحاول تثبيتها عبر المفاوضات مستفيدًا من سيطرة بلاده على نحو 20% من الأراضى الأوكرانية.

أما فى حال انهيار المحادثات، فترامب الذى وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب فى 24 ساعة، اعترف مؤخرًا بصعوبة المهمة، فيما يرى محللون أنه قد يتراجع عن وعوده، إلا أن طموحه فى نيل جائزة نوبل للسلام يبقيه منخرطًا.

كما قدّم المحلل والكاتب الأمريكى توماس فريدمان قراءة نقدية لهذه التطورات، واعتبر أن مزيج رغبة ترامب فى إنهاء الحرب وأسلوبه الارتجالى والمشحون بالغرور يثير القلق. فريدمان لاحظ أن زيلينسكى كرر شكر ترامب 15 مرة خلال أربع دقائق فقط، فى مؤشر على أن القادة الأوروبيين والأوكرانيين يضطرون لاستثمار جهد كبير لإرضاء الرئيس الأمريكى وتفادى غضبه قبل التفكير فى كيفية مواجهة بوتين. وأضاف أن ترامب لا يفهم طبيعة الحرب، ولا يشارك التحالف الغربى قيمه الأساسية فى الديمقراطية وسيادة القانون. بالنسبة له، الناتو مجرد «مركز تجارى» يديره، والاتحاد الأوروبى منافس اقتصادى يريد كبحه.

فريدمان أشار إلى أن ترامب يبالغ فى ثقته ببوتين، مستشهدًا بمبعوثه الخاص ستيف ويتكوف، الذى تحدث فى مقابلة مع تاكر كارلسون عن لقاءاته بالرئيس الروسى ونقله هدية شخصية عبارة عن لوحة لترامب رسمها فنان روسى، واعتبر بوتين شخصًا «ليس سيئًا». ترامب نفسه، خلال لقائه القادة الأوروبيين، أسرّ لماكرون عبر ميكروفون مفتوح أنه يعتقد أن «بوتين يريد عقد صفقة من أجله»، فى إشارة تكشف مدى انخداعه. فريدمان تساءل: «هل هناك دبلوماسى أمريكى واحد أو محلل فى الـCIA يدعم هذه الرؤية؟ بالتأكيد لا».