بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

حكاية وطن

حدث فى الغرفة الثانية

تعتبر مصر من أوائل الدول فى العالم معرفة لمفاهيم الحياة النيابية، حيث يعود التاريخ النيابى المصرى القديم إلى قرابة قرنين من الزمان، منذ عام 1824، عندما تم إنشاء المجلس العالى فى 27 نوفمبر من هذا العام، واستمرت الحياة النيابية فى مصر بإنشاء مجلس المشورة عام 1828، ثم أنشئ مجلس شورى الدولة عام 1854، كما أنشئ مجلس شورى النواب عام 1866، ثم مجلس شورى القوانين عام 1883، ثم الجمعية التشريعية عام 1913، وخاض الزعيم سعد زغلول انتخاباتها، ونجح فى دائرتين وكان لأعضائها حق توجيه الأسئلة إلى النظار.

إلى أن توقفت الحياة النيابية فى مصر بسبب الحرب العالمية الأولى، لتعود بعدها بصدور دستور 1923، وقد خص المجلس النيابى بغرفتيه «مجلس النواب ومجلس الشيوخ»، وتعيين عدلى يكن رئيساً لمجلس الشيوخ، وقد تعرض المجلس للحل أكثر من مرة، ثم جاء دستور 1930، الذى أكد ازدواج المجلس النيابى «النواب.. الشيوخ» ثم تقرر بعدها العودة إلى دستور 1923، بمجلسى «النواب والشيوخ»، واستمر الحال حتى الإعلان عن ثورة يوليو 1952، وبتاريخ 10 ديسمبر 1952، صدر الإعلان الدستورى بسقوط دستور 1923، وعادت بعدها الحياة البرلمانية بقيام «مجلس الأمة» بدستور 1956، وظل الحال كذلك بالدساتير المتعاقبة «58، 64، 1971» ووجود مجلس نيابى واحد وحزب سياسى واحد.

بدأت الانفراجة السياسية بعد حرب 1973، بالدعوة إلى التعددية الحزبية وحرية الصحافة، وإنشاء المحكمة الدستورية العليا، والدعوة إلى قيام مجلس نيابى من غرفتين فكانت التعديلات الدستورية عام 1980، وقد وكان ثلث أعضاء مجلس الشعب قد تقدموا بتاريخ 16 يوليو عام 1979، بثلاثة طلبات لتعديل الدستور وكان من بين التعديلات المقترحة «إضافة» عدد من المواد للدستور من بينها إنشاء مجلس الشورى وتحديد وتنظيم الصحافة كسلطة من سلطات الدولة.

بدأ مجلس الشورى جلساته فى نوفمبر 1980، بعد انتخاب ثلثى أعضائه وتعيين الثلث بقرار جمهورى وكان من بين المعينين فى أول مجلس شورى توفيق الحكيم وأمينة السعيد والشيخ الباقورى والشيخ الشعراوى وعبدالرحمن الشرقاوى ومحمد عبدالوهاب ومحمود المليجى وثروت أباظة وأنيس منصور وإبراهيم سعدة، وقد جمعت عضوية الشورى العلماء والحاصلين على جوائز الدولة والشخصيات العامة.

ومع ذلك تعرض «مجلس الشورى» للنقد والهجوم، لعدة أسباب منها الاختصاصات الاستشارية لمجلس الشورى وعدم جدواه فى الحياة السياسية، مما أدى إلى إهمال الاستفادة منه، وعدم عرض مشروعات القوانين عليه.

ثم جاءت تعديلات دستورية عام 2007، اتسعت بها دائرة اختصاصات مجلس الشورى، ليكون مجلساً نيابياً له سلطة تشريعية فى بعض المواد وأمهات القضايا. 

وعقب ثورة يناير 2011، وصدور إعلان دستورى 30 مارس 2011، كانت المادة 35، وما بعدها تؤكد وجود مجلس الشورى ليكون مجلساً نيابياً، المادتان 32 و35، والذى جرى انتخابه وتم تشكيله فى ظل دستور عام 2012، وبعدها قامت ثورة 30 يونيو عام 2013 ضد حكم الإرهاب، ثم صدور إعلان دستورى من رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور بتاريخ 6 يوليو عام 20133 بحل مجلس الشورى.

ثم بدأت رحلة اختفاء مجلس الشورى على يد لجنة العشرة، والتى أبدت وجود سلطة تشريعية مكونة من مجلس واحد بغرفة واحدة، وبعدها كانت لجنة الخمسين، وبعد مشاورات ومناورات سياسية أسفرت عن الإبقاء على مجلس واحد للسلطة التشريعية فى مصر، وهو مجلس النواب، وحددت مصير مجلس الشورى والعاملين به وأيلولة أصوله إلى مجلس النواب.

وفى المحطة الأخيرة لهذا التطور التاريخى للحياة البرلمانية كانت التعديلات الدستورية في أبريل 2019،  بعد مرور 5 سنوات على صدور دستور 2014، كان أهمها عودة الغرفة الثانية للبرلمان بمسمى «مجلس الشيوخ» إلى جانب مجلس النواب، وقد حددت التعديلات الدستورية اختصاصاته بصلاحيات تشريعية ورقابية محدودة، لكن ليس من بين صلاحياته سلطة إصدار التشريعيات والتى يختص بها «مجلس النواب».

لا شك أن الأخذ بنظام المجلسين ــ فى حد ذاته ــ يحقق كفاية وأداء المجالس النيابية وضم عناصر ذات كفاية عالية وحماية لكل منهما من أن تجور سلطة على أخرى. كما يحقق دراسة متعمقة للتشريعات وتأخذ العديد من الدول الديمقراطية بنظام المجلسين للاستفادة من الخبرات الموجودة فيهما مع وجود مغايرة فى اختصاص كل مجلس لمنع الازدواج.