بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

صواريخ

الحركة الوطنية.. وسيادة الأمة

فى شهر أغسطس رحل عن عالمنا ثلاثة زعماء وطنيين، كان لهم أثر بالغ فى تاريخ الحركة الوطنية المصرية، وتركوا  إرثًا عظيمًا تفخر به هذه الأمة على شتى المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وإذا كانت الحركة الوطنية يؤرخ لبدايتها عقب الاحتلال البريطانى لمصر عام 1882، وتطورت على مراحل مختلفة سعيًا لتحقيق الاستقلال والسيادة لمصر، فإن ثورة 1919 قد شكلت نقطة التحول الرئيسية والفارقة فى تاريخ الأمة والحركة الوطنية المصرية وامتدت آثارها إلى جميع دول العالم، وتحول الزعيم سعد زغلول إلى شخصية ملهمة وقدوة لكل حركات التحرر الوطنى فى العالم، إلى حد أن الزعيم الهندى غاندى سار على خطى ودرب سعد، وقال إنه استاذى وقدوتى وهو ليس للمصريين وحدهم، ولكن لنا وللعالم أجمع.. وإذا كان سعد زغلول قد أسس للقيم الوطنية الأصيلة فى المجتمع المصرى، ورسخ لمفهوم الدولة الوطنية والهوية المصرية، وبناء دولة المواطنة على أسس راسخة سواء بتحرير المرأة المصرية أو بالوحدة الوطنية بمفهومها الواسع وتحرير الاقتصاد الوطنى وحق التعليم للجميع.. فإن عبقرية سعد زغلول، تكمن فى أنه اكتشف الحلقة المفقودة فى عجز مصر عن تحقيق الاستقلال، ألا وهى - قوة الجماهير - وضرورة إشراك الشعب فى المعادلة السياسية.

يقول العقاد فى كتابه - سعد زغلول.. سيرة وتحية - الذى صدر فى الذكرى التاسعة لوفاة زغلول عام 1936، إن هذا الزعيم الفذ، كان ابن الأمة بحق وقاد تيار الحركة الوطنية على أسس وقيم راسخة بدءًا من عملية - التمصير - فى شتى مناحى الحياة، وعندما تولى وزارة المعارف - التعليم - عام 1906 قرر أن يكون التعليم باللغة العربية بدلاً من اللغة الإنجليزية، بهدف استقلال الشخصية المصرية والإحساس بالوطنية، وعندما تولى وزارة الحقانية - العدل - رسخ لإعلاء القانون، وجعل المحاكم الملاذ الآمن للضعفاء والمظلومين ورد الحقوق لأصحابها، وبعد أن فاز بوكالة الجمعية التشريعية - البرلمان - اتخذ الطريق الثورى الشعبى سبيلاً للخلاص من التبعية العثمانية والحماية البريطانية، وحققت ثورة 19 الاستقلال الوطنى عندما أعلنت بريطانيا العظمى فى 28 فبراير عام 1922 عن أن مصر دولة مستقلة ذات سيادة، وصدق البرلمان البريطانى على هذا القرار، وبعد إقرار دستور 1923، واكتساح الوفد مقاعد البرلمان، وترأس سعد زغلول حكومة الشعب فى عام 1924، أسس لمبدأ جديد وهو أن الأمة مصدر السلطات، حتى غادر عالمنا فى 23 أغسطس عام 1927، وتولى خليفته مصطفى النحاس قيادة الوفد والحركة الوطنية، واستكمل عملية الإصلاح وإصدار التشريعات لحماية حقوق العمال ومجانية التعليم ودعم الصناعة الوطنية، إلا أن وجود قوات بريطانية فى مدن القناة بزعم حماية المجرى الملاحِ العالمى، كان أكثر ما يؤرقه، فعقد اتفاقية 1936 مع بريطانيا لترسيخ السيادة المصرية، وعندما ماطلت بريطانيا فى سحب قواتها، ألغى الاتفاقية فى عام 1951، وأطلق يد الفدائيين المصريين ودعمهم بالسلاح، وعندما فاضت روحه فى 23 أغسطس عام 1965، كانت جنازته شاهدة على وطنية هذا الزعيم الذى أطلق عليه المصريون - نبى الوطنية- أما الزعيم فؤاد سراج الدين الذى عايشته عن قرب منذ عام 1984 وحتى رحيله فى 9 أغسطس عام 2000، فكان رجلاً سياسيًا فذًا سواء فى فترة حكم الوفد وتوليه حقائب 5 وزارات كان آخرها وزارة الداخلية، وقيامه بدعم الفدائيين، وصولاً إلى معركة الاسماعيلية الشهيرة فى 25 يناير 1952 - عيد الشرطة المصرية الباسلة-، ثم صلابته النادرة فى مواجهة كل المحاكمات والتنكيل والتشهير، التى لم تثنه عن إعادة الوفد فى عام 1978، وتجميده 6 سنوات ثم إعادته فى عام 1984 لإثراء الحياة السياسية فى مصر ودعم الدولة المصرية فى شتى قضاياها الوطنية.. رحم الله زعماء الأمة سعد والنحاس وسراج الدين.

حفظ الله مصر