بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مجلة "بوليتيكو":على مسئولي الاتحاد الأوروبي أن يروا بأنفسهم مأساة غزة

مأساة غزة
مأساة غزة

دعا مقال رأي نشرته مجلة "بوليتيكو" الأوروبية، في آخر عدد لها، مسئولو الاتحاد الأوروبي إلى رؤية المأساة التي يعيشها السكان في قطاع غزة المنكوب وأن يتفقدوا أحوال المجاعة والمرض والحرب التي باتت تُدمر كل ما تبقى من ملامح الحياة الإنسانية هناك .

وذكر المقال، الذي أعده مراسلو المجلة في القطاع ونُشر اليوم الثلاثاء، أن أكثر من 70 مسئولًا رفيع المستوى، من رؤساء دول إلى وزراء خارجية، زاروا كييف منذ اندلاع العمليات العسكرية الروسية هناك من منظور أن مثل هذه الزيارات تحمل دلالات وقيمة عملية ورمزية؛ فهي تعكس التضامن مع ضحايا الحرب وتساعد القادة على بناء مواقفهم السياسية استنادًا إلى حقائق ملموسة .

لكن، وعلى الرغم من النقاشات المحتدمة داخل الاتحاد الأوروبي حول ما إذا كان سلوك إسرائيل في غزة ينتهك اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل- وهي الإطار المنظم للعلاقات التجارية بين الجانبين- لم يقم أي وزير خارجية أوروبي بزيارة غزة لتقييم الكارثة الإنسانية بشكل مباشر. وهذا الغياب، بحسب ما نقلته المجلة عن خبراء، لا يعد فقط موقفًا مُخجلاً، بل يمثل أيضًا فرصة ضائعة لاستخدام النفوذ الأوروبي.

وأضاف المقال أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لإسرائيل، إذ يستحوذ على ثلث تجارتها العالمية، بينما لا تمثل إسرائيل سوى أقل من 1% من التجارة الخارجية للاتحاد. ومع تزايد عدد الدول الأوروبية التي ترى أن سلوك إسرائيل يخالف بنود الاتفاق، أصبح ملف العلاقة التجارية محل تدقيق ومراجعة.

وردًا على هذه الضغوط، سارعت إسرائيل إلى الإعلان عن خطوات لتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية في غزة، بما في ذلك زيادة عدد شاحنات الإغاثة ونقاط العبور وخطوط التوزيع، إلى جانب ضمان حماية عمال الإغاثة وإعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية.

لكن، ورغم هذه التعهدات، فإن الواقع الميداني لم يتغير بشكل ملموس؛ حسبما أكد المقال، فما زالت إسرائيل تمنع دخول معظم المساعدات، فيما تتسارع وتيرة الجوع داخل القطاع والأطفال يموتون بسبب سوء التغذية، بينما تحذر الأمم المتحدة من أن غزة تدخل فعليًا في "سيناريو المجاعة الأسوأ على الإطلاق".

وتابع المقال أن التزامات إسرائيل الجديدة تجاه الاتحاد الأوروبي ليست أكثر من مجرد لفتات فارغة إذا لم تراقبها أوروبا وتُطبّقها بفعالية.. وأعتبر أن تضامن الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023 بات يتحول الآن إلى تواطؤ مع فظائع الاحتلال في القطاع المنكوب.

وأشار إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة أسفر عن مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني، فضلًا عن تشويه عشرات الآلاف من الأطفال وقتل ذويهم، كما دفع الملايين نحو المجاعة. ودُمّرت البنية التحتية لغزة، من بين ذلك المدارس والمنازل والمستشفيات والتي أصبحت جميعها أنقاضًا. المساعدات الإنسانية محدودة ومتقطعة، حيث يعاني أكثر من نصف مليون شخص من ظروف أشبه بالمجاعة .

وأردف المقال أنه لا يوجد ما يشير إلى أي تحول كبير من جانب إسرائيل في الأسابيع التي تلت إعلان مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس عن اتفاق جديد بخصوص إدخال المساعدات ، فقد تسارعت وتيرة الوفيات الناجمة عن سوء التغذية في غزة مع استمرار إسرائيل في منع وصول معظم الغذاء والماء والمساعدات إلى المحتاجين.

وفي هذا الأسبوع وحده، أكدت الأمم المتحدة أنه منذ مايو 2025، قتل الجيش الإسرائيلي ما يقرب من 1400 فلسطيني في غزة كانوا يحاولون الحصول على الغذاء. ووُثِّقت وفاة ما يقرب من 200 شخص جوعًا، بينهم 96 طفلًا. كما ينعي الأطباء الناس وهم ينهارون في الشوارع من نقص الغذاء والماء. إنهم يكافحون لرعاية المرضى والمحتضرين، بينما يحاولون في الوقت نفسه إيجاد الطعام لأنفسهم ولأسرهم .

وتابع المقال أن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل لا يمكن أن يستمر شيكًا مفتوحًا لإفلات إسرائيل من العقاب. يجب على قادة أوروبا الإصرار على المساءلة والرقابة والتحقق لضمان وفاء إسرائيل بالتوقعات الأساسية للسلوك الإنساني.

ورأى أن إحدى الطرق البسيطة لتسهيل ذلك هي السماح لكبار المسئولين - بمن فيهم كالاس - بدخول غزة للاطلاع على الأوضاع بأنفسهم. ففي الواقع، ينبغي على قادة الاتحاد الأوروبي المطالبة بذلك ، إذا استطاعت إسرائيل تسهيل زيارة مسئولين أمريكيين كبار، كما فعلت في الأسابيع الأخيرة، فمن المؤكد أنها تستطيع أيضًا السماح بزيارة دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي..وفقًا للمقال، الذي أكد أن مصداقية الاتحاد الأوروبي وسلطته الأخلاقية باتت على المحك .

ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي ظل لشهور وعقود سابقة يتحدث عن أهمية حل الدولتين والحفاظ على إمكانية السلام وعن منع الفظائع الجماعية، لذلك يجب أن تقترن هذه الطموحات بالعمل .

وأعتبر أنه لحسن الحظ، تجلت بوادر تحرك، كان أولها في أواخر يوليو الماضي؛ حيث قالت كلاس في منشور لها:" إن قتل المدنيين الذين يطلبون المساعدة في غزة أمر لا يمكن تبريره. جميع الخيارات لا تزال مطروحة إذا لم تفِ إسرائيل بتعهداتها". ثم، في الشهر الماضي، حذرت المملكة المتحدة وفرنسا وكندا من أنها ستتخذ "إجراءات ملموسة أخرى" إذا لم توقف إسرائيل هجومها وترفع القيود المفروضة على المساعدات. حتى المستشار الألماني فريدريش ميرز أقرّ في مايو الماضي بأن أفعال إسرائيل في غزة "لم تعد تُبرَّر بالقتال ضد حماس". 

وأخيرًا، أكد مقال "بوليتيكو" أن جل هذه التصريحات مُرحب بها رغم أن "الكلمات وحدها لا تكفي".. حسب تعبيره.