بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مبادرة أم مناورة؟!

خفض الأسعار مهم.. ولكن الاستدامة أوقع

بوابة الوفد الإلكترونية

وسط جهود حكومية مستمرة لتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين، يظهر الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، ليؤكد ويصرح أنه قد حان الوقت ليشعر المواطن بثمار الإصلاح الاقتصادى من خلال انخفاض مستدام في أسعار السلع الأساسية، وخلال لقائه باتحادات الغرف التجارية، يشدد مدبولى على أن استقرار الاقتصاد وتوفير العملة الصعبة وتوافير المواد الخام يجب أن ينعكس مباشرة على حياة المواطن اليومية عبر انخفاض الأسعار.
تخفيضات ١٨٪
وفي إطار هذه التوجيهات، يعلن الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، بدء تنفيذ المرحلة الأولى من مبادرة خفض الأسعار رسميًا داخل المجمعات الاستهلاكية بجميع المحافظات، بتخفيضات تصل إلى 18% على عدد من السلع الأساسية، وتهدف المبادرة، التي تنفذ بالتعاون مع القطاع الخاص، إلى تعزيز المعروض من السلع، واستقرار الأسواق، وتخفيف آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على محدودي ومتوسطي الدخل، مع التوسع التدريجي في عدد السلع ونطاق التغطية خلال الفترة المقبلة.
مبادرة طفيفة
أما خبراء الاقتصاد فمنهم من يشكك فى تلك المبادرات ويصفها بالمناورة ومنهم من يؤكد طفيفة وغير كافية لطمئنة المواطن فمثلاً، الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي، يؤكد أن مبادرة الحكومة الأخيرة لخفض الأسعار، والتي تشمل تخفيضات تصل إلى 18% على عدد من السلع الأساسية، تمثل خطوة إيجابية تعكس حرص الدولة على تخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم، ولكن في الوقت نفسه هذه المبادرة، رغم أهميتها، قد لا تكون كافية بمفردها لإحداث تغير جوهري في القدرة الشرائية للأسر، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة وارتفاع تكاليف المعيشة.
تعزيز الإنتاج المحلى
وأوضح خضر لـ «الوفد»، أن استدامة تلك المبادرات مرهون بتحقيق توازن مدروس بين دعم السوق وضمان حرية آليات العرض والطلب، مشددًا على أن التأثير الإيجابي طويل المدى يتطلب إجراءات موازية تعزز من الإنتاج المحلي وتزيد المعروض من السلع، بما يحد من الضغوط التضخمية ويحقق استقرارًا في الأسعار.
القطاع الخاص
وأشار خضر إلى أن القطاع الخاص واتحادات الغرف التجارية يتحملان مسئولية كبيرة في إنجاح هذه الخطوة، عبر الالتزام الفعلي من قبل السلاسل التجارية الكبرى بتطبيق التخفيضات وإيصالها للمستهلكين بالشكل العادل والمعلن، كما نبه إلى أن الرقابة الحكومية على الأسواق تمثل عنصرًا حاسمًا في ضمان الالتزام بالأسعار الجديدة، لكنها وحدها لا تكفي ما لم تدعم بحوافز وتشجيع مباشر للمنتجين المحليين، بما يضمن استمرارهم في الإنتاج وتوفير السلع بجودة وأسعار مناسبة.
استراتيجية كاملة
واختتم الخبير الاقتصادي بتأكيده أن معالجة ملف الأسعار تتطلب استراتيجية اقتصادية شاملة، تدمج بين تدخل الدولة في ضبط السوق، ودور فاعل للقطاع الخاص، وخطط واضحة لدعم الإنتاج الوطني، بما يسهم في تحقيق استقرار اقتصادي مستدام ويعزز القدرة الشرائية للمواطن، ويضمن تحسين جودة الحياة على المدى الطويل.
ضبط محدود
وعلى جانب آخر، ورغم التراجع المعلن في أسعار بعض السلع، فإن شريحة كبيرة من المواطنين ترى أن الانخفاض لا يزال محدودًا ولا ينعكس بوضوح على مجمل نفقاتهم الشهرية، فبينما شهدت بعض السلع الغذائية انخفاضًا نسبيًا، لا تزال أسعار اللحوم، والأسماك، والخضروات في مستويات مرتفعة.
رقابة صارمة
تقول هالة عبد الفتاح، موظفة حكومية: «بالفعل لاحظت تراجعًا بسيطًا في أسعار الزيت والأرز، لكن أسعار اللحوم والفواكه والخضروات ما زالت مرتفعة، نحتاج إلى رقابة أوسع تشمل جميع القطاعات».
انخفاض موسمي
ويؤكد أحمد عبد اللطيف، موظف في القطاع الخاص، أن التراجع الحالي قد لا يدوم إذا لم يتم تثبيت الأسعار على المدى الطويل، وتابع: «نخشى أن تكون هذه الانخفاضات مؤقتة، نحتاج إلى حلول جذرية تضمن استقرار السوق، وليس مجرد حملات موسمية».
بناء الثقة
وفي ضوء ما سبق، يتضح أن مبادرة الحكومة لخفض الأسعار تمثل خطوة أولية مهمة على طريق تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين، لكنها تحتاج إلى دعم مستمر وتكامل حقيقي بين مختلف أطراف السوق من قطاع خاص، وجهات رقابية، ومنتجين محليين، فاستدامة هذه الجهود لا تتحقق فقط من خلال التخفيضات المؤقتة، بل عبر بناء منظومة اقتصادية متماسكة توازن بين حماية المستهلك وتعزيز الإنتاج المحلي، ومن هنا، فإن النجاح الحقيقى يكمن في تحويل هذه المبادرات من إجراءات وقتية إلى سياسات طويلة الأمد تترجم بشكل ملموس فى حياة المواطن اليومية، وتعيد بناء الثقة بين الدولة والمواطن.